حتى لا أظلم الناس أو أكون من الذين يسطون على حقوقهم أو يدعون تمثيلهم، كشاب من هذا الجيل -لا يستثنى من التعريف العام- بما له وما عليه.
وكما هي عادة المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم طبعًا، أن يبتغوا السبيل إلى أداء صلاة الجمعة في مسجد من مساجد الله تعالى أو مساجد السلطان وهذا نقاش آخر.
برمجت يومي على أساس أن أصلي الجمعة مع جماعة المسلمين والمسلمات، طمعًا في وصل حبل قلبي مع ربي وفي الأجر والثواب من رب الأرباب.
كانت أول مرة أزور فيها أحد المساجد ولا علم لي بتوقيت الجماعة فيه.
كانت الجمعة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم نبض الحياة ووسيلة لقياس ضغط المجتمع، يلقى فيها البيان العام تحديًا للعوائق وتأسيًّا بالنموذج الأتم.
وصلت، وتوجهت إلى قاعة الوضوء -رغم أني كنت على وضوء- فالوضوء يريحني روحيًّا ويخفف من حدة مزاجي العربي! كنت أسمع صوتًا ينبعث من داخل قاعة الصلاة! ظننته واعظًا يلقي درسًا قبيل بدء الجمعة، فأتممت طهارتي على مهل ولم أبال بإسراع الناس من حولي إلى قاعة الصلاة!.
عندما دخلت بيت الله تعالى فوجئت بأنهم يقيمون الصلاة! فما كان مني إلا أن استويت واعتدلت واستغربت.
بعد التسليم، سمعت أحد المأمومين يقول: من فضلكم، أخلوا المكان لتقام الجمعة الثانية فهناك من ينتظر في الخارج ولم يجد مكانًا- كذا – ربما هي عادتهم هنا وهي العادة في أوروبا! فلكل مسجد ربه ونبيه وخطيبه أو تنظيمه حتى أكون دقيقًا.
كانت خطبة الجمعة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
مرآة جماعية للأمة الإسلامية، ترى من خلالها وجهَها بياضَه وسوادَه.
ماذا أردت أن أقول؟
سبحان الله وبحمده! كنت سعيدًا في باطني.. لأني لم أسمع كلمة من الخطبة، فقد تعبت بصراحة من التكرار وتكرار التكرار والاجترار! خطبة الجمعة يا سادة، لم تعد تساير سياق العصر.. وأنا أسمع خطيب الجمعة يخيل لي أنه في زمن غير زمننا ويتحدث عن عالم لستُ من سكانه، أي وايم الله! خطاب خشبي بارد بليد وأحيانا خطاب ساجد راكع لهذه الجهة أو تلك.
فعلاً لقد تعبنا من هذا الوضع ومن هذا النمط من الخطاب الديني الكئيب في زمن تشابك فيه كل شيء.
نحن نحتاج ثورة علمية روحية إنسانية شاملة تجعل مركزها الإنسان..، هذا الكائن الذي اختارته العناية والرعاية الإلهية كي يكون خليفة حضرة الغيب في عالم الشهادة.
كل هذه الأسئلة كانت تتصادم في ذهني وأنا أغادر المسجد فرحًا مسرورًا أني قد نجوت من سآمة خطبة هذه الجمعة.
غادرت مأجورًا كذلك فصلاتي فقهيًّا صحيحة وليست باطلة بالعبارة التي يحبها الفقهاء.
والحمد لله أنهم وقفوا عند الصحة والبطلان ولم يتجاوزوا للقبول! وهناك منهم من لو وجد سبيلاً إلى ذلك لفعل..ولكن الله سلّم!.
في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي زمن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين، كانت الجمعة نبض الحياة ووسيلة لقياس ضغط المجتمع! كانت جامعة إيمانية أسبوعية، يلقى فيها البيان العام تحديًا للعوائق وتأسيًّا بالنموذج الأتم وكذلك تنبيهات على ما وجب الحذر منه..، فكانت خطبة الجمعة مرآة جماعية للأمة الإسلامية، ترى من خلالها وجهَها بياضَه وسوادَه.
ورد في الحديث الشريف أنه في يوم الجمعة ساعة تجاب فيها الدعوات، فاللهم رد إلينا خطبة الجمعة كما أردتها لنا أن تكون.