إن الأمة اليوم في أمس الحاجة إلى أبطال يرسمون لها الخارطة الفكرية والروحية التي تستند إلى عقيدتها وتاريخها، وتتوافق مع روح العصر وتوجهاته الفكرية والثقافية والحضارية.. بإحياء فكرها الأصيل وموازينه الدقيقة فقط، تستطيع الأمة إنقاذ نفسها من فوضويتها الفكرية، وامتلاك ناصية نفسها، ومن ثم بناء عقولها الواعية المدركة من جديد. فمقال الأستاذ “فتح الله كولن” “أنفاس نتوق إليها” المتصدر هذا العدد من “حراء”، يضع أسس هذا البناء الفكري والروحي للأمة، وذلك بأنفاس أبطال مخلصين، ينقذون إنساننا الذي فُصِم قلبُه عن عقله، وعزبت روحُه عن وجدانه، ويخلِّصونه من أزمته التي دامت قرونًا.. إنه يفتح أفكارنا وبصائرنا لنرى الأعمق من كل شيء، ويريدنا أن نكون أصحاب مشاريع إحيائية جديدة.

و”محمد علي أمين” يُدخلنا عالم “الحكايات الموجَّهة للطفل وأثرها في بنائه النفسي”، مبينًا دور هذه الحكايات الفعال في بناء شخصية الطفل ونموه النفسي، ومن ثم تعزيزها القدرات الذهنية والإبداعية عنده، ودورها في تنمية مهاراته اللغوية والاجتماعية أيضًا.

أما “إيمان مسعود” فتتحدث عن الصحة العقلية وضرورة حمايتها، مؤكدة على أنها عملية مهمة أساسية للنجاح والتوازن في الحياة ما دمنا نواجه الكثير من التحديات والضغوطات في حياتنا اليومية.

وعلى الصعيد الديني والإنساني، فإن رعاية الشيخوخة تعدُّ واجبًا دينيًّا وإنسانيًّا في آن واحد. لذلك يتعين على كل امرئ توفير الدعم والرعاية الكافية لكبار السن، وضمان حياة كريمة ومستقبل مستدام لهم. وهذا ما تطرقت إليه “حسناء عبد الحميد” في مقالها “رعاية الشيخوخة واجب ديني أم إنساني؟”.

مع التطور التكنولوجي السريع، أصبح هوس الشهرة أمرًا خطيرًا؛ حيث يسعى الكثير وراء الظهور في وسائل التواصل الاجتماعي بهدف الشهرة والصيت، بينما المطلوب أن ندرك أنّ القيم الحقيقية للشهرة تكمن في المساهمة الإيجابية في المجتمع، وتحقيق النجاح من خلال العمل الجاد والإيثار. وهذا ما يسلط الضوء عليه “خالد صلاح حنفي” في مقاله “هوس الشهرة في عصر التواصل الاجتماعي”.

إن البيئة والتنمية المستدامة اليوم، أصبحت محور اهتمام البشرية أجمع، حيث أدركت البشرية أهمية الحفاظ على الطبيعة واستغلال مواردها. وبدأ الاقتصاد الأخضر يسعى إلى تحقيق نمو اقتصادي وتنمية مستدامة، من خلال توفير فرص العمل وحماية البيئة. وهذا ما تحدث عنه “أنس بوسلام” من خلال مقاله الموسوم بـ”الاقتصاد الأخضر وسياسة الطاقات المتجددة”.

وأما “نور الدين صواش” فيتحدث عن أسماك نجحت في كسر الصورة المألوفة لدى الإنسان؛ فخرجت من الماء، وتسلَّقت على الأشجار، وتنقلت بين الأغصان بكل سهولة.. ولكن كيف ذلك؟ وكيف تتنفس هذه الأسماك خارج الماء؟ تفاصيل كل ذلك في المقال المعنون بـ”أسماك تتسلق الأشجار.. لماذا؟”.

ونأمل أن تكون “حراء” قد قدمت في هذا العدد أيضًا، وجبة دسمة من الغذاء العلمي، والفكري، والثقافي، والأدبي، يسدّ مجاعات روحية وفكرية لا زلنا نعاني منها في يومنا الحالي. والله المستعان.