إن من يلاحظ موقفنا كمسلمين اتجاه الأزمات يدرك وجود انفصام بين أحاسيسنا وفعاليتنا اتجاه ما نشاهده كمؤثر حساس. على سبيل المثال رؤيتنا للأزمات ونتائجها على الإنسانية فنحن من جهة نتشارك الألم ونستنكر الفعل وبشدة ونتألم وندرك تماما مأساة الوضع التي يتخبط فيه واقعنا على كافة الأصعدة إنسانية تنموية اقتصادية…
لكن بشكل أو بآخر نحاول أن ننأى بأنفسنا بعيدا عن هذه الأمور التي غالبا ما نتصور أنها أكبر من أن نتناقش فيها أو أن نتخذ حيالها شيئًا محاولين إدخال أنفسنا منطقة الأمان حيث أن الأمر لا يعنينا بشكل مباشر على الأقل على المدى القريب، لكن دليل اهتمامنا وتخوفنا في الأمر يظهر فقط عند متابعتنا لآخر الأخبار في كل ثانية تتدفق علينا كسيل عارم محاولا إغراقنا في متاهات من القلق والترقب. لذا فالغالب أن تلك المشاهدة تحرق المشاهد لكن تلك الحرقة إن لم تحركه ففي الغالب تحوله إلى رماد.
إن الأجهزة الإعلامية تسيطر على المعلومات وتعمل كمرشح لما يتلقاه الجمهور من أخبار وكيفية تفسيرها للأزمات من خلال تناول الإعلام أو عدم تناوله لقضايا يمكن أن تؤثر على طبيعة وتوجهات الرأي العام.
الصورة التي يرسمها الإعلام للأزمات تصنع لنا مواقف متعددة فهي تؤثر في صناعة الرأي العام اتجاه هذه الأزمات وهنا يقول هشام عوكل:”إن الأجهزة الإعلامية تسيطر على المعلومات وتعمل كمرشح لما يتلقاه الجمهور من أخبار وكيفية تفسيرها للأزمات من خلال تناول الإعلام أو عدم تناوله لقضايا يمكن أن تؤثر على طبيعة وتوجهات الرأي العام”
موقفنا من تلك الأزمات يقتصر على المشاهدة والاهتمام من خلال المجادلات التي غالبا ما لا تسمن ولا تغني من جوع. وتبنِّي وجهات نظر تسطيحية للقضية ورؤيتها من منظور إعلامي من دون التوغل في دراستها جذريا، صناعة الرؤية الجمعية للقضايا من منظور إعلامي يبعدنا عن أصل ومنبع الأزمات الأساسي وذلك بالتعتيم الإعلامي لصورة الأزمة وإدخالها في إطارات غير مناسبة لها للتحكم في صناعة الرأي العام.
عندما ننظر إلى أزماتنا على أنها تمسنا على المدى القريب والبعيد فإن ذلك يشعرنا بخطورة السكون الذي يخيم علينا اتجاهها إن مثل هذه الأزمات توَّلد لدى الفرد حالة توتر إيجابي تحرك الإنسان بفعالية اتجاهها، وهي تنقل الفرد من حالة ركود وحيرة إلى حالة حركة و توتر ، فيجب أن يكون هناك ردة فعل جماعية لأن “الفاعلية تنمو تدريجيا مع تعقد المصلحة” كما يقول مالك بن نبي، وتنمو كلما كان هناك نشاط موجه لمصلحة عامة خارج الحدود الفردية ،فعلاج مثل تلك الأزمات لا يمكن بحال أن يكون ردة فعل فردية.
يجب أن يكون العلاج لجذر المشكلة اجتماعيا فالأزمة ستطالك ولو على المدى البعيد لكن حتما أنت جزء منها سواء بالإيجاب أو السلبي بالحركية أو بالسكون يجب أن تكون للقضية العامة أثر شخصي عليك.