في غفلةٍ والشمسُ تدْنو للصعودْ *** والصبحُ يُوشكُ أنْ يقومَ من الرقودْ
قامَ النّدَى متَـسلّلًا متَرسّلًا *** ومَـضَى يُقبّلُ حانيًا خدَ الورودْ
وأقامَ في قُبُـلاتهِ مُتلطّـفًا *** وسهَا عنِ الإشراقِ في اليوم الجديدْ
الشمسُ لمّا أبصرتْه تضَرّمتْ *** مِن غَيْرةٍ عصَفَتْ بغيْراتِ الحسودْ
وتعزّمتْ في نفْـسِها شرًّا بهِ *** تُرْدِيهِ بَخْرًا في الهواءِ بلا وجودْ
لكنّها ما إنْ رأتْ أُنْسَ الورودِ (م) *** وأنّه نالَ الخدودَ بلا صُدودْ
قالتْ تعاتبُ نفسَها وتلومُها *** أملكتِ دونَ الخَلْقِ قلْـبًا من حديدْ؟
فلْتَتْركِي قطْرَ النّدَى وورودَهُ *** يتواصلانِ بدُونِ خوفٍ أو قيودْ
وبرجفةٍ شعُرَ النّدى بمكانهِ *** فوقَ الورودِ فقامَ يخْشى مِن وعيدْ
وبكلّ صمتٍ راحَ يُسقط نفسَهُ *** لم يدْرِ أنّ الشمسَ تنظُرُ مِن بَعيدْ
فتبسّمتْ شمسُ الصباحِ وأنْبأتْهُ (م) *** بأنّها سمحَتْ بتقبيلِ الخدودْ
فأرادَ أخْرى أنْ يعودَ مكانَهُ *** لكنّه لم يسْتطعْ عَوْدَ القدودْ
ما فاتَ مِنْ عُمْرِ الفـتَى لا لنْ يعودْ *** ما فاتَ مِنْ عُمْرِ الفـتَى لا لن يعودْ