منذ بداية الألفية ظهرت مشكلة بيئية تتمثل في تعرض بعض الأنواع الحيوانية والنباتية للانقراض نتيجة للتغير البيئي الذي يحدث بصورة متسارعة على كوكبنا، ولكن اليوم سنتحدث عن ظاهرة انقراض من نوع آخر وهي ظاهرة قديمة أيضًا.
إن انقراض اللغة والثقافة يحدث اليوم كما حدث منذ آلاف السنين، إلا أن يأخذ شكل آخر فهو يحدث ببطء حتى أن المجتمعات البشرية لا تشعر به ولا تأسف عليه، ولذلك يتم تقسيم اللغات إلى حية وميتة.
اليوم لدينا مثال يدعو للاعتبار فحضارة الياغان التي عاشت في أمريكا الجنوبية لآلاف السنين لم يعد يتحدث باللغة الأصلية لها سوى الجدة كريستينا كالديرون وبوفاتها ستنقرض اللغة والثقافة الخاصتين بها الشعب الذي كان يومًا ما يمثل السكان الأصليون لأمريكا الجنوبية وكان يقدر تاريخهم ب 10آلاف سنة.
تعتبر الحكومة التشيلية الجدة كنز بشري حي، وتسعى الجدة وقليل من المهتمين بتعليم اللغة وتدوينها ونقل تلك الثقافة الغارقة في القدم على أمل أن تعيش اللغة والثقافة القديمة لشعب الياغان بعد وفاة الجدة.
إن حياة كل ثقافة و لغة حتى وإن كانت ضاربة جذورها في عمق التاريخ إلا أن استمرارية حياتها مرهون برعاية أبناء تلك اللغة والثقافة لها، وحرصهم على استمراريتها من خلال التطوير الواعي لأدوات اللغة. ربما منذ ألف عام إذا ذكرت لأحد الياغان أن لغتهم ستنقرض كان سيستهزء ضاحكًا، ولكن هذا ما يحدث الآن.
وبقدر أن الأمر مؤلم إلا أنه يدق ناقوص خطر لجميع الشعوب والثقافات واللغات، فبقدر رعايتكم لثقافتكم ولغتكم بقدر ما ستعيش تلك الثقافة واللغة.