يطل علينا العدد الجديد (93) من مجلة حراء بموضوعات متنوعة فكرية وأدبية وعلمية وثقافية وتربوية، ليشكل منها وحدة موضوعية تعالج كثيرًا من القضايا الآنية المتعلقة بالفرد والمجتمع.
تسلط الضوء فيه على مزيد من الحلول لمعالجة كثير من القضايا المطروحة على الساحة الفكرية، بأقلام نخبة من الكتاب المتميزين من مشارق الأرض ومغاربها.
تفتتح المجلة عددها بمقالها الرئيس “نظامنا التربوي” للأستاذ فتح الله كولن المتصدر هذا العدد من حراء، والذي استهل كلامه فيه بـ “المدرسة مكان التعلم، فهناك يتم تعلم الحياة وما وراء الحياة. صحيح أن الحياة بذاتها مدرسة، ولكن لا سبيل لنا إلى تعلم الحياة إلا عن طريق المدرسة”.
إنه “الموضوع الرئيس للتربية، لأن المعلم الحقيقي هو الذي ينثر البذور الصافية النقية ويحافظ عليها”.
وإذا كان الأستاذ كولن أكّد على أن المعلم في هذه المدرسة هو المرشد الذي يستوعب ما نعيشه في الخارج فيبعث فيه الحياة في أعماق وجداننا، فقد تناول الدكتور “ناصر سنة” جانبًا محوريًّا آخر وهو “الذكاء الاصطناعي”، وذلك من خلال مقاله الموسوم ب “الدماغ الاصطناعي هل يجُبُّ الدماغ البشري؟” والقائل فيه سائلاً “أصبح الدماغ الاصطناعي يدبج لك -فردًا ومؤسسة- المقالات الأدبية، والبحوث العلمية، والقصص الروائية، والمسائل الرياضية، والبيانات الصحفية.. ومع صعوبة التمييز بين الإبداع الاصطناعي ونظيره البشري، هل سيجُبُّ الدماغ الاصطناعي -بمعالجة النصوص والحوسبة اللسانية- وظائف نظيره البشري، أم أن الأمر مبالغ فيه ولا يخلو من مثالب؟ وهل صعود الدماغ المولِّد للغة/الكتّاب الآليين يمثل خطرًا على إبداعات الدماغ البشري؟”. أما الدكتور “خالد حربي” فيحدثنا في مقاله “أخلاقيات الطب في التراث” عن “أن الخلُق الكريم والاستقامة والفضيلة، هدف من أهداف الرسالات السماوية، وأساس من أسس السعادة”. ويستعرض الدكتور “العطري بن عزوز” في مقاله “دور الفكر الإسلامي في تحصين عقول الشباب“، أنه من الضروري النظر في معالجة مشكلات الشباب، من خلال الفكر الإسلامي وما له من دور في تحصين عقولهم؛ لأن ما يتعرض له الشباب اليوم، أمر يستوجب التوقف عنده، ووضع إستراتيجية دفاعية تحصن العقول من التشويش الفكري”. كما سنتعرف على الشخصية السيكوباتية بأنها اضطراب نفسي يتميز عن غيره بمجموعة من الصفات، كالسلوك الذي يتعارض مع الأعراف المجتمعية، ويقوم “السيكوباتي” بانتهاك حقوق الناس، كما أنه غير قادر على التمييز بين الصح والخطأ، ويتلاعب بمشاعر الآخرين، ويتجاهل سلامة من حوله. وذلك في مقال الأستاذة “سريعة سليم حديد” الموسوم ب “الشخصية السيكوباتية مرض نفسي أم عقلي؟“.
وفي مجال العلوم يطلعنا الدكتور “محمد فتحي فرج” من خلال مقاله “قلة النوم أخطر مما نتصور” على أن للمخ دور في النوم واليقظة كشأنه في مجموعة من الوظائف والأنشطة الأخرى، كالتفكير والتذكر والحكم على الأشياء، والمستويات المختلفة للمزاج مثل الابتهاج والخوف والاكتئاب إلى غير ذلك من الحالات”. ويدعو الدكتور “عبد الله رمضاني” من خلال مقاله “مشكلة الخوف لدى الأطفال” الآباء أن يوصلوا للطفل شعورًا بالتفهم، وأن يقفوا إلى جانبه وليس ضده، وأن يهيئوا له جوًّا نفسيًّا من الهدوء النسبي، وأن يساعدوه كيف يتعامل مع مشاعر الخوف والقلق، ويتعلم كيف يتصرف بجرأة على نحو تفاؤلي وإيجابي.
هذا إلى جانب عدد آخر من المقالات الأدبية والعلمية والثقافية التي ذخر بها هذا العدد من حراء، والتي نرجو أن يجد فيه قراؤنا الأعزاء ما يمدهم بالفكر الواسع، ويدفعهم إلى تنمية ملكات الإبداع والتأمل لديهم، والله الموفِّق والمستعان.