فى المعجم الوسيط الهلال غرة القمر إلى سبع ليال من الشهر. وكذلك فى أواخر الشهر من ليلة السادس والعشرين منها إلى آخره، والهلال يدل على مطلع الشهر العربى. قال الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(البقرة:189)، فالهلال يحدد بداية الصوم ونهايته وبداية الحج ونهايته والأعياد. ولما يكبر الهلال ويصبح قمراً كامل الاستدارة ينير لنا الليالى المظلمة.. ويهتدى به المسافر، وهذا مرتبط بالتقويم الهجرى.
ودورة القمر أقدم دورة فلكية حيث يحدد الأشهر الحرم قال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)(التوبة:36)
هذا وقد ورد لفظ “قمر” في القرآن الكريم 26 مرة منها:
(َفلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ)(الأنعام77:).
(فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)(الأنعام:96).
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)(الأعراف:54).
والقمر جزء انفصل من الأرض عندما حدث تمدد، أخذ الجزء المنفصل يدور حول الأرض فى دورات قريبة. وقد عرف ذلك عندما أخذ العلماء عينة من سطح الأرض واكتشفوا بعد التحليل أنها من نفس مكوناتها.
يبعد القمر عن الأرض 384000 كم، وهى مسافة صغيرة بالنسبة للفلك، يعنى يعتبر القمر بالنسبة للأرض عند “عتبة الباب”.
والقمر غير منير بذاته.. والبقع الداكنة هى سهول جافة متسعـة، وليس على القمر مـاء أو هواء ولا يستطيع الإنسان العيش عليه.
والقمر فى النهار ترتفع درجة حرارته إلى مائة درجة مئوية وتهبط إلى 155 درجة مئوية تحت الصفر.
وفى القمر يتساوى الليل والنهار ويدوم كل منهما 14 يومًا أرضيًا، أما سطح القمر فهو صخري وصعب للغاية وتحيط به البقع الداكنة التى أسماها “جاليليو” “بحارا” وهى جبال عالية جداً يصل ارتفاعها إلى ارتفاع جبل إفرست حوالى 100000 متر، وتنتشر على سطحه آلاف من الفوهات البركانية. والقمر ينير لنا الأرض بفضل ما يعكسه علينا من ضوء الشمس، وشكل القمر من بعيد وهو منير وجميل لفت انتباه الشعراء والفنانين فقضوا الليل يتسامرون تحته ويؤلفون الأشعار ويرسمون اللوحات.
أما تأثير القمر فى المد والجزر فهو أكبر من تأثير الشمس لأنه الأقرب إلى الأرض ويتوقف تأثير الشمس على قوة تأثير القمر أو إضعافه.
القمر.. والخسوف والكسوف
نرى القمر منيرًا بالليل فنظن أنه جسم مضئ من نفسه كالشمس، ولكنه فى الحقيق جسم معتم كالأرض. وكلاهما يستمد نوره من الشمس.
أما الشمس فجسم ملتهب بقدرة الله -سبحانه وتعالى- وهذا الالتهاب يضئ الكون ويمده بالحرارة، وفى الوقت الذى ينطفئ فيه لهب الشمس تنقطع الحرارة والضوء عنا وينتهى أجل هذا الكون.
فالنور الذى يأتينا من القمر ليلاً إنما هو نور الشمس ينعكس علينا من سطحه كما ينعكس الضوء على سطح المرآة ولو كان فى القمر سكان لرأوا كرتنا الأرضية تعكس ضوء الشمس عليهم كما ترى كرتهم القمرية تفعل معنا بضوء الشمس.
والقمر ليس ثابتًا فى مكان واحد بل يدور حول الأرض مرة واحدة كل شهر قمري، وهو والأرض يدوران معًا فى الوقت نفسه حول الشمس مرة واحدة كل سنة شمسية.
والقمر لا يظهر كاملاً طول الشهر، فإنه يبدو أول كل شهر قمري على شكل قوس رفيع يسمى “هلالاً”، ثم يكبر تدريجيًّا حتى يصير قرصًا كاملاً فى وسط الشهر ويسمى “بدرًا”، ثم يأخذ فى النقصان شيئًا فشيئًا إلى أن يختفى برمته فى آخر الشهر ويسمى “محاقًا”.
وهذا الاختلاف فى حجم القمر ناتج من تغير موضعه كل يوم بالنسبة إلى الأرض والشمس بسبب دورانه حول الأرض، والجزء المضئ منه هو مقدار ما نراه من سطحه الذى يقابل الشمس، والمقادير المختلفة التى نراها فيه فى أثناء الشهر من هلال إلى بدر إلى محاق تسمى أوجه القمر.
والقمر فى أثناء دورانه حول الأرض إذا صادف أن مر فى ظل الأرض بسبب وجودها بينه وبين الشمس، فإنه يحتجب عن أبصارنا إلى أن يخرج من هذا الشكل. واختفاؤه فى ظل الأرض الناشئ من وجود الشمس خلفها يسمى “خسوف القمر”.
كذلك يحدث للشمس أحيانا إذ يختفى ضوءها عن جزء من الأرض خلف القمر بسبب وجوده بينهما فى أثناء دورانه حول الأرض. واختفاء ضوء الشمس عن هذا الجزء من الأرض بسبب وجود القمر بينهما يسمى “كسوف الشمس”. وينظر الإنسان القديم إلى القمر بنوع من التفاؤل والتشاؤم فهو يتفاءل بهلال أول الشهر ويتشاءم بالخسوف الذى يجعل صورة القمر حمراء كالدم.
ولا تزال العقائد الشعبية المرتبطة بالظاهرة موجودة حتى الآن فى ريف مصر خاصة وجه قبلى، حين يخرج الأطفال وقت الخسوف ممسكين بصفائح وحلل يدقون عليها معتقدين بأن الجن خنقت القمر وهم بهذا الرق والدعاء يبعدون الجن عن القمر.
وللمصريين عقيدة كبيرة رؤيته تؤثر فى الشهر كله لذلك يقولون: “اللهم اجعله شهراً مباركاً علينا وعلى من يتصل بنا.. وعندهم عقيدة فيه مرتبطة بوجه الناس فمنها وجوه خيرة وأخرى شريرة، فإذا فتح الإنسان عينيه أول ما يرى الهلال على وجه سعيد كان الشهر كله ذا حوادث سعيدة، وإن فتح عينيه على وجه نحس كان الشهر كله بؤساً، وهنا يضطر بعض الناس لعدم رؤية أحد ويتعمد أن يفتح عينيه على المرآة.