الرفراف يلهم علماء اليابان

بلغ قطار “شينكانسن” الياباني سرعة تفوق 300 كم/ساعة، وهي سرعة لم يصلها أي قطار قبل عام ١٩٧٩م. بَيد أن هذه السرعة الفائقة كانت تسبب ضجيجًا شديدًا للقطار.. كان الضجيج ينشأ من مصدرين رئيسيين، الأول هو الصوت المدوي الذي ينتشر لمسافة 400 متر عندما يدخل القطار الأنفاق، بسبب الضغط الهوائي العالي، والثاني هو الصوت الناتج عن تلامس القطار مع الأسلاك الكهربائية العلوية التي تمده بالطاقة.

لهذا السبب، تم استدعاء فريق من المهندسين لتحسين تصميم القطار وجعله أقل إزعاجًا. كان رئيس قسم التطوير التقني للمشروع يهوى مراقبة الطيور، فاستوحى تصميم القطار السريع من طائر “الرفراف” الذي يستطيع الغطس في الماء بسرعة هائلة دون إصدار أيّ صوت. كان القطار والرفراف يواجهان نفس المشكلة من حيث كيفية التغلب على المقاومة التي تحدث عند الانتقال من وسط إلى آخر؛ إذ القطار ينتقل من الهواء إلى الأنفاق، والرفراف من الهواء إلى الماء. ولكن الرفراف حلَّ هذه المشكلة بمنقاره الحاد الذي يخترق سطح الماء بسلاسة.

فقام المهندسون بتطبيق الآلية نفسها على رأس القطار السريع لتقليل الضجيج، كما قاموا بتقليد ريش البومة التي تتميز بالهدوء والدقة في الطيران، لتخفيف الصوت الناتج عن التواصل مع الأسلاك الكهربائية. وبهذه الطريقة، أصبح القطار السريع أخف صوتًا وأفضل فعالية، ونجح المشروع.

يقف الإنسان مشدوهًا أمام القدرة الخارقة التي يتمتع بها هذا الطائر، ويزداد فضولاً إلى معرفة المزيد عن أسرار عالمه السحري.. ينبهر عندما يرى هذه الصور الناطقة التي تجلَّتْ فيها قدرة صانعها في أدق مظاهرها.. وإلا فمن الذي علَّم طائر الرفراف هذا العلم الدقيق الذي عجز الإنسان عن إدراكه؟