أجل، قد يوفي الآخرون حق إرادتهم وبعد ذلك يتجهون إلى ذلك الشخص ويطلبون منه الدعاء، وإزاء هذا الموقف يجب على ذلك الشخص أن يلزم التواضع والمحو وألا يخرج عن حدّه، ويسأل الله ما يريد قائلاً: “اللهم لا تكذّب ظنهم فيّ، فأنا أخجل من اللامبالاة بالناس والإعراض عنهم”.. فإن حدث واستجيب دعاء هذا الشخص، فينبغي له ألا ينسى أن الأمر كله بيد الله تعالى، ويُرجع الاستجابة إلى حسن ظن الناس به، وتوجّههم الصادق إلى ربهم عز وجل. فإنْ نظر الإنسان إلى الأمر على هذه الشاكلة، فلن يتلطّخ بالشرك ولن تُداخله الأنانية. فيجب على الجميع أن يتحرك بحيطةٍ وحذر، فإن أجرى الله تعالى الشفاء على يد أحدٍ، فليعترف بالفضل في ذلك إلى الله عز وجل؛ فمثلاً على الإنسان إذا ما وضع يده على المريض أن يقول: “اللهم اجعل يد سيد السادات صلى الله عليه وسلم فوق يدي، وخلّص هذا الإنسانَ مما يشكو منه، فأنا لا حول لي ولا قوة ولا أملك من الأمر شيئًا، ولكن ما دام هذا الإنسان قد توجه بحسن ظنه إلي فلا تردّه يا رب خائبًا، وأنعم عليه بالشفاء برعايتك وكلاءتك وعنايتك”.. عليه أن ينسب الأمر إلى صاحبه الحقيقي وينجو بنفسه منه.
ولا بد أن ننوّه أن قيام البعض بفتح بيوتٍ خاصة للدعاء والكهانة، وكتابة الأحجبة للغادي والرائح، وامتهان هذه الوظيفة ليس من الإسلام في شيء؛ فقد بين الإسلام أماكن الدعاء وكيفيته، غير أن امتهان هذا العمل والزعم بأن الشفاء لا يتأتى إلا بهذه الوسيلة، لهو خطرٌ عظيم وجرمٌ كبير؛ حيث يجعل الشخصَ ينسب إلى نفسه أشياء لا تليق إلا بربه عز وجل. من أجل ذلك يجب على المؤمن أن يكون حذرًا على الدوام، وأن يعتبر نفسه إنسانًا عاديًّا، وأن يتحرّى مثل هذا الوعي والحساسية البالغة في جميع حياته.
(*)جهود التجديد، دار النيل للطباعة والنشر، ط١، ٢٠١٧، القاهرة. ترجمة عبد الله محمد عنتر.