تحتفل مجلة حراء مع عددها السادس والثمانين بعامها السابع عشر.. منذ سبعة عشر عامًا والقائمون عليها يحملون على أكتافهم هذه الأمانة الثقيلة؛ لتواصل حراء في إنتاجها المعرفي الغزير وتجربتها الثرية، ومن ثم تضيف إلى المعارف السابقة معارف جديدة، وتعمق الرؤية إلى الحياة.. نعم، يحملون هذه الأمانة وفاءً لكتَّابها من مختلف الجنسيات واللغات، الذين يتمتعون برؤية فكرية إصلاحية بناءة تعمل على الأخذ بيد كل إنسان يعيش على تربة هذه الأرض.
أما في هذا العدد فتطل علينا حراء بمجموعة من المقالات المنتقاة بعناية، وفي مقدمتها مقال الأستاذ فتح الله كولن المعنون بـ “الدنيا وما فيها من منظور المسلم-2”؛ حيث يأخذنا الأستاذ فتح الله كولن في مقاله هذا، لننظر إلى الكون بعين الإيمان لنشعر بكل الوجود وكأنه قلب عميق نابض بالمشاعر، ثم يحلّق بنا نحو الغاية الأسمى للإنسان وما يجب أن نكون عليه من تناغم وانسجام بين طبيعتنا وبين جماليات أركان الإيمان والإسلام.
ويأخذنا “نبيل سليم” برحلة في حديقة العلوم، ليحدّثنا عن الإبداعات الفنية بالتشكيلات الجرثومية والفطريات والميكروبات.. ويردف ذلك “ناصر أحمد سنه” بمقاله عن التكنولوجيا، ليجيبنا عن التساؤل الدائم: “التكنولوجيا: ضرورة أم ترف؟!”.. إلى أن يصطحبنا “محمد السقا عيد” بنزهة فكرية مع النباتات بمقاله الذي جاء بعنوان “النباتات ومشاعرها التفاعلية”.. ثم نجد مع “هبة مهران”، “مفاهيم جديدة لعلاج الاكتئاب”.
وفي المقالات الفكرية نجد “محمد عباس المغني” يحدثنا عن “الآفاق المستقبلية للتجديد”، و”سمير فريدي” يتحدث عن “الآمرية الإلهية في المنظور الائتماني”، أما “محمد لخضر حرز الله” ومعه “عبد الحميد محمد الراوي”، فإنهما يخوضان غمار القرآن الكريم ليأتيا منه بأمتع الفوائد وأنفعها.
ويتحفنا “بركات محمد مراد” في مقاله التربوي ليتحدث عن نجاح التعليم بإبداع المدرسين.. ثم يرشدنا “سليمان أحمد شيخ سليمان” إلى كيفية تكوين أسرة سليمة عبر مقاله “الأسرة.. البناء والمقوّمات”.. ثم يأخذنا “خالد صلاح حنفي محمود” إلى علم النفس الإيجابي، ويشرح لنا سعادة الأطفال، إلى أن نطالعَ جوهر السعادة في مقال “خلف أحمد أبو زيد”.
وبما أن الأدب في الكلام كالملح في الطعام، فإن ملحَ هذا العدد جاء من “أحمد تمام سليمان” في مقاله “لحظات الحاضر مقدار ما نملك”، التي حثّنا من خلالها على استثمار لحظة الحاضر وإن بدت شفيفة.. ليأتي هذا العدد مختومًا بخاتم الشاعر الحادي “العربي السيد عمران”، في قصيدته “قلب النور” التي يستنهض فيها الهمّة، ويكفكف من خلالها دموع البائسين المفزوعين.
وبمناسبة العام السابع عشر، تتقدم أسرة مجلة حراء إلى قرائها الأعزاء الأوفياء، الذين أجادوا فن السير على درب العلم والمعرفة، ببالغ الشكر وعميق الامتنان. والله ولي التوفيق.