أيها القارئ الكريم، لقلبك السلام
دعني أسألك، أنا وأنت أيها الطيب، لقد تعودنا أن نقرأ القرآن الكريم بحثًا عن الأجر والثواب، خوفًا من النار والعقاب، لكن هل قرأنا القرآن ونحن نبحث عن الجمال؟
هيا، قم بنا إذن نتتبع مواطن الجمال كما تتبع قوافل العطاشى مواطن القطر، علنا نرجع بقبس أو نبأ.
يقول ساداتنا أهل المعرفة بالله: لا تستغرب وجود الأكدار ما دمت في هذه الدار، فطوبى ويا يسعد كل صبار. نعم طوبى لكل صبار جميل الصبر، عجبًا! أيكون الصبر جميلا؟ (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلاً) [المعارج: 5]
نعم إنه صبر جميل، صبر بلا شكوى، صبر مع أمل. قد تصبر، ورغم الصبر تحتاج أن تَهْجُرْ.
إن كان ولا بد، فلا تهجر هجر لئام الأصول، أندال النفوس، صلاب الوجوه. بل اهجر بلا أذى.
(وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً) [المزمل:10].
وأعرف مسبقًا سبحان الله، بما رأيت من سير الأخيار وأهل الفضل والصلاح، قراءة ومعايشة أنه ما من عبد أراد الله تعالى به خيرًا إلا وقذف في قلبه مواهب الرحمة وفضائل العفو وشمائل الصفح، فترى الواحد منهم كأنه تحقق بتفسير السعدي رحمه الله ورضي عنه. {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} أي: قد تخلقوا بمكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، فصار الحلم لهم سجية، وحسن الخلق لهم طبيعة حتى إذا أغضبهم أحد بمقاله أو فعاله، كظموا ذلك الغضب فلم ينفذوه، بل غفروه، ولم يقابلوا المسيء إلا بالإحسان والعفو والصفح. فترتب على هذا العفو والصفح، من المصالح ودفع المفاسد في أنفسهم وغيرهم شيء كثير، كما قال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}.
نعم يا صاح، إنها آيات الجمال تنزلت من حضرة رب جميل. (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) (سورة الحجر: )85
اللهم جملنا بمكارم الأخلاق ومحاسن الشيم – آمين –
وصلى الله وسلم تسليمًا كثيرًا طيبًا مباركًا على سيدنا ومولانا محمد صاحب الخلق العظيم والمعدن الطاهر الطيب الكريم. – اللهم آمين –