شمس تبريز أشرقت في كياني فتجلّت عرائس في الجنان
أيُّ شمس أبهى وأعلى مقاماً؟ لا تقل: “والظلام ليس بفان”
فعلى الأفق من دماء الشهيدين بقايا.. فالأفق أحمر قان
سبّحِ اللهَ، مَنْ من الشجر الأخضر أذكى اللّظى مهيب الدخان
مسّت النايَ نارُ عشق فغنّى وبكى، فانتشى به الخافقان
كان قلبي من قبلِ مسّ لظاه حطباًَ يابساً جَلِيَّ الهوان
فاستوى كالشهاب يخترق الأفق ويدنو.. ويا نعيم الدّاني
وجع الناي شهقة ليس تبلى قد تلتها من عاشق زفرتان
هو صحو وسكرة.. وظلال ولهيبٌ مقدّس الهيجان
إن برق الحجاز هيّج قلبي فهوى في قرارة الأحزان
فأقِلّوا العتاب يا أهل نجدٍ ما لنا في دفع الهموم يدان
قلتُ والحبُّ خير زاد المـُعَنّى وجرت فوق وجنتي دمعتان
دُلّني! من أين الطريق إلى النور، فإني مشتّت الأذهان
قال: “إن الله اشترى” قلت: قلبي رضي البيع، قال: خذ عنواني
ومشى خطوة.. فلما تجلّى خرّ موسى.. هل يدرك الثقلان؟
صعقة العشق زلزلت من سناها أضلع الطور فهو في خفقان
هو إن غصت فيه شلال نور وعطايا وجْد، ووحي بيان
أيّ كأسٍ سقت عروق المعنّى فهو في نشوة بديعُ المعاني
ألف ليلى جُنّتْ.. وألف سعادٍ ليس تدري الذي بجوف الدّنان
“أنت تغلو يا قيس” كلا! عيوني ما رأت غير بارئ الأكوان
وجه ليلى إشارة، وسناها قبسٌ فاض عن يد الرحمن
وأنين التّوبَاد ليس سوى تكبير عبدٍ أفضى بغير لسان
أوّبي يا جبالُ، فالطير حنّت وكؤوس الحنين صنو الحنان
وعلى درب العاشقين دماءٌ ودم العشق قبلة الحيران
حرّكتْ أوتارَ المحبة في الروح يدٌ جالت من وراء الجنان
والفراشات لم تزل تعشق النور وترضى الإبحار في النيران
حجبتني الأوزار عن رؤية النور وهدّت مسحاتها أركاني
والضعيف الضعيف من كان مثلي مثقل القلب، موهن البنيان
طاف قلبي دهراً فلما تداعى سقت رحلي إلى “بديع الزمان”
سيقول الغلاة إنك تغلو كيف يدري الخليّ فكّ المعاني؟
هيه يا نفسيَ الذليلة هوناً وخذي الحُكم من يد الحرمان
لا تمدّي عينيك.. رُبَّ خوان عرضَتْه.. يكون شرّ خوان
واهتفي: إنني ظمئت إلى النور فجدّد يا بارئي إيماني
أين من همة المحب إذا ما همتِ الكأس وانتشت شفتان
أين منها بيارق السلطان خافقاتٍ وصولة الصولجان
كل شيء يفنى وليس بباقٍ غيرُ نور المهيمن الدّيان