قطوف كونية
تنعقد الآمال علي أبحاث وطب الخلايا الجذعية. ومع تنامي تلكم الآمال بحل معضلات طبية، يتزايد “الجدل” حول انفلات أبحاثها وتطبيقاتها من الضوابط الأخلاقية. فما هذه الخلايا الجذعية، وما هي الضوابط الأخلاقية لحسم هذا الجدل، ليستمر بقاء الأمل؟
الخلايا الجذعية Stem Cells (الجذرية/ الأولية/المنشأ) هي خلايا غير متمايزة، وغير متخصصة، أي لا تقوم بوظيفة محددة. لكنها ـ تحت ظروف تحضيرية مناسبةـ تتخصص وتنقسم وتتكاثر لتكون خلايا بالغة من أعضاء الجسم، كخلايا القلب، والبنكرياس، والعضلات، والكبد، والأعصاب، والجلد، والجهاز المناعي إلخ. مما يشير إلى أن “أصل” الأنسجة/ الأعضاء المختلفة بالجسم يمكن إرجاعه إلي هذه الخلايا لذا أطلق عليها اسم (Stem Cells)، أي كونها “أصل” الخلايا/ الأنسجة/ الأعضاء. وعلى جانب آخر.. يمكن اعتبار الخلايا الجذعية نظام “بناء، وإصلاح، وتجديد” للجسم وأنسجته وأعضائه. ومنذ عزلها للمرة الأولى عام 1998م، وهي تمثل حقلاً للمشاريع البحثية والتجارب العلمية التي تستقطب كثيرًا من الدعم المالي بغية معضلات طبية وأمراض مستعصية. ففي هذا المجال يتوقع الاختصاصيون الوقوف على بعض أسرار الحياة، والتعرف على العوامل التي تهيمن على ديناميكيات الخلية، التي تؤدي إلى تخصصها، وقيام كل عضو بوظائفه الفطرية. كما تمكن من الوقوف على أسباب العقم، وعطب الأعضاء كاحتشاء القلب، والفشل الكلوي، وشلل الأطفال، ومرض الزهايمر، والشلل الرعاش. كما تشكل جانبًا حيويًّا للعديد من الآمال حول “الطب الاستبدالي”، وتغيير واستبدال الأعضاء بعد أذيتها أو مرضها.
أنواع الخلايا الجذعية
هناك خلايا جذعية جنينية (ESC) Embryonic Stem Cells تستخرج من الأجنة في مراحلها الأولي، وهي مثار جدل أخلاقي/ علمي كبير، وخلايا جذعية جسدية بالغة Adult stem cells) تستخرج من خلايا الجسم كالنخاع العظمي والرئة والقلب والعضلات وغيرها. فمن السقط أو من الحبل السري أو المشيمة، المسؤولة عن الإمداد الدموي والغذائي للجنين كانت تُستخرج هذه الخلايا. وتعتمد الخلايا الجذعية على ما يسمى بـ”العمر الجنيني” للجسم، فهناك خلايا تُوجه توجيهًا عامًّا، وهناك أخرى “كـُلية القدرة” تُوّجه لصنع أغلب أنواع الأنسجة. وهناك خلايا “بالغة” تتكاثر لتصنع نسيجًا خاصًّا للجسم (مثل الكبد أو نخاع العظم أو الجلد..إلخ). ومع كل خطوة نحو البلوغ، فإن تخصص الخلايا الجذعية يكون أضيق، ومن ثم في مرحلة البلوغ، لا توّلد خلايا الكبد إلا خلايا كبد أخرى، وخلايا الجلد تنتج خلايا جلد أخرى إلخ. في هذا الشأن يمكن تمييز الأنواع التالية: خلايا كاملة القدرات، وخلايا وافرة القدرات، وأخرى متعددة القدرات، وأحادية القدرات.
وعبر دراسة الخلايا الجذعية وتحولها إلى خلايا متخصصة يمكن التعرف على مراحل انتقال الجنين من طور إلى طور من “منظور جزيئي”. هذا “المنظور” يتعرف على تلك الخلايا غير المتخصصة التي تنتهي بأكثر من 220 نوعًا متخصصًاً من الخلايا الموزعة في نُسج الجسم المختلفة، وفق ما يُعطي من “التنبيه المناسب لكل نمط خلوي نوعي”. وإذا لم يعط أي منبه تمايزي محدد، تستمر الخلايا الجذعية بالانقسام حيث تبقى كل خلية متولدة/ ابنة Daughter cell متعددة الخيارات. إذن ثمة “توجيهات” للخلايا الجذعية عبر خواصها الكامنة التي تفتح مجالات من الخيارات والتمايز.