أجواء رمضانية في بنغلاديش

تحتل جمهورية بنغلاديش الشعبية مكانة مرموقة بين الدول المسلمة في العالم، نظرًا لأغلبيتها المسلمة الساحقة وأجوائها الدينية الخالصة، إضافةً إلى قلوب أهلها الصافية والخاشعة. حتى إن الزوار والمشاهدين ليعجبون من بساطة عيشهم الهانئ، الممزوج بالالتزام بآداب الإسلام الفاضلة، والتخلق بالأخلاق النبوية النبيلة، والتحلي بالسنن المثالية.

استقبال رمضان بحفاوة عظيمة

يستقبل شعب بنغلاديش شهر رمضان المبارك بحفاوة عظيمة وتحايا إيمانية خالصة، مرددين الدعاء المأثور عند رؤية الهلال:
“اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله”.
تستقبل الأرض والسماء هذا الشهر استقبالاً حارًّا يليق بمكانته، فيصومه الشعب ويقومه إيمانًا واحتسابًا، ويفطرون ويتسحرون بجد ورغبة وشوق ومحبة. فهم صائمون من أول يوم، وقائمون من أول ليلة، يصومون نهارًا ويقومون ليلاً، كأنهم “رهبان بالليل وفرسان بالنهار”، لا يثنيهم عن ذلك من يحاول تثبيط عزيمتهم، ولا يذلهم من يريد إذلالهم.

إغلاق المطاعم والمقاهي نهارًا

نظرًا إلى أهمية شهر رمضان في قلوب البنغلاديشيين، يغلق أصحاب المطاعم والمقاهي حوانيتهم نهارًا احترامًا لقدسية الشهر، إلا قلة قليلة فقدت الإحساس بالشعائر الدينية، فيخفون نشاطهم خلف الستائر، ويفتحون أبوابهم للمفطرين الغافلين -أعاذنا الله وإياكم-. ومع ذلك، فإن هناك متطوعين من أبناء الشعب يقومون بمنع هذه الظواهر السلبية، ويردعون من يتهاون بحرمة الشهر المبارك.

أسواق الإفطار المصغرة

في جميع أنحاء بنغلاديش، سواء في القرى أو المدن، تُقام أسواق مصغرة بمناسبة رمضان، حيث تُعرض فيها مختلف أنواع المأكولات والمشروبات الخاصة بالإفطار، مثل العصائر المتنوعة، والدجاج المشوي، والطائر المقلي، والشاة المشوية، وحلوى الجليبي، وغيرها من الأطعمة الشهية. يزدحم الناس في هذه الأسواق قبيل المغرب، كلٌ يشتري منها حسب مقدرته المالية وحاجته.

موائد الإفطار الجماعية في المساجد

من منطلق السعي إلى نيل الأجر العظيم، يتسابق المسلمون في بنغلاديش إلى تقديم وجبات الإفطار للصائمين، حتى لو كان ذلك بجرعة ماء، وذلك اقتداءً بحديث النبي ﷺ: “من فطّر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء”.
بناءً على ذلك، لا يخلو مسجد من موائد الإفطار الجماعية، حيث يفد الصائمون أفرادًا وجماعات، فيجتمعون على موائد الإفطار، مما ينشر بينهم روح المحبة والمودة، ويعزز من الروابط الاجتماعية بين أبناء المجتمع.

المساجد تكتظ بالمصلين

يُعد شهر رمضان فرصة عظيمة للتقرب إلى الله، حيث تُفتح فيه أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار، وتُصفد الشياطين، مما يجعل القلوب أكثر إقبالاً على العبادة. ولهذا، فإن المساجد في بنغلاديش تكتظ بالمصلين طوال اليوم، سواء في الصلوات الخمس، أو في صلاة التراويح، أو حتى في قيام الليل، إذ يدرك الجميع أن هذا الشهر هو “غنيمة باردة” ينبغي اغتنامها.

الأطفال يتدربون على الصيام

حتى الأطفال الصغار لم يتخلفوا عن المشاركة في هذه الأجواء الإيمانية، فيتسحرون مع آبائهم وأجدادهم، ويحاولون الصيام، بعضهم حتى منتصف النهار، والبعض الآخر حتى أذان المغرب، وذلك تدريبًا لهم منذ الصغر، حتى يعتادوا الصيام بسهولة حين يبلغون سن التكليف.

إجازة المدارس والمعاهد خلال رمضان

تحظى المدارس والمعاهد في بنغلاديش، سواء الرسمية أو غير الرسمية، بإجازة خلال شهر رمضان، مما يتيح للطلاب والمعلمين فرصة عظيمة للإكثار من العبادة، والتقرب إلى الله، واكتساب نفحات ربانية  في هذا الشهر الفضيل، والاستفادة من بركات هذا الشهر الكريم.

ختامًا

يأتي رمضان كل عام ليعيد للمسلمين روح الإيمان، ويذكرهم بقيم الطاعة، والصبر، والتراحم، والتكافل. وفي بنغلاديش، حيث الأغلبية المسلمة، يظل لهذا الشهر طابعه الخاص، إذ يتحول المجتمع بأسره إلى لوحة إيمانية زاهية، تملؤها الصلاة، والذكر، والعبادة، وتتعزز فيها قيم المحبة والتآخي. إنه شهر الخير والبركة، والنور واليقين.