إذا أردت أن تعرف أثر المربي فانظر في تلاميذه، وإذا أردت أن تعرف مستوى المدرسة فانظر في المدرس!
كلما أجلت النظر في مدرسة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا وازددت تحيرًا، روحي لهم الفداء، أي نوع من البشر كانوا، تحققت فيهم تفاصيل مشروع المجتمع النبوي تامة كاملة،
سبحان الله، لقد صنعوا على عين الله..
كانوا أهل الصلاة والعبادة لله، كانوا أهل الوضاءة والإشراق والصفاء. كانوا أهل الرحمة والحكمة والأخلاق..
كانوا (يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ).
كانوا متآزرين من أهل (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي).
كانوا متعاضدين من أهل (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ).
كانوا يُعرفون (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ).
كانوا مع إخوانهم المؤمنين يتوادون ويتعاطفون ويتعاونون على البر والتقوى، كانت شدتهم على أعدائهم، ورحمتهم لإخوانهم، كانوا (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ).
ورد عن صاحب الكشاف:
وعن الحسن أنه قال: وبلغ من تراحمهم فيما بينهم، أنه كان لا يرى مؤمن مؤمنًا إلا صافحه..
إنها أخوة الإيمان، إنها رابطة الإيمان، إنها وشيجة الإيمان
إنها روح الإيمان التي كانت تسري في عروقهم،
تلك الروح التي وجب علينا أن نستعيدها،
تلك الروح التي لن تقوم لنا قائمة إلا بها،
تلك الروح التي لم نكن أول الأمر إلا بها،
ومن الآيات التي يجب أن يتدبرها كل عاقل في هذه المرحلة قوله عز وجل وتقدست أسماؤه وتباركت صفاته:
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)
سنبقى في ساحات الدعوة للعالمين بالهداية والخير، وإن كان بعضهم لا يحبوننا ولا يريدون لنا إلا الشرور والهزائم والضعف. سنبقى نسأل الله الخير والهداية لكل من لم يبلغه نور الحق ولا يزال أسير الغفلة والظلمات، أما المعاند القاصد فنقول له ما قاله له القرآن:
﴿قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾،
موتوا بشدة غضبكم. إن الله مطَّلِع على ما تخفي الصدور، وسيجازي كلاً على ما قدَّم مِن خير أو شر.
(وَلِلَّهِ مَا في ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا في الأرض ۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ الأمور).