الأندلس، ذلك الغصن الرطيب الذي شغل الشعراء، بلد الموشحات، فإن لها تاريخ طويل مع الكتب والمكتبات، منذ أن دخل فيها عبد الرحمن الداخل واستوى على عرشها أصبحت محطة العلماء والباحثين، فكان أهل الأندلس بكل طبقاتها يحرصون على اقتناء الكتب، وكان حكامها مثقفين، كما نرى في سيرة المستنصر الذي وصف بأنه كان جماعًا للكتب، وكان يرسل المبعوثين إلى القاهرة ودمشق وبغداد والمدن الأخرى لشراء الكتب بأثمان غالية، وكان في مكتبته الخاصة أكثر من 400 ألف مجلد بل أنشأ فروعًا لمكتبته في العاصمة والمدن لتيسير الاطلاع على العلم، وهو الذي تولى رعاية مكتبة قرطبة التي كانت تعد من أكبر المكتبات في أوربا، وكانت مكتبة قرطبة تنافس المكتبات العالمية الحديثة، وكان فيها لجان خاصة مكلفة بعدة أعمال، لجنة للتدقيق والمراجعة، ولجنة للنقل والترجمة، وكلها كانت بأيد فتية ذات خبرة واسعة، وقد أشادت جل المصادر التي أرخت للأندلس بدور الحكام في الاهتمام بالكتب والمكتبات، ورعاية الحركة العلمية ورعاية طلاب العلم، كما كان للأوقاف دور هام في توفير التعليم للفقراء المحرومين من شراء الكتب واحتياجات الدراسة.