أدى الاعتماد على وسائل التكنولوجيا الحديثة إلى تغيرات كبيرة في عادات الإنسان اليومية، وتزايد الاعتماد على التطبيقات للعمل أو الترفيه، وبالتالي ظهر مصطلح “الإرهاق الرقمي” الذي زاد انتشاره في الآونة الأخيرة خاصة بعد جائحة كورونا.
ما هو الإرهاق الرقمي؟
الإرهاق الرقمي (Digital Fatigue) هو شكل من أشكال الإرهاق العقلي، الذي يحدث بعد قضاء وقت طويل أمام الشاشات والاستخدام المفرط للأدوات الرقمية مثل التطبيقات على الجوال، وبرامج المحادثة، وبرامج الاجتماعات مثل zoom، والفحص المستمر للبريد الإلكتروني، وتلقي الإشعارات من التطبيقات المختلفة، ليمتد أيضًا إلى مشاهدة البرامج والأعمال الفنية، من خلال خدمات البث الرقمية مثل نتفلكس؛ جميعها أدت إلى زيادة عدد ساعات التعرض للشاشات.
أصبح الإرهاق الرقمي مصطلحًا شائعًا بعد جائحة كورونا التي أدت إلى تزايد أعداد العاملين من المنزل أكثر من أي وقت مضى، مما أدَّى إلى الاعتماد على الاجتماعات عن بعد، واستخدام المزيد من التطبيقات لمتابعة العمل، وأصبحت وسائل الترفيه إلكترونية عبر الشاشات بالتالي انحصرت الاجتماعات واللقاءات عبر التطبيقات، وانخفض بصورة ملحوظة التفاعل الاجتماعي وجهًا لوجه واستبداله باجتماعات ودردشات التطبيقات.
أصبحنا نقضي يومنا بأكمله أمام الشاشات للعمل ما بين الكمبيوتر والجوال والمكالمات، وبعدها ننتقل إلى الاستمتاع بتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاهدة برامجنا المفضلة، وهو ما أدى إلى تزايد المعاناة من الإرهاق الرقمي.
أعراض الإرهاق الرقمي
توجد بعض الأعراض التي تدل على التعرض للإرهاق الرقمي، وتشمل ما يلي:
- الشعور بالإرهاق بسبب الاجتماعات والفعاليات الافتراضية.
- الشعور بألم أو حكة في العين.
- الصداع أو الصداع النصفي.
- التهاب العضلات خاصة في الرقبة، والكتف، والظهر.
- زيادة الحساسية للضوء.
- صعوبة في التركيز، وتشتت الذهن.
- الشعور باليأس، والإرهاق بسبب الطبيعة المتكررة لليوم.
- الشعور بالخمول.
- سلوك عنيف أو عصبي.
أسباب الإرهاق الرقمي
أسباب الإرهاق الرقمي لا تقتصر فقط على قضاء ساعات طويلة في استخدام التطبيقات أو العمل أمام الشاشات، بل تؤدي عدة تفاعلات إلى زيادة شعورنا بالإرهاق، وتشمل ما يلي:
التفاعلات الافتراضية والدماغ
الإنسان مخلوق اجتماعي يبحث دماغه غريزيًّا عن الإشارات غير اللفظية، مثل لغة الجسد في أثناء التواصل مع الآخرين، لكن خلال الاجتماعات الافتراضية تختفي تلك الإشارات مما يزيد من تركيزه للبحث عنها، بالتالي تحفز الاجتماعات الافتراضية الدماغ، وقد تزيد من توتر الشخص وبالتالي يتعرض للإجهاد.
الضوء الأزرق والعيون
تعد شاشات الكمبيوتر، والهواتف الذكية، وأجهزة التلفزيون من الأسباب للتعرض المفرط للضوء الأزرق مما يسهم في إجهاد العين الرقمي الذي يؤدي إلى تعب العين، وعدم الراحة، وجفاف العين، والصداع والصداع النصفي، وعدم وضوح الرؤية، وآلام الرقبة والكتف، وارتعاش العين، واحمرار العين.
كما أن قضاء الكثير من الوقت في داخل المنزل أو المكتب يؤدي إلى ارتفاع قصر النظر مع التركيز على الأشياء القريبة، مثل الشاشات والهواتف الذكية.
الجلوس لفترات طويلة
جسم الإنسان ليس مصممًا ليجلس طوال اليوم، لكن في الواقع ما يحدث هو تزايد عدد ساعات الجلوس، خاصة لمن يعمل في المنزل أو المكتب بجانب قضاء المزيد من الساعات بعد العمل، وأصبحت الحركة والخروج إلى الأماكن العامة أقل مما كانت عليه.
عندما نجلس لفترات طويلة من الوقت، تتقلص عضلات الورك، وأوتار الركبة، وتتصلب مفاصلنا مما يؤدي إلى آلام أسفل الظهر، ويؤثر في المشي والتوازن، كما نفقد الإندورفين والفوائد الأخرى التي تأتي من ممارسة الرياضة أو الحركة مما يؤدي إلى ارتفاع القلق والاكتئاب.
كيف تتخلص من الإرهاق الرقمي؟
أصبح من الصعب في عالمنا اليوم التخلص من استخدام الكمبيوتر والهواتف الذكية لساعات طويلة أثناء العمل أو في أوقات الفراغ؛ مما يعرضنا للإرهاق الرقمي، مع ذلك يوجد بعض الحلول التي تساعدك على استعادة حياتك الصحية مرة أخرى، وتقليص عدد ساعات استخدام الشاشات، وتشمل ما يلي:
- إعداد قائمة بالمهام: الإرهاق الرقمي يؤدي إلى التشتت وعدم التركيز، لذلك يُنصح بعمل قائمة من المهام وإنجازها واحدة تلو الأخرى لتجنب الشعور بالإرهاق والتشتت.
- تقليل الضوء الأزرق: توفر معظم الأجهزة الرقمية إعدادات لضبط مرشحات الضوء الأزرق أو تشغيلها، مما قد يجعل وقت الشاشة أقل إجهادًا للعينين.
- وضع الشاشة: تجنب الانحناء أمام شاشات الكمبيوتر، ووضعيات الجلوس السيئة، وضع شاشتك على بعد 20 إلى 40 بوصة منك، ليصبح الجزء العلوي من الشاشة على مستوى عينك.
- فترات راحة من الشاشة: يجب الحرص على أخذ فترات راحة، والابتعاد عن الشاشات لعدة دقائق في أثناء العمل، وأفضل طريقة هي الابتعاد تمامًا عن المكتب، وتجنب استخدام الهاتف الذكي خلال تلك الفترة من الراحة.
- الخروج من المباني: التعرض إلى الهواء النقي يجدد النشاط، ويمنح عينيك وعقلك فرصة لإعادة الشحن، لذلك يجب يوميًّا الخروج في الهواء الطلق، والتعرض للشمس.
- تناول وجبة خفيفة صحية: تناول وجبات خفيفة صحية على مدار اليوم، مثل المكسرات أو الشوكولاتة الداكنة أو اللبن يحافظ على طاقتك ونشاطك، ويقلل من الإجهاد، لكن احرص على تناول وجبتك بعيدًا عن الشاشات.
- إيقاف تشغيل الكاميرا: ليس من الضروري تشغيل الكاميرا في أثناء اجتماعات العمل اليومية، ويُفضل إجراء المكالمات فقط لتقليل التوتر.
- ملاحظات خط اليد: دوّن ملاحظاتك في العمل عن طريق الكتابة بخط اليد، باستخدام الورقة والقلم لتخفيف استخدام الوسائل الرقمية.
- حدد ساعات عملك: يجب أن تكون ساعات عملك محددة خاصة عند العمل عن بعد، حيث يسهل العمل لساعات إضافية أو وقت متأخر من المساء مما يؤدي إلى زيادة الإرهاق الرقمي.
- بعد انتهاء العمل: يجب عليك البحث عن أنشطة مختلفة بعيدًا عن الشاشات بعد انتهاء العمل، مثل الالتقاء بالأصدقاء أو الطهي أو الذهاب في نزهة أو ممارسة بعض النشطة مثل ألعاب الذكاء أو الهوايات.
الإرهاق الرقمي أصبح من سمات العصر الحديث، وينتج عن تزايد عدد ساعات استخدام التطبيقات والوسائل الإلكترونية للعمل أو الترفيه، والتعرض المستمر للإشعارات من مصادر مختلفة.