يطل علينا العدد الجديد (98) من مجلة حراء بموضوعات متنوعة فكرية وأدبية وعلمية وثقافية وتربوية، ليشكل منها وحدة موضوعية تعالج كثيرًا من القضايا الآنية المتعلقة بالفرد والمجتمع.
تسلط الضوء فيه على مزيد من الحلول لمعالجة كثير من القضايا المطروحة على الساحة الفكرية، بأقلام نخبة من الكتاب المتميزين من مشارق الأرض ومغاربها.
تفتتح المجلة عددها بمقالها الرئيس “البارحة واليوم” للأستاذ فتح الله كولن، والذي قال فيه: “ليتنا أدركنا ذلك العالم الجميل، ليتنا أدركناه عندما كانت أنظمته الفريدة تعمل بأداء باهر، قبل أن تَعصفَ برياضه العواصفُ، وتَذبلَ أزهارُه، وتحترقَ غاباتُه، وتَجرفَ السيولُ مزارعَه”.
إنه الموضوع الرئيس الذي يشير إلى أن الحضارة صناعة ثقيلة وثمينة، وخسرانها خسران مبين. ولقد استطاعت هذه الأمة أن تبني حضارتها يومًا فكانت من أعظم الحضارات، ثم خبا نجمها ولم تبق سوى آثارها.
وقد تناول الدكتور “أمير السيد ذكي” جانبًا محوريًّا آخر وهو “الفيروسات الجديدة من النزلة الوافدة التي لم نسمع عنها من قبل، والتي ظهرت كلها مع موجات البرد والصقيع الذي تشهده الآن بلاد العالم شديدة البرودة في الشتاء”، وذلك من خلال مقاله الموسوم بـ“النزلة الوافدة” والقائل فيه: “يرجع وباء النزلة الوافدة إلى شدة برودة الجو، وتناول الناس الأدوية الكيميائية بصفة مستمرة ضد هذا الفيروس المراوغ، مما أدى إلى تَحوُّره في صورة أخرى وبائية”.
وينوِّه الدكتور “علي مدني الخطيب” في مقاله “السعادة الزوجية بين الواقع والمثال“، على أهمية السعادة الزوجية وضوابطها قائلاً: “لقد ثبت أن السعادة الزوجية ترفع مناعة الجسم وتقويها. وأثبتت الدراسات أن السعادة الزوجية تؤثر على زيادة نسبة الكولسترول الجيد بين الأزواج، وأن هرمون الكورتزون مرتبط بالضغط العصبي، وأن السيدات اللواتي يرتفع عندهن نسبة هذا الهرمون، يتعرضن للطلاق بعد مرور عشر سنوات من الزواج”.
كما سنتعرف على طريقة التكاثر عند النباتات، وتكيف النباتات مع البيئة، والتكافل الاجتماعي عند النباتات، وكيف تدافع النباتات عن نفسها؟ وذلك في مقال الأستاذ “محمد زين العابدين” الموسوم بـ“مملكة النباتات” والقائل فيه: “أثبتت الأبحاث أن النباتات تحرك أعضاءها بحرية ورشاقة، وأن لها استجابات حركية تجاه المؤثرات المختلفة، بما في ذلك الاستجابات الشعورية للحب أو الكراهية، وللعناية أو الإهمال، وهو ما يوازي الجهاز العصبي في الإنسان والحيوانات الراقية”.
وفي مجال العلوم تُطلعنا الأستاذة “سريعة سليم حديد” من خلال مقالها “الذهب الأحمر: الزعفران” على أن الزعفران ليس أزاهير للعرض، بل هو مادة نافعة جدًّا، وقلَّ نظيره لما يحمل من حساسية في كل مراحل الحصول عليه. فهو يعطي انسجامًا نفسيًّا ويمنع اعتلال المزاج والكآبة، ويبعد المرء عن الوساوس ويمنحه الراحة.
ويعرفنا الدكتور “شريف علي تاكالان” من خلال مقاله “السعادة والسلام الداخلي” على أن السعادة هي شعور بالرضا، وطمأنينة النفس، والبهجة، والسرور، وهي حالة يصل إليها الإنسان من السلامة والراحة الجسدية والروحية. ويوصف الإنسان الذي يعيش سلامًا داخليًّا، ويحافظ على الهدوء مهما كانت الظروف، ولا يعبأ بسفاسف الأمور، ويفكر دائمًا بطريقة إيجابية، وبالتالي يعرف كيف يتعامل مع الآخرين؛ بالسعيد، المطمئن، الراضي أو المسرور”.
هذا إلى جانب عدد آخر من المقالات الأدبية والعلمية والثقافية والفكرية التي ذخر بها هذا العدد من حراء، والتي نرجو أن يجد فيه قراؤنا الأعزاء ما يمدهم بالفكر الواسع، ويدفعهم إلى تنمية ملكات الإبداع والتأمل لديهم، والله الموفِّق والمستعان.