ولقد خصصت مقالتي هذه لتتناول الإجابة المبسطة عن بعض من الأسئلة المُبهمة عن الزلازل، وتفسيرها من الناحية الجيولوجية، وفهم أسباب حدوثها، وكيفية التعامل معها، ومدى إمكانية التقليل من مخاطرها.
ماهي الصفائح التكتونية؟
ينقسم الغلاف الصخري للأرض (Lithosphere) إلى صفائح (Plates) تسمى بالصفائح التكتونية أو الألواح التكتونية التي تطفو فوق طبقة الأسينوسفير (Asthenosphere) المنصهرة في باطن الأرض. ويعتبر الانجراف القاري أو زحزحة القارات، نشاطًا جيولوجيًّا تقوم به الصفائح التكتونية للكرة الأرضية بحركة تباعدية أو تقاربية، أو بالاحتكاك بين صفيحتين أرضيتين. ولقد قدّم “ألفريد فيجنر” (١٩١٢) فرضية أن القارات كانت يومًا ما، قارة واحدة عملاقة قبل أن تنقسم وتنجرف وتتباعد إلى مواقعها الحالية. ويمكن تمييز الصفائح الكبرى التالية بحسب القارة أو المحيط أو المنطقة التي تقع عليها كالتالي:
الصفيحة الأمريكية الشمالية (North American Plate): وتشمل الكتلة القارية للأمريكيتين، مع جزء من قشرة المحيط الأطلنطي حتى حوافه الوسطى.
الصفيحة الأفريقية (African Plate): وتشمل كل إفريقيا حتى الحافة الوسطى للمحيط الأطلنطي ونحو نصف المحيط الهندي الغربي.
الصفيحة الأوراسية (Eurasian Plate): وتشمل معظم آسيا وأوروبا، وتمتد بين الحافة الوسطى للمحيط الأطلسي غربًا، والبحر المتوسط وسلسلة الجبال الإلتوانية الحديثة جنوبًا، لتنتهي في المحيط الهادي بسلسلة الجزر الممتدة في شرقها.
الصفيحة الأسترالية (Australian Plate): وتشتمل على كتلة صخور الهند وأستراليا وكل ما يحيط بهما من المحيط الهندي.
الصفيحة القطبية الجنوبية (The Antarctic Plate): وتضم القارة القطبية الجنوبية مع الأطراف الجنوبية لكل من المحيط الهادي والأطلسي والهندي.
الصفيحة الهندية (The Indian Plate): هي قسم كبير من القارة الآسيوية، وتضم البلدان الواقعة على الصفيحة التكتونية الهندية.
صفيحة الهادي (Pacific Plate): وهي الوحيدة التي يتكون معظمها من صخور محيطية خاصة الحواف الوسطى وإلى ما تحت صخور غرب أمريكا الشمالية.
وبالإضافة إلى هذه الصفائح الكبرى يوجد عشر صفائح صغرى، من بينها الصفيحة العربية التي تتباعد عن الصفيحة الأفريقية ما بين ٢-٦ سم سنويًّا، خاصة في جنوبها الغربي.
تكمن القوة الدافعة وراء حركة هذه الصفائح في طبقة الوشاح، نتيجة الفوارق الحرارية بين المواد الساخنة المتواجدة بالقرب من نواة الأرض والأحواض الصخرية الباردة الأقرب إلى سطح الأرض، مما يسبب الحركة الديناميكية في طبقة الوشاح مما تزيد من شدة الزلازل.
كيف تنشأ الزلازل؟
تنشأ الزلازل نتيجة عدة عوامل من أهمها:
١– الزلازل التكتونية (Tectonic Earthquakes): تنشأ نتيجة حركة الصفائح التكتونية مما يسبب دمارًا كبيرًا. ويشار إلى أن هذا النوع من الزلازل، عادة ما يكون أكبر حجمًا وتأثيرًا من الزلازل البركانية.
٢– الزلازل البركانية (Volcanic Earthquakes): تنشأ بفعل أنشطة البراكين، وينتج عن هذا النوع من الزلازل العديد من المخاطر التي تتضمن التصدّعات والتشوّهات الأرضية، بالإضافة إلى تدمير المباني.
٣– الزلازل الانهيارية (Collapse Earthquakes): إنها زلازل صغيرة تحدث في باطن الأرض والمناجم، وتَنتُج بفعل الموجات الزلزالية الناجمة عن انفجار الصخور على السطح، ويُمثَّل انهيار سقف المنجم أو الكهف، السبب المباشر للاهتزاز الأرضي.
٤– الزلازل الانفجارية (Explosion Earthquake): وتنشأ بفعل انفجارات ناجمة عن معدّات نووية أو كيماوية.
قد تحدث الزلازل لأسباب غير طبيعية، كالزلازل المستحثّة (Induced Earthquakes) التي تسببها الأنشطة البشرية، مثل بناء الأنفاق، وملء الخزانات أو بناء السدود فوق صدوع زلزالية، وتنفيذ مشاريع التكسير، ومشاريع الطاقة الحرارية الأرضية.
الموجات الزلزالية
ما هي الموجات الزلزالية (Seismic Waves) التي تسبّب معظم الدمار؟
يسمى مركز الزلزال “البؤرة” (Hypocenter)، وتتحرك منها الموجات الزلزالية الارتدادية إلى الخارج، فيما تعرف النقطة التي تقابلها على سطح الأرض بالمركز السطحي (Epicenter) يعقبها تحرر الطاقة من الغلاف الصخري نتيجة لإزاحة الصخور عموديًّا أو أفقيًّا، وتعرف المسافة العمودية بين مركز الزلزال وبؤرته بعمق الهزة (Focal Depth).
تعدّ الموجات السطحية (Surface waves)، مثل موجات لوف (Love waves)، وموجات رالي (Rayleigh waves)، من أكثر أنواع الموجات الزلزالية تدميرًا، وتنشأ عادة عندما يكون مصدر الزلزال قريبًا من سطح الأرض، حيث تنتقل من بؤرة الزلزال إلى الخارج ولكن ببطءٍ مقارنةً بباقي أنواع الموجات. وتتسبب الموجات السطحية بتأرجح الأجسام على سطح الأرض، وارتفاعها، وسقوطها.. ولذلك فهي تؤدي إلى تلف المنشآت والمباني.
ما هي قوة الزلازل؟
تتعرض الأرض سنويًّا لنحو مليون زلزال، ويستخدم “السيزموجراف” لتسجيل الهزات الأرضية، ويعتبر الزلزال كبيرًا حين تزيد قوته على سبع درجات بمقياس ريختر.
وتحدد درجة الزلزال بمؤشر من ١ إلى ١٠. إذا كان من ١ إلى ٤؛ فإنها زلازل قد لا تحدث أية أضرار. ومن ٤ إلى ٦؛ فإنها زلازل متوسطة الأضرار. ومن ٧ إلى ١٠؛ فإنها الدرجة القصوى، أي يستطيع الزلزال تدمير المدينة بأكملها وحفرها تحت الأرض حتى تختفي مع أضرار لدى المدن المجاورة لها.
ما هي أنواع الزلازل؟
تبين المراصد العالمية أن هناك ثلاثة أنواع من الهزات تحدث في القشرة الأرضية، وهي:
هزات أفقية: وهي الهزات الزلزالية الشائعة.
هزات رأسية: وهي من أسفل إلى أعلى، وهي تقذف بالصخور والمباني في الهواء.
هزات دائرية: وهي نادرة وخطيرة، لأنها تجعل المنشآت تدور حول محورها ثم تسقط.
ما هي أشهر الزلازل في العالم؟
الزلازل الأقوى حسب درجتها
الرتبة |
التاريخ |
الموقع |
الدرجة (مقياس ريختر) |
١ |
٢٢/٥/١٩٦٠م |
ڤالديفيا، تشيلي |
٩.٥ |
٢ |
٢/٣/١٩٦٤م |
طريق الأمير وليام البحري، ألاسكا، الولايات المتحدة |
٩.٢ |
٣ |
٢٦/١٢/٢٠٠٤م |
المحيط الهندي، سومطرة، إندونيسيا |
٩.١ |
٤ |
٤/١١/١٩٥٢م |
كامشاتكا، روسيا |
٩.٠ |
٥ |
١١/٣/٢٠١١م |
المحيط الهادئ، منطقة توهوكو، اليابان |
٩.٠ |
٦ |
١٦/٩/١٦١٥م |
أريكا، تشيلي |
٨.٨ تقريبا |
٧ |
٢/١١/١٨٣٣م |
سومطرة، إندونيسيا |
٨.٨-٩.٢ تقريبا |
٨ |
٣١/١/١٩٠٦م |
كولمبيا – الإكوادور |
٨.٨ |
٩ |
٢٧/٢/٢٠١٠م |
منطقة مولي، تشيلي |
٨.٨ |
١٠ |
٢٦/١/١٧٠٠م |
المحيط الهادي، الولايات المتحدة، كندا |
٨.٧-٩.٢ تقريبا |
١١ |
٨/٧/١٧٣٠م |
فالبارايسو، تشيلي |
٨.٧ تقريبا |
١٢ |
١/١١/١٧٥٥م |
المحيط الأطلسي، لشبونة، البرتغال |
٨.٧ تقريبا |
١٣ |
٤/٢/١٩٦٥م |
جزر رات، الاسكا، الولايات المتحدة |
٨.٧ |
١٤ |
٩/٧/٨٦٩١م |
المحيط الهادئ، منطقة طوهوكو، اليابان |
٨.٦-٩.٠ تقريبا |
١٥ |
٢٠/٩/١٤٩٨م |
المحيط الهادئ، قناة نانكاي، اليابان |
٨.٦ تقريبا |
١٦ |
٢٨/١٠/١٧٠٧م |
المحيط الهادي، منطقة شيكوكو، اليابان |
٨.٦ تقريبا |
١٧ |
١٥/٨/١٩٥٠م |
آسام، الهند – التبت، الصين |
٨.٦ |
١٨ |
٩/٣/١٩٥٧م |
جزر أندريانوف، ألاسكا، الولايات المتحدة |
٨.٦ |
١٩ |
١/٤/١٩٤٦م |
جزر ألوتيان، ألاسكا، الولايات المتحدة |
٨.٦ |
٢٠ |
٢٨/٣/٢٠٠٥م |
سومطرة، إندونيسيا |
٨.٦ |
٢١ |
١١/٤/٢٠١٢م |
المحيط الهندي، سومطرة، إندونيسيا |
٨.٦ |
٢٢ |
١٦/١٢/١٥٧٥م |
فالديفيا، تشيلي |
٨.٥ تقريبا |
٢٣ |
٢٤/١١/١٦٠٤م |
أريكا، تشيلي |
٨.٥ تقريبا |
٢٤ |
١٣/٥/١٦٤٧م |
سانتياغو، تشيلي |
٨.٥ تقريبا |
٢٥ |
٢٠/١٠/١٦٨٧م |
ليما، بيرو |
٨.٥ تقريبا |
٢٦ |
٢٤/٥/١٧٥١م |
كونثبثيون، تشيلي |
٨.٥ تقريبا |
٢٧ |
١٩/١١/١٨٢٢م |
فالباريسو، تشيلي |
٨.٥ تقريبا |
٢٨ |
٢٠/٢/١٨٣٥م |
كونثبثيون، تشيلي |
٨.٥ تقريبا |
٢٩ |
١٣/٨/١٨٦٨م |
أريكا، تشيلي |
٨.٥ تقريبا |
٣٠ |
٩/٥/١٨٧٧م |
إيكيكي، تشيلي |
٨.٥ |
٣١ |
١٠/١١/١٩٢٢م |
منطقة أتكاما، تشيلي |
٨.٥ |
٣٢ |
٣/٢/١٩٢٣م |
(كامشاتكا، روسيا (الاتحاد السوفيتي |
٨.٥ |
٣٣ |
١/٢/١٩٣٨م |
(بحر باندا، إندونيسيا (الهند الشرقية الهولندية |
٨.٥ |
٣٤ |
١٣/١٠/١٩٦٣م |
(جزر الكوريل، روسيا (الاتحاد السوفيتي |
٨.٥ |
٣٥ |
١٢/٩/٢٠٠٧م |
سومطرة، إندونيسيا |
٨.٥ |
كيفية مواجهة الزلازل
بمجرد بدء الهزة الأرضية يجب الانبطاح على الأرض في مكان مناسب وعدم الفزع.
عند حدوث زلزال حاول دائمًا حماية رأسك من الأجسام المتساقطة؛ بالاختباء تحت مكتب أو طاولة خشبية.
يجب الابتعاد عن النوافذ وشرفات المنزل والأبواب الزجاجية، فهي مُعرضة للسقوط.
إذا كنت في السرير، فابق في مكانك واحمِ رأسك بوسادة.
ابق في الداخل حتى تتوقف الهزة الأرضية، ولا تخرج من المنزل أثناء الهزة.
لا تستخدم المصاعد الكهربائية، فقد تحدث انقطاعات كهربائية مفاجئة.
تجنب النزول على سلم المنزل، لأن النزول عبر السلم من الممكن أن يؤدي لانهيار العقار.
يجب إغلاق مصادر كل من الكهرباء والماء والغاز.
عند حدوث زلزال وأنت في المطبخ، فعليك أولاً إطفاء الموقد، ولا تستخدم اللهب أو الشموع.
لا تهرول بين المباني المتهالكة، فمعظم الخطر يأتيك من الأشياء المتساقطة.
عند حدوث زلزال حاول طمأنة من حولك وإرشادهم بكيفية التصرف لحمايتهم من المخاطر.
إن كُنت تقود سيارتك عند حدوث زلزال، فعليك التوقف فورًا إلى جانب الطريق.
إذا كنت متواجدًا على البحر أثناء الزلزال، يجب الابتعاد عن الشاطئ تجنبًا لحدوث موجات مد بحري.
هل يتناقض التفسير العلمي للزلازل مع الدين؟
إذا كان الدين وحيًا ربانيًّا، فلا يُتصوّر أن تتناقض حقائقه مع الحقائق العلمية، لأن الذي خلق هو الذي أنزل.
قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)(فصلت:٥٣)؛ لقد تحدث القرآن الكريم عن حقائق جيولوجية غاية الدقة، حيث خاطب بها العقول بلغة العلم والإقناع، ليوضح أن هناك علاقة وثيقة بين الزلزال وما تخرجه الأرض من صخور ملتهبة على شكل براكين، قال تعالى: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا)(الزلزلة:١-٢)؛ ففي هاتين الآيتين إشارتان علميتان لم يتوصل لهما العلم إلا في نهاية القرن التاسع عشر: الإشارة الأولى هي الربط بين ظاهرتي الزلازل والبراكين، الإشارة الثانية أن مكونات جوف باطن الأرض أثقل من مكوناتها السطحية.
(*) أستاذ الجيولوجيا بالمركز القومي للبحوث، القاهرة / مصر.