(حراء أونلاين) يعد الفيروس المسؤول عن الانتشار الوبائي الحالي في الصين فيروسا معروفا لدى كثير من الأطباء.
فأسرة الفيروسات التي ينتمي إليها هذا الفيروس تدعى أسرة فيروسات كورونا، التي تسببت سلالات أخرى منها في انتشار وبائي (سارس)، الذي فتك بـ 9 في المئة من الذين أصيبوا به، و(ميرس) الذي فتك بـ 35 في المئة.
يُعتقد، على نطاق واسع، أن سلالات الفيروسات التي سببت انتشار وبائي (سارس) و(ميرس)، والوباء الحالي لم تنشأ عند البشر بل عند الحيوانات.
ولحسن الحظ، يندر أن تنتقل الفيروسات الخطرة التي تنقلها بعض الحيوانات إلى البشر.
يقول الأستاذ أندرو إيستون، الذي يعمل في كلية علوم الحياة التابعة لجامعة ووريك الإنجليزية: “في أغلب الحالات هناك حاجز بين الفصائل المختلفة لا تتمكن الفيروسات من اجتيازه”.
لكنه يضيف: “ولكن في بعض الحالات، مثلما يحدث حين يكون الإنسان يعاني من ضعف في المناعة أو إن حصل أمر يسمح للفيروس بالدخول، قد تحصل حالات إصابة نادرة ومتفرقة”.وتبدأ الخطورة عادة بطفرة وراثية غير طبيعية.
ويقول الأستاذ إيستون: “يجب أن تتغير طبيعة الفيروس بطريقة ما في العادة لكي يحصل على فرصة النمو والانتشار بشكل جيد في مضيفه الجديد”.
وفي هذه الحالات النادرة، التي ينتقل فيها فيروس من أسرة كورونا من الحيوان إلى الأنسان، قد تكون العواقب وخيمة جدا.
ولكن من المفيد التذكر أنه ليس كل فيروسات كورونا تتميز بالخطورة، فقط تلك التي تنجح في الانتقال بين الفصائل.
يقول الأستاذ إيستون: “عندما يعبر الفيروس بين فصيلين، لا يمكن التنبؤ مقدما بطبيعة المرض الذي سيتسبب فيه، ولكن من غير النادر أن يتسبب في أعراض خطيرة منذ البداية إذا تمكن من إيجاد موطئ قدم له في فصيلة جديدة”.
فعندما يعبر فيروس من أسرة كورونا، فجأة، من الحيوان إلى الإنسان، يواجه جهاز مناعة لم يعتد التعامل معه، مسبقا؛ مما يؤدي إلى الإصابة بالأمراض بسهولة.
ويحدث أمر مشابه عندما تنجح سلالات من فيروس الإنفلونزا في الانتقال من فصيلة لأخرى.
ويقول الأستاذ إيستون: “في حالة مرض الإنفلونزا الوبائية، الذي قد ينتقل إلى الإنسان من الطيور المائية، يكون الخوف من أن الأعراض ستكون عنيفة وشديدة”.
ففي أسوأ انتشار وبائي للإنفلونزا على الإطلاق، والذي وقع بين عامي 1918 -1919، والذي يُعتقد أن مصدره الطيور، قضى نحو 50 مليون إنسان جراء الإصابة.
وليس ثمة دليل على أن انتشار فيروس كورونا الحالي سيكون بتلك الخطورة، ولكن الحالات التي وقعت، في الماضي، لعبور الفيروسات من الحيوانات إلى البشر تسبب قلقا كبيرا للعاملين في القطاع الصحي.
الخبر الجيد فيما يخص هذا الأمر يتلخص في أنه من غير المرجح أن يتمكن الفيروس الذي ينجح في العبور من الحيوانات إلى البشر من الانتقال بين البشر – مبدئيا على أقل تقدير؛ إذ يقول الأستاذ إيستون: “يمثل ذلك حاجزا ثانيا يتعين على الفيروس عبوره”. ولكن هذا الوضع قد يتغير بسرعة، وعندما يحدث ذلك يمكن للأمر أن يكتسب خطورة كبيرة.
ويضيف إيستون: “تشهد فيروسات كورونا وشبيهاتها درجات تحوّر عالية نسبيا”.
وينبغي أن يشهد الفيروس تحوّراً إضافيا ليتمكن من الانتقال بين البشر، بكل ما يعنيه ذلك بالنسبة لسرعة ومدى انتشاره.
وهذا ما جرى مع انتشار الوباء الذي تشهده الصين، في الوقت الراهن، وهو سبب اعتماد السلطات الصينية وسائل لاحتوائه. ولكنه من غير المعلوم، حتى الآن، مقدار السهولة التي ينتقل بها الوباء.
يقول الأستاذ إيستون: “إذا أصيب شخص يعاني أصلا من ضعف في المناعة، فقد يكون مرد ذلك أن الشخص يعاني من حالة تجعله أكثر عرضة للإصابة، بينما قد يستطيع الشخص السليم مقاومته.”
ويضيف: “بعض الفيروسات تنتقل بسهولة بينما تنتقل أخرى بصعوبة كبيرة. وأحد الأسئلة التي تشغل بال الباحثين، اليوم، يتعلق بسرعة انتقال الفيروس الجديد”.
لسوء الحظ، لا يمكن في أغلب الأحوال التصدي للفيروس باستخدام الأدوية والعقاقير؛ إذ يقول الأستاذ إيستون “ليس هناك إلا القليل من الأدوية التي يمكنها التصدي للفيروسات بنجاح”.
ولكن هناك إجراءات أخرى ينبغي على المرء اتخاذها، وهي إجراءات بسيطة، كغسل اليدين واستعمال المناديل الورقية.
ويقول: “يعد اتباع التعليمات الصحية الأساسية أمرا محمودا، فهذه التعليمات والإجراءات تقينا العديد من الإصابات، وتعتبر، في الوقت الراهن، سلاحنا الوحيد للتصدي للوباء المنتشر حاليا وذلك لافتقارنا لأي علاج فعال الآن وفي المستقبل المنظور”.
ولكن، وإضافة إلى جهود الوقاية من العدوى، تعد الطريقة التي تتعامل بها السلطات مع المصابين أمرًا حيويًّا.
“ويشمل ذلك التعرف على المصابين بالسرعة الممكنة لتتسنى مساعدتهم أولا، وللتعامل مع حالاتهم بطريقة لا تؤدي إلى انتشار الوباء ثانيا”.
ولحسن الحظ، اعتُمدت إجراءات فعالة، على النطاق الدولي، عقب انتشار وبائيِّ (سارس) و(ميرس).
ويقول إيستون: “سبق لنا أن مررنا بهذه التجارب، مرتين في السابق، لذا يجري اعتماد إجراءات وقائية بسرعة، وتُتخذ القرارات بصددها في وقت أقصر”.
وتأمل القطاعات الصحية، في مختلف دول العالم، في أن تكون الدروس المستخلصة من انتشار أوبئة فيروس كورونا، في الماضي، مفيدة في التقليل من خطورة الانتشار الحالي أو أي انتشار جديد قد يقع في المستقبل.
المصدر: موقع BBC