رغم تهديدات التقنيات الحديثة
لكل مهنة وظيفة وصفات لمن يشغلها ووقت محدد، ومن المهن المرتبطة بشهر رمضان مهنة المسحراتي، التي ما زالت تشهد حرص المسلمين عليها، رغم تهديدات التقنيات الحديثة لها، وامتداد السهرات أمام التلفاز وغيره من التقنيات التي لا تتيح للصائم النوم إلى ما قبل الفجر٠ ومن الثابت أن “بلال بن رباح” يعد أول مؤذن، ولم تكن مهنة المسحراتية فقط؛ حيث قام بها بعض الجنود بتكليف من الحاكم، وكانت الفتيات الصغيرات يسعدن بذكر أسمائهن على لسان المسحراتي، الذي تعددت أدواته ما بين الطبله والعصا أو القطعة الجلدية، والعود والناقوس، ولها تنظيمها الخاص، وهي تطوعية دون أجر اللهم الثواب من الله وبعض نفحات الصائمين أول أيام عيد الفطر، واختلفت مظاهرها٠
مكة المكرمة
كما جاء في كتاب ” صفحات من تاريخ مكة” للمستشرق الهولندي”ستوك هور خرونيه” أن شهر رمضان في القرن ١٤ الهجري شهد صعود المذكرين إلى منابر الحرم بعد منتصف الليل بإنشاد مدائح نبوية وأبيات شعريه لإيقاظ الناس، لمدة ساعتين، ومن كلماتهم: إن الله سيغفر لأمة محمد، والليل الآن في نهايته، ويجب استغلال ما بقي منه في العبادة، كما أشار الرحالة ابن جبير الأندلسي أن المؤذن “الزمزمي” كان يقوم بالتسحير من صومعة شرق المسجد الحرام ومعه أخوان صغيران يرددان ما يقوله من أدعية منبهًا لوقت السحور، وفي أعلى الصومعة قناديل صغيرة يرفعها بعد الأذان (١).
المدينة المنورة
وفي المدينة المنورة كان المسحر يقرع الطبلة بعصا غليظة سواء كان راكبًا فوق دابة أو ماشيًا مناديًا وحد الله يا نائم.
سوريا
وفي سوريا يرتدي المسحراتي سروالاً أسودًا وطاقية من اللباد يضرب بقطعة جلدية فوق طبلته، ولكل حي مسحراتي يوقظ سكان كل بيت مناديًا بأسمائهم، وتوجد طائفة المسحراتية يرأسها شيخهم يرعى شؤونهم، ويحصلون على العيدية صباح أول أيام عيد الفطر (٢)٠
لبنان واليمن والسودان والمغرب
وفي لبنان يستخدم الطبلة والناقوس، أما في اليمن فيدق على أبواب البيوت بعصاه، وفي السودان يصطحب أحد أبنائه أو أعوانه حاملاً فانوس ودفتر مدون به أسماء السكان مناديًا، عباد الله وحدوا الله، وتحافظ المغرب حتى الآن على الاستماع إلى طبلة المسحراتي أو نغمات آلة الغيطه أو النفارة.
الكويت
وفي الكويت هناك أبو طبيلة وهو شخصية ورعة وتقية تجوب الأحياء بأهازيج جميلة (٣).
مصر
أما في مصر فهناك طقوس خاصة؛ حيث يجوب المسحراتية الشوارع والحارات مناديًا على الصائمين، وسط فرحة الأطفال، وخلال ساعات النهار يتبادل الجيران أطباق الطعام والحلوى، كما تقام موائد الرحمن في كل مكان ومبردات المياه وإقامة الزينات والفوانيس، ومن الطريف أنه سمح للمرأة في عهد أحمد بن طولون بالقيام بمهنة المسحراتي من وراء المشربيات بشرط الصوت الحسن، ومن أشهر السيدات إحسان وهي أول امرأة قامت بتلك المهنة بعد وفاة زوجها، وأم سحر التي ورثت مهنة أبيها (٤).
الإمارات
وفي الإمارات يعرف المسحراتي بأبو طبيلة وذلك لاستخدامه طبله تسمى البازه يطوف بها الشوارع ويقرع عليها بعصا رفيعة منشدًا عبارات منها يا نايم الليل قوم اتسحر (٥).
المراجع
(١) رمضان ليالي البهجة والرحمة: مجلة العربي،العدد ٥٨٦، سبتمبر ٢٠٠٧
(٢) ذكريات شامية: مجلة العربي، العدد ٦٦٨، يوليو ٢٠١٤
(٣)عادات وتقاليد شهر رمضان المبارك: مجلة الكويت،العدد ٤٠٤، يونيو ٢٠١٧
(٤)من دراسة عن المسحراتي في مصر للدكتور إبراهيم عبد الحافظ أستاذ التراث الشعبي بأكاديمية الفنون٠
(٥) اليوم السابع: رمضان في الإمارات، إسراء البيطار، 9/5/2019