تعتمد أسماك السالمون في العالم على أنهار نصف الكرة الشمالي، فتقضي بها مراحل حياتها الأولى، لكن الكبير والناضج من السالمون (عمره بين 4-7 سنوات) يرحل من شواطئ قارة أوروبا متجهًا شمالاً إلى المحيط الأطلنطي قاطعًا مسافة تصل من 4-5 آلاف كيلو متر، ليلتقي مع سمك السالمون القادم من بحار شرق أميركا وشرق كندا، وتواصل رحلتها من الأطلنطي إلى الأنهار التي تصب مياهها في البحر، ثم تتفرق هذه الجماعات وتتجه كل مجموعة إلى النهر الذي ولدت فيه سابقًا حيث تضع بيوضها.
فكل أربع سنوات (منتصف شهر أكتوبر) يشهد نهر “أدامز” (أحد روافد نهر فرايزر/ مقاطعة كولومبيا البريطانية بكندا)، هجرة كبرى لـ10- 15 مليون من السالمون الأحمر، في رحلة تستمر لـ17 يومًا ولمسافة 4000 كم للوصول إلى نهر أدامز -المحطة الأخيرة حيث تستقر في مصبه لتضع بيضها- فبعد العثور على موقع مناسب، تحفر الأنثى عشًّا بعمق 10 إلى 40 سم بينما يحوم الذكور حولها لحمايتها من الفرائس.
وتضع الإناث ما يقارب 3500 بيضة، فيما يعمل الذكور على إفراز السائل المنوي لتخصيبها، وبعدها يغطي السالمون بيضه بحصى خفيفة الوزن لحمايتها. وبعد عشرة أيام من عملية الإخصاب، يتحول لون الأنثى والذكر من الأحمر إلى الرمادي الطباشيري. وتبدأ علامات التعب تظهر على أجسادها بسبب الرحلة الشاقة وعدم تناول أي شيء (فقط احتياطيات الدهون المخزنة مما أكل في مضيق جورجيا أواخر الصيف)، فتفارق الحياة مخلفة وراءها الأجيال الراقدة تحت الحصى.
وبعدها تكمل هذه الأجيال رحلة الإياب إلى المحيط، انطلاقًا من نهر “آدامز” إلى جنوب نهر طومسون، ثم تنتقل إلى نهر “فريزر”، لتدخل المحيط الهادئ، ومن ثم تنتقل إلى مضيق جورجيا، حيث تقضي ثلاث سنوات في المحيطات المفتوحة وبعدها تتبع تيارات القطب الشمالي للوصول إلى آلاسكا وجزر ألوشيان، ويقل عددها خلال هذه الرحلة إلى نحو 2 مليون نسمة.
ويواجه سمك السالمون خلال رحلته الطويلة عدة تحديات منها: اجتياز التيارات المائية الهادرة ومنحدرات الأنهار، وانتظار طويل وترصد من الدببة الجائعة والصيادين المحترفين والسياح الشغوفين، حتى إن بعض الصيادين يتبعون رحلة السالمون من ولاية كاليفورنيا إلى ولاية ألاسكا في شمال المحيط الهادئ مرورًا بالأنهار التي يعبرها السمك للتكاثر والنفوق.
وفي عام 1913، اصطاد الصيادون حوالي 31 مليون من أسماك السالمون الأحمر في أكبر رحلة صيد فريدة. ومن أسرع الهجرات: هجرة أسماك التونة، بينما من حيث الكتلة الحيوية: فهجرة أسماك السردين.. حيث تسبح حشود من أسراب السلمون بالمليارات ويصل طولها إلى عدة كيلومترات بمحاذاة الساحل الشرقي لجنوب إفريقيا، وتستقطب إليها -بالتزامن- جحافل من مفترسيها: أسماك القرش والحيتان والدلافين وطيور الأطيش الغواصة الجائعة.