الرسول والميلاد الشريف

سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم 

تسابَقَتْ لحظات الوجود وتسارَعَتْ وتنافَسَتْ أيُّها تكون هي اللحظة الواعدة بميلاد الحبيب المصطفى والنبي المُجتبى صلى الله عليه وآله وسلم، حتى كانت تلك اللحظة التي أنار فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم الوجود بطلعته البهيَّة.. فكانت هي أشرفُ اللحظات وأعلاها، وأرقاها وأسماها، وأزكاها وأنماها، وأنورُها وأعطرُها وأزهرُها وأحلاها..

ثم يتلوها في الشرف والرفعة ما بعدها من اللحظات، ثم ما بعدها.. وهكذا، اقرأ إن شئت قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم، متحدثًا بنعمة ربه وفضله عليه، ومظهرًا تلك المكانة الجليلة: “خيرُ القرونِ قرْني، ثمَّ الَّذين يلونَهم، ثمَّ الَّذين يلونَهم“، فشرُف الزمان لانتسابه للحبيب صلى الله عليه وآله وسلم، وهكذا الحال في كل من انتسب للنبي أو اقتربَ منه، فكل من ازداد من الحبيب قُربًا ازدادَ شرفًا وعلا فضلاً؛ فخيرُ الزمانِ زمانُه، وخيرُ المكانِ مكانٌ وُلِدَ فيه أو هاجر إليه وانتُقِلَ فيه، حتى فاضل العلماء بين مكة والمدينة أيتهما علت في الشرف والفضل؟ والمعيار في هذه المفاضلة هي النسبة النبوية والعلاقة المحمَّدية، مكة بلد المولد والنشأة، والمدينة بلد الهجرة والانتقال إلى الرفيق الأعلى..

وخيرُ الصحبِ صحبُه، وخيرُ الآلِ آلُه، وخيرُ البُيوتِ بيتُه، وخيرُ الأمم أُمَّتُه، وخير الكلامِ كلامٌ نزل عليه، فالحمد لله أن شرَّفنا بالانتساب إليه..

فمما أُعطيت أُمَّتهُ من الشرف الثابت الأساس، والخطاب الشريف الذي بغيره لا يُقاس، قول الله عز وجل: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾.

أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، وابتعثه خاتمًا للنبيين، فعمَّت رحمته البادي والحاضر، وشملت العباد حتى المنافق والكافر، غير أنَّ لهذه الأمة العظيمة، من هذه الرحمة العميمة، أجزل نصيب وأوفر غنيمة.

هو شجرةُ الأصل النُّورانيَّة، ولمعةُ القبضة الرحمانيَّة، وأفضلُ الخليقة الإنسانيَّة، وأشرفُ الصورة الجسمانيَّة، ومعدنُ الأسرار الربَّانيَّة، وخزائنُ العلوم الاصطفائيَّة، صاحب القبضة الأصليَّة، والبهجة السنيَّة، والرتبة العليَّة، مَنْ اندرجت النبيون تحت لوائه فهُم منه وإليه، صلى الله وسلم وبارك عليه، منه انشقَّت الأسرار، وانفلقت الأنوار، وفيه ارتقت الحقائق، وتنزلت علوم سيدنا آدم عليه السلام فأعجز الخلائق، وله تضاءلت الفهوم فلم يدركه منا سابقٌ ولا لاحقٌ.

فاللهم اجعلنا ممَّن لزم ملة نبيكَ سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعظَّم حُرمته، وحفظَ عهدهُ وذمَّته، ونصر حزبه ودعوته، وكثَّر تابعيه وفرقته، ووافي زمرته ولم يخالف سبيله وسنَّتَهُ.. اللهم آمين.