عندما تجد حيوانات الشمال -كالدببة والثعالب والغزلان والأرانب القطبية- عناصر غذائها قد ندرت وشُحت وتجمدت؛ فتسعى إلى التوجه جنوبًا كي تقتات وتعيش. فترتحل الدببة القطبية لآلاف الكيلومترات سعيًا وراء رزقها من الفقمات التي تشم رائحتها على بُعد 30 كم. فضلاً عن أنه في طريق الهجرة يلتقي مفترس مع عاشب، فيقتات المفترس (قليل العدد) على بعض العواشب (كثيرة العديد). فتستمر السلسلة الغذائية ويحدث التوازن الحيوي وتتجدد عافية أفراد القطعان. فضلاً عن أن غزلان المناطق القطبية يصطادها السكان المحليون عندما تمر في أراضيهم، فهم يعرفون موعد هجرتها. وتاريخيًّا يعتمد الصيد البشري للغذاء والكساء والدواء والتجارة، على هجرات عدد كبير من الحيوانات والطيور والأسماك.
وفي أمريكا الشمالية يهاجر “وعل الكاريبو” شتاء وصيفًا بحثًا عن المرعى الوافر إلى أبعد مسافة (أكثر من 838 ميلاً سنويًّا) قد يقطعها حيوان ثديي أرضي. وتتكون قطعان الحيوانات المهاجرة من نحو 197 ألف حيوان. ومن اللافت أن كثيرًا من الهجرات الكبرى لآكلات (كاسحات) العشب والشجر سابقة الذكر، تمثل منحة ومهلة للأرض التي تركوها وراءهم لتتعافى، وتستعيد غطاءها النباتي والشجري عند العودة إليها مُجددًا.