فضل الله الإنسان على كثير ممن خلق تفضيلاً، وجعل له مميزات يتفرد بها عن سائر المخلوقات، ووهبه نعمًا اختصه بها ومنها نعمة الكلام والتعبير عن المراد، وهي من أجل النعم التي امتن الله تعالى بها على عباده وميزهم بها عن البهائم، قال تعالى:(الرحمن، علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان)”الرحمن: الآيات 1-4″.
ولقد حاول العلماء على مدى مئة سنة أن يعلموا الشمبانزي بعض الحروف، ولكن المحاولات باءت بالفشل. ومع أن دماغ هذه الحيوانات كبير وحجمه مناسب جدًا للتعلم إلا أن القرود لا تملك القدرة على الكلام أو حتى تقليد الكلام.
يقول العلماء إن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي تمّ تصميمه ليكون ناطقًا، فالإنسان مجهز بالبرامج والوسائل والأجهزة الحيوية التي تمكنه من تعلم الكلام بسهولة، ولذلك فإن هذه العملية لا تخضع للتطور “المزعوم” ولو كان النطق وتعلم الكلام يتم عن طريق التطور لكانت بعض الحيوانات لديها قدرة على الكلام، مثل القردة مثلاً.
إن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي تمّ تصميمه ليكون ناطقًا، فالإنسان مجهز بالبرامج والوسائل والأجهزة الحيوية التي تمكنه من تعلم الكلام بسهولة
إن جهاز الصوت موجود لدى الحيوانات، فالإنسان لديه حنجرة والحيوانات مثل الكلب لديه حنجرة، وهي تعمل بنفس الآلية التي تعمل بها حنجرة الإنسان، ولكن الإنسان يتعلم النطق بسهولة وبعملية لا إرادية، بينما نجد بقية الحيوانات عاجزة عن القيام بذلك.
نظام التكلم المعجز
قبل الكلام تقوم الرئة على جلب الهواء الساخن وهو المادة الخاصة للنطق، يدخل الهواء عن طريق الأنف، ومن ثَمَّ إلى الفراغات الموجودة فيه، ومن الحنجرة إلى قناة التنفس ثم إلى الأوعية القصبية ثم إلى الرئتين ويمتزج الأوكسجين الموجود في الهواء مع الدم الموجود في الرئتين وفي هذه الأثناء يطرح غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الخارج، يمر الهواء الخارج من الرئتين بالحبال الصوتية الذي يشبه الستائر، وتتحرك بحسب تأثير غضروف صغير مربوط بها.
قبل النطق تكون الحبال الصوتية بوضعية مفتوحة، وعند الكلام تُجمع الحبال الصوتية في مكان واحد، وتهتز من جراء الهواء الخارج عند الزفير.
في اللحظة التي يريد الإنسان أن يتكلم فيها، تصل سلسلة من الأوامر إلى الحبال الصوتية واللسان، ثم إلى عضلات الفكين آتيةً من الدماغ. ترسل المنطقة التي تحوي أنظمة الكلام في الدماغ الأوامر الضرورية لكل العضلات التي تقوم بواجباتها أثناء الكلام.
تُعطى بنية الأنف والفم كافة المواصفات الخاصة للصوت، وفي الوقت الذي تبدأ فيه الكلمات بالخروج من هذا القسم بسلاسة يأخذ اللسان وضعًا بين اقتراب من سقف الفم أو ابتعاد بمسافات محددة، وتتقلص الشفاه وتتوسع، وتتحرك في هذه العملية عضلات كثيرة بشكل سريع.
وحتى يتحقق النطق عند كل واحدٍ منا بشكل سليم يجب أن تكون هذه العملية كاملة دون أي نقص.
إن أعضاء تنفيذ عملية إنتاج الكلام هي الرئتين، مصدر دفع الهواء عبر القصبة الهوائية والحنجرة والفم. ولسان المزمار الذي يحركه الهواء المندفع من الرئتين فيصدر صوتا خاما.
إن أعضاء تنفيذ عملية إنتاج الكلام هي الرئتين، مصدر دفع الهواء عبر القصبة الهوائية والحنجرة والفم. ولسان المزمار الذي يحركه الهواء المندفع من الرئتين فيصدر صوتا خاما. والحبال الصوتية الواقعة بالحنجرة والتي تتحرك بفعل عضلات فتغير من هذا الصوت الخام بناء على أوامر المخ، وسقف الحلق اللين والخدان والشفتان واللسان و تحركهم جميعا مجموعات عضلية لتغيير الصوت الخام بحيث يصدر في النهاية الكلام المقصود من أوامر المخ.
ولكي نسهل لك عزيزي القارئ كيف تتم عملية الكلام أصوغها لك بأسلوب أخر:تتم عملية الكلام من خلال سلسلة من العمليات المعقدة، وتتم في جزء ضئيل من الثانية الواحدة، وبشكل آلي فائق الدقة والسرعة، فإذا أراد شخص أن ينطق الصوت (ب) مثلا، ففي البداية يستدعي الدماغ الصورة الصوتية للصوت (ب)، فيصدر أمرًا للجهاز العصبي المركزي بنطق الصوت (ب)، وهو بدوره يقوم بتوصيل الأمر إلى الجهاز العصبي الطرفي الذي يقوم بتوصيل الأمر عن طريق الأعصاب المسئولة عن عضلات الشفاه لكي تتحرك وتنقبض، وفي الوقت ذاته يصدر الأمر. وبنفس التسلسل السابق إلى عضلات الجهاز التنفسي لكي يقوم بإخراج الهواء من الرئتين إلى القصبة الهوائية، ومن ثم إلى الحنجرة فتهتز الحبال الصوتية نتيجة لاندفاع الهواء من خلالها، ينتج عن ذلك صوت يتم تشكيله داخل تجويف الفم، يصل الهواء إلى الشفاه المنقبضة فتنفتح ويحدث الكلام.
هل لاحظت معي عزيزي القارئ أن هذه العملية المعقدة والكاملة تتم بشكل ميسر وكامل وبدون نقص؟ من الذي برمج دماغ الإنسان مسبقاً للقيام بهذه العملية المعقدة؟ أليس حريًّا بنا نحن البشر أن نشكر هذا المنعم الذي تفضل عليها بهذه النعمة الغالية.