“الايريدولوجي” اكتشاف مبكر للأمراض

تُمثّل القزحية (الجزء الملون من العين)  غشاءً حلقيّ الشكل يوجد في مقدمة العين، ويحيط بفتحة صغيرة تسمى البؤبؤ، وتحتوي القزحية على عضلات تُنظّم كميات الضوء الداخلة إلى العين من خلال التحكم بحجم البؤبؤ. ففي حال وجود إضاءة ساطعة فإنّ هذه العضلات تنقبض مؤدّية إلى تصغير حجم البؤبؤ، وفي حال وجود إضاءة خافتة فإنّ هذه العضلات تنبسط فيزداد حجم البؤبؤ. كما تمثّل القزحية الجزء المسؤول عن تحديد لون العين وذلك اعتمادًا على تركيز الصبغة فيها، حيث تكون الصبغة كثيفة لدى الأشخاص ذوي العيون بنيّة اللون، بينما تكون الصبغة قليلة الكثافة لدى الأشخاص الذين يمتلكون عيونًا زرقاء اللون أو عيونًا ذات لون فاتح. والقزحية هي أكثر هيكل خارجي تعقيدا في علم التشريح البشري، وهي تتصل بكل الأعضاء والأنسجة في الجسم عن طريق الجهاز العصبي وعبر الأعصاب البصرية المتصلة بالعيون ، حيث ترسل المعلومة المتعلقة بالرؤية إلى المخ، وفي الوقت نفسه ترسل المعلومات إلى العيون من المخ عن المستوى العام للصحة.

ويمكن استخدام قزحيّة العين لتشخيص و متابعة التغيرات التي قد تحدث أو حدثت في الجسم  من خلال النظر إلى قزحية عين المريض لمعرفة أي خلل لديه، وهو مايسمي بعلم الإيريدولوجي. ويتم ذلك بفحص كل جزء من القزحية ورؤية ما إذا كان طبيعيًّا بالمقارنة مع علامات مرضية معينة تم ملاحظتها على مدى سنين طويلة لمجموعة من الأطباء المهتمين بهذا العلم، ففي قزحية العين انعكاسات تبين التغييرات المختلفة لمناطق الجسم المختلفة، وهذه المناطق مشابهة بإنعكاسات القدم واليد، إلا أن هذا العلم يستخدم فقط للتشخيص ومتابعة علاج المريض ، فهل هناك أسهل من أن تنظر الى قزحية العين لتعرف ما اذا كان هناك خلل في مكان ما من جسمك لتتخذ الحيطة والحذر، أو لتعرف ما اذا كان وضع ذلك الجزء من جسمك في طريق الشفاء أم لا…، وغير ذلك مما يمكن أن تستفيد منه عند النظر إلى عينيك أو عند نظر الطبيب الي عينيك. يكشف الايرودولوجي مستوى الصحة ووجود الالتهاب في أنسجة الجسم، يحدد مكانها ولأي مرحلة وصلت ويصنفها ما إذا كانت حادة، غير حادة، أو مزمنة. وتكشف القزحية مستوى القوة، نقاط الضعف الكامنة والتحولات التي تحدث في أعضاء الشخص وأنسجته.

أنسجة القزحية

هناك وجهة نظر حول تقسيم القزحية حسب اللون، وهو تمثيل للبنية من خلال عدة نماذج في قزحية العين، وتلك النماذج موجودة في جميع مناطق العالم، حيث يكون بعض الأشخاص متميزين بأحد هذه النماذج بشكل كلي أو بخليط لنموذجين أو ثلاثة في آن واحد، من هذه النماذج:

النموذج اللمفاوي: يختص بالعيون الزرقاء فقط، ويمكن لأصحاب هذا النموذج الإصابة بسرعة تهيج الأجهزة اللمفاوية مثل السعال واحتقان الجيوب الأنفية والحساسية وارتفاع مستوى الحموضة والإصابة بالأمراض الجلدية مثل قشرة الشعر والاكزيما.

النموذج البني اللون: يخص العيون البنية فقط، وتتميز باللون البني الفاتح أو البني الغامق والألياف أقل من العيون الزرقاء، وأصحاب هذا النموذج معرضون لمشاكل الدورة الدموية في تصنيع الدم، ضعف الجهاز الهضمي، ضعف الكلى وأصحاب هذا النوع معرضون لأمراض مفاجئة في سنين الكبر.

النموذج الخليط: أكثرهم من سكان البحر الأبيض المتوسط، وهذا النموذج خليط الأزرق والبني ويتميز بوجود الألياف المخفية تحت المساحات البنية. وأصحاب هذا النموذج معرضون للإصابة بضعف الجهاز الهضمي مثل الإمساك ومشاكل بالكلى وضعف الكبد والتهاب المفاصل والروماتيزم. ولكن لا بد من الإشارة أن كل نوع من ألوان العين معرضة لأي نوع من الأمراض.

خارطة القزحية

في عام 1670 قدم الدكتور “فيليبس مييانس” وصفًا دقيقًا في أحد مؤلفاته حول ردود الأفعال الانعكاسية للقزحية، حيث يرتبط الجزء الأعلى منها بالدماغ كما أن للمعدة صلة وثيقة بها، حيث أن كل الأمراض التي تتشكل في المعدة يمكن تلمس ملامحها من خلال التمعن في الجزء الأعلى من قزحية العين. ويعبر الجزء الأيمن منها عن الاعتلالات الخاصة بالكبد والأوعية الدموية ومنطقة الصدر والحلق أيضًا، بينما يعبر الجزء الأيسر من العين عن أمراض القلب والطحال ومنطقة الصدر في الجانب الأيسر، والأوعية الدموية الصغيرة ووضعها من حيث حالة الصحة أو المرض. ويكشف الجزء السفلي الأدنى من العين الأمراض في الجهاز التناسلي والكلى والمثانة بدءًا من المغص إلى اليرقان إلى وجود حصوة في الكلى، إضافة إلى أمراض المرارة وجميعها يمكن الاستدلال عليها من خلال أوردة العين ونقاط محددة في القزحية.

وقد دخلت التطبيقات العملية لأسرار حدقة العين المجال الطبي منذ القرن التاسع عشر، وهو أسلوب طبي للكشف عن الأمراض لدى الإنسان المصاب من خلال فحص لقزحية عينه، الا أن هذا العلم لم يأخذ نصيبه من الانتشار بعد ولو أن له مؤيدين كثر. فما قصة الكشف عن الأمراض عن طريق التشخيص بالقزحية وكيف بدأ وإلى أين وصل؟.

في عام 1861 كان بيكزيلي فون إيجناتز طفل في العاشرة من عمره، وكان عنده بومة وفي أثناء اللعب كسر رجل طائر البوم و أخذ الطائر إلى منزله محاولا تجبير الكسر والاهتمام به، وكان ينظر في وجه وعيون البومة، فلاحظ شيئا غريبا وهو أن في العين اليمنى جهة الكسر ظهر خط قاتم السواد ، وبعد أسابيع كلما كانت القدم المكسورة تلتئم كان الخط المائل يخف، و فيما بعد لاحظ أن الخطّ اختفى ببطء وتعافت البومة، أصبح بيكزيلي طبيبا ورأى نفس التّغييرات في قزحية المرضى، فاستنتج أن كلّ الأمراض يمكن أن تنعكس في قزحيّة العين، تويتم ذلك بتثبيت القزحية بشاشة كومبيوتر مرتبط بقاعدة بيانات، وهي المخ عن طريق العصب البصري فتصبح القزحية كشاشة المعلومات عاكسة كل أجزاء الجسم من خلال الخطوط والبقع والصبغيات التي ترشد الإيريدولوجيست ليس فقط إلى الخطأ لحظة التشخيص، بل أيضا إلى ما كان من خطا في الماضي أو ما قد يسوء في المستقبل.

طريقة الفحص

يجلس المريض أمام كاميرا متطورة بها عدسة مكبرة ومصباح ضوئي صغير يسلط ضوئه على القزحية ويتم تحريك الضوء في جميع الاتجاهات لإنارة طبقات القزحية التي تقع تحت الألياف السطحية، وذلك لأن القزحية تتكون من عدة طبقات من الألياف والطبقات العليا ترمي ظلالها على الطبقات السفلى. ومن ثم يقوم الخبير بوضع تشخيصه بناء على ما شاهده من انعكاسات مرضية أو صحية على قزحية العين . وهناك أمراض كثيرة يمكن اكتشافها عن طريق قزحية العين أهمها أمراض القلب وتليف الكبد وأمراض الحصى والصداع والجيوب الأنفية وأمراض الجهاز الهضمي وأمراض المعدة مثل زيادة الحموضة والقرحة والغازات والامساك .

“الايريدولوجي”… بين الرفض والقبول

لا يستطيع الأيريدولوجي أن يشخص المرض بحد ذاته، بل يعطيك مؤشرات مفيدة جداً عن الجهاز الضعيف في جسمك. فالتشخيص الحدقي هو طريقة طبية مكملة لدور الطبيب التقليدي وليست بديلة عن الطب البشري، حيث يستطيع الطبيب المختص في هذا المجال المساعدة على اكتشاف نقاط الضعف بالجسم حتى قبل حدوث المرض وتنبيه المريض على هذه النقطة، ومن ثم مطالبة المريض باتباع الطريقة المناسبة في الغذاء المتجانس والصحي والذي يعتبر من أهم مشاكلنا… وهكذا نرى أن القزحية تبوح بكل أسرار الجسم مبينة جميع معطياته من نقاط القوة والضعف، وماحصل للجسم في الماضي وما يمكن أن يحصل له مستقبلا.

وحتى الآن لا يوجد أي بحث علمي دقيق يثبت صحة هذا العلم أو فعاليته كوسيلة للتشخيص، فلا يعترف به في المستشفيات الكبرى، بل محظور على الأطباء استخدام هذه الطرق، ومازال هناك جدل كبير حول هذا النوع من التشخيص بين الأطباء حيث بالغ البعض في استخدام هذا النوع من التشخيص، ولكن المؤكد أن استخدام هذا التشخيص بطريقة ممنهجة يؤدي إلى اكتشاف نقاط الضعف بأنسجة الجسم ولكنه لا يغني عن بعض الفحوص المخبرية، وبذلك يكون مكملا لدور الطبيب، ولذلك يعتبر تشخيصيا ووقائيا في الوقت نفسه. نرى فيما تقدم أن القزحية تبوح بكل أسرار الجسم مبينة جميع معطياته من نقاط القوة والضعف وماذا حصل للجسم في الماضي والحاضر.

المصادر:

-«الايرودولوجي» تشخيص أمراض الجسم عبر حدقة العين-الراي.

– أشباه العلوم .. وأساطيـر العلوم الزائفة- أراجيك.

-جريدة الخليج-عدد الخميس 04 ذو القعدة 1441 هـ ، 25 يونيو 2020 م.

– الشبكة العنكبوتية- مواقع متعددة.