إن قيم التعليم والتربية جوهرية لتحقيق التقدم والرقي؛ فهي تساهم في بناء الإنسان وتعزيز تنمية ملكاته وقدراته في عمارة الأرض على الصلاح والجمال. وقد تناول الأستاذ “فتح الله كولن” في مقاله المتصدر لهذا العدد من “حراء”، قيم التربية والتعليم الجوهرية هذه، مؤكدًا دور المعلِّم الذي يعمل إلى إنشاء جسر متين بين الحياة والإنسان، يقول: “إن الحياة هي أكبر مرشد وأصدق أستاذ لا يعتريه التغير أصلاً، بل يردد دروسه دون توقف أو فتور، ولكن إذا عجز المرء عن تلقي الدرس من الحياة بشكل مباشر، فسيكون بحاجة إلى الوسطاء، وهؤلاء الوسطاء الأصفياء هم المعلمون. هؤلاء الأبطال الذين أنشأوا جسرًا بين الحياة وذاتية الإنسان، واستطاعوا أن يفسروا العبارات الغامضة للأحداث”.

إن قيم التعليم والذكاء الاصطناعي، من القضايا الهامة في العصر الحديث، فبينما يعكف العالم على تطوير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتحسين حياتنا، ينبغي علينا ألا نغفل عن القيم الأخلاقية التي توجهنا في هذا المجال.

أما عن الذكاء الاصطناعي، فهو مجال متقدم في علوم الحاسوب، يهدف إلى تطوير نظم ذكية قادرة على التعلم والتفكير واتخاذ القرارات بمثابة الذكاء البشري، ويعتمد على مجموعة من الأدوات، مثل التعلم العميق، وتحليل البيانات الضخمة، والشبكات العصبية الاصطناعية. ولكن “هل الدماغ الاصطناعي يجُبُّ الدماغ البشري؟” هذا ما يوضحه “ناصر أحمد سنه” في مقاله العلمي الشيق. ويتحفنا “خالد حربي” بمقاله عن “أخلاقيات الطب في التراث”، مشيرًا إلى أنها قيم أساسية ينبغي على الأطباء تطبيقها أثناء ممارسة مهنتهم، كما أن التمسك بهذه الأخلاقيات، يعطي ثقة للمريض ويضمن له رعاية صحية عالية الجودة.

يعاني الأطفال في مراحل عمرية مبكرة من مشاعر الخوف والقلق بشكل عام. قد يكون السبب في ذلك تجارب سلبية سابقة، أو تأثرهم بالمحيط الاجتماعي، أو الشعور بعدم الأمان. ومن ثم ينبغي على الآباء أن يتعاملوا مع مشاعر “الخوف لدى الأطفال” بصورة حنونة وداعمة، حيث يمكن الحديث مع الطفل عن مصدر خوفه، ومحاولة مساعدته في التعامل معه. وهذا ما يتطرق إليه “عبد الله رمضاني” في مقاله التربوي القيم.

أما “إيمان مسعود” فتتحدث عن “التلوث الضوئي”، الذي أصبح مشكلة بيئية حديثة يواجهها العالم برمته، مبيِّنة أن التلوث الضوئي يسبِّب تشتت الضوء الاصطناعي في الغلاف الجوي، ومن ثم يؤدي إلى اختفاء النجوم وتشويه الظاهرة الطبيعية للسماء المظلمة. ويؤثر التلوث الضوئي -كذلك- على الحياة البرية وصحة البشر. وعن “الشخصية السيكوباتية” التي تتسم بالانغماس في الذات والانغماس في الأفكار الكابوسية وأفكار السطح والعنف والعنف الذاتي، فتعتبرها “سريعة سليم حديد” -وفق الدراسات العلمية- اضطرابًا نفسيًّا خطيرًا يتطلب عناية طبية وتدخلاً نفسيًّا.

أما “محمد السقا عيد” فيتحدث عن ظاهرة “دَيجافو” التي تدفع الشخص إلى الشعور بأنه شهد موقفًا معينًا من قبل، مع أنه في الحقيقة لم يتعرض له سابقًا، مشيرًا إلى أن “ديجافو” ظاهرة تحدث نتيجة التداخل بين الذاكرة والتفكير، ويمكن أن تحدث نتيجة اختلال في الدماغ.

إلى مقالات أخرى قيمة؛ علمية وتربوية وأدبية وفكرية وثقافية، تَسعَد “حراء” بتقديمها إلى قرائها الأعزاء. والله المستعان.