يوجد نحو 8000 صنف من أصناف الطيور وتؤدي غالب الطيور معظم أغراضها، وتـُلبي كثيرًا من احتياجاتها بمناقيرها، وتختلف أشكال هذه المناقير، وأحجامها، وأطوالها (يقاس عادة من الطرف إلي قاعدة الجبهة) حسب تلك الأغراض والإحتياجات. والتي من أهمها: إحضار والتقاط الغذاء، وبناء الأعشاش، وتغذية الأفراخ، ووسيلة للدفاع، وتنظيف الريش، وتليينه، كما يمثل المنقار “وظيفة جمالية” حيث يتسق شكله وحجمه مع رأس وجسم كل طائر. ويختلف شكل المنقار تبعًا لطبيعة الغذاء الخاص بالطير:
فالطيور التي تتغذى على الحبوب كالعصافير، والحمام يكون منقارها سميكًا، ومخروطي الشكل ويستدق بشكل مفاجئ. وهذا النوع من المناقير يساعد في التقاط البذور، وفركها، وتقشيرها. وكذلك استخراج البذور من المخاريط النباتية، ونري أن منقار الببغاء من القوة والحِدة ما يجعله يشبه كسارة البندق/ الجوز.
كما يمتاز منقار طائر نقار الخشب (يوجد منه نحو 200 نوع)، والطوقان (يوجد منه نحو 37 صنفاً) بقوته وسرعته، وامتصاص صدمات هذا النقر وهو يشبه “الإزميل” الذي يُمكن من اختراق الطبقة الفلينية للأشجار للبحث عن الحشرات والديدان المتواجدة في ثقوبها، وذلك بعد تحديد مواضعها، فيلطقتها بلسانه اللزج، فيتغذي، ويحافظ علي عافية الأشجار من الأمرض. فضلاً عن كون منقاره كان “إلهاماً” لإبتكار مطرقة الخرسانة الهوائية أو آلة كسر الصخور لتمهيد الشوارع والطرق.
أما الطيور التي تلتقط الحشرات من علي أوراق النباتات، مثل “الهدهد”، فمنقارها رفيع ومدبب كالملقط، ولتلك التي تلتقط الحشرات وهي طائرة مثل طائر “السنونو” لها منقار مضغوط من أعلى للأسفل ويصل أقصى عرض له عند قاعدته.
وتوجد طيور ماصة لرحيق الأزهار، مثل طائر الطنان/ الزنان، يتميز منقارها بكونه طويل، وأنبوبي الشكل، كالماصة. ويدفعه الطائر داخل عنق وقلب الزهرة لامتصاص الرحيق. وفي هذا المضمار.. يشكل المنقار وسيلة هامة لتلقيح الزهور المختلفة.
وتري منقار الطيور المائية، كالبط والأوز، طويلأ نسبياً ونهايته عريضة يوجد عليه صفائح مثقبة لتصفية المواد التي يحتويها الماء. لكن الطيور التي تعيش على الشواطئ أو التي تخوض في الماء، مثل طائر الشنقب (الجهلول)، منقارها طويل ورفيع. وهذا يمكنها من النبش في الطين أو الرمل بحثا عن الغذاء.
أما الطيور الجارحة أو سِباع الطير، كالعقبان والصقور والنسور والبوم، فيكون منقارها (مِنسرها) حادًا مدببًا، وطرفه معقوفًا يشبه الخطاف ليساعدها علي تمزيق اللحوم إلى قطع صغيرة.
في حين أن التي تتغذى على السمك، كمالك الحزين، فمنقارها طويل وطرفه مدبب كطرف الرمح/ الحربة، حيث يغرزه في جسم السمكة ويرفعها من الماء.
ويتغذي البجع على السمك، لكن فراغ فمه يمتد من أسفل ليكون “جراباً” يخزن فيه السمك الذي يصطاده، ويسع هذا الجراب حوالي 16 رطلاً من السمك. أما الطائر الملعقي فله منقار يشبه الجاروف ويستخدمه في اصطياد الأسماك الصغيرة وغيرها من أنواع الغذاء الموجودة في مياه الشواطئ والمستنقعات.
وللمناقير دورها الهام في بناء الأعشاش للتزواج، وحضانه أفراخها. وتستخدم معظم الطيور مناقيرها لحمل لوازم بناء العش مثل: القش، والعيدان، والأعشاب، والطين الخ. كما تستخدمه في بناء العش بالشكل والحجم، وعلي الأرتفاع الذي تريده. كما تستخدم غالب الطيور مناقيرها في تنظيف وتمشيط وتليين الريش. ولدي بعض الطيور موضعاً أقرب للذيل يفرز سائلاً زيتياً. ويستخدم الطائر منقاره ليمسح على هذا الجزء ويحمل به الزيت. ثم يجعله على الريش، ليبدو لينًا ولامعًا ومانعًا للماء.
إن هذه الملامح التي تتبدي للمتأمل في إبداع مناقير الطيور لتدل دلالة قاطعة على عظمة الله سبحانه وتعالى، وبديع صنعه، وعظيم هدايته فيما خلق. ويخلُص إلي أن لهذه المناقير تصاميم رائعة بديعة تتوافق أيما توافق مع وظائفها المتعددة، فضلاً عن تمييزها لصنف الطائر وفصيلته، كما تمثل ملحمًا جماليًا يتسق مع شكل الرأس والرقبة وجسم الطائر، يقول جل شأنه “إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ” (سورة القمر:49).