المنهج الإسلامي منهج الجمال والاستقامة والاعتدال، يعارض التطرف والتعصب، ويحترم التعددية الثقافية والدينية والحضارية وينبذ العنصرية والإرهاب، إن من أروع مزايا النهج الإسلامي الوسطية والمرونة بمعنى أنه يستثمر جميع الطاقات والجهود في البناء والعمران المادي والتربوي والعلمي والثقافي من غير إفراط ولا تفريط، فهو يعمل على تحقيق التوازن بين الفرد والجماعة، وبين الدين والدنيا وبين العقل والقوة وبين المثالية والواقعية وبين الروحانية والمادية وغيرها.
ومع غياب الوعي السليم، والقدوة الرشيدة للشباب في ظل الأزمات وتطورات العصر الحديث، يقعوا فرائس الصراعات النفسية بين الحلال والحرام، بين الفطرة ومستجدات العصر، يبحثون عن سبل وأساليب أخرى يجدون فيها تعبيراً عن الرفض للصور غير المقبولة بالمجتمع ويتمردون على واقع يرون أنه لا يعبر عن حاجاتهم ومتطلباتهم؛ كاللجوء إلى شكل من أشكال التطرف أو التكفير وهجرة المجتمع، أو الغلو في العبادة أو التعصب في الأفكار والممارسات.
تعمل الوسطية والمرونة إلى نقاء النفس من الأدران الأخلاقية، والأحقاد القلبية وكل ما من شأنه إيقاد نار العداوة والبغضاء، وتؤدي إلى نظافة المجتمع من آفات الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق، وأمراض الأثرة والأنانية وحب الذات
ومن مظاهر التطرف في المجتمعات الحديثة وأبرزها استخدام أساليب العنف بالمجتمعات الإسلامية وظهور الإرهاب المسلح الناتج عن التعصب الفكري، وترويع الآمنين بدعوى حراسة الدين، والتعصب بصفة عامة هو حالة نفسية غير سوية وغشاوة فكرية، ينتج عنه سلوكيات تضر بالمحيطين وبالمتعصب، وقد يرتبط التعصب بمرحلة الشباب بحياة الأفراد. لا شك تضاعف الحاجة والمبررات للتربية العصرية، هو إيجاد الفرد الصالح النافع لنفسه وأمته، وإن جنوح الفرد يميناً أو يساراً بالغلو والتطرف، لهو مؤشر خطير يستوجب صحوة كل من يضطلع بمسئولية التربية بالمجتمع لبحث أسباب هذا التطرف وسبل علاجه للجيل الحاضر، وإعداد العدة لوقاية الجيل الجديد من استفحال تلك الظواهر فيه.
ولا شك أن الأسرة أهم المؤسسات التربوية وأولها، حيث تبدأ مشوار التربية بحياة الفرد، وهي المسئول الأول عن استقامته أو انحرافه، لذا عظم دورها مع مستجدات عصر العولمة ومتطلباته، وما طرأ على المجتمعات الإسلامية من مغريات تستقطب الشباب وتستميلهم، وهنا تبدأ المغالاة والتطرف الفكري.
وعلى ما سبق فإن الأسرة مكان بناء الأجيال وإعداد وتنشئة المواطنين الصالحين للمجتمع، فيجب على القائمين عليها أن يتمتعوا بثقافة تربوية كافية تعينهما على توجيه أولادهم وإرشادهم ونصحهم.
إن الحديث عن الوسطية والمرونة يستدعي الوقوف لتكوين مفهوم حول الماهية العلمية لهما، باعتبارهما منهجًا شرعيًّا بعث به سائر الرسل عليهم الصلاة والسلام أولاً، وباعتبارهما قانونًا يمثل أفضل صياغة للمعادلة بين العقل والنفس ثانياً.
مع غياب الوعي السليم، والقدوة الرشيدة للشباب في ظل الأزمات وتطورات العصر الحديث، يقعوا فرائس الصراعات النفسية بين الحلال والحرام، بين الفطرة ومستجدات العصر، يبحثون عن سبل وأساليب أخرى يجدون فيها تعبيراً عن الرفض للصور غير المقبولة بالمجتمع
تعمل الوسطية والمرونة إلى نقاء النفس من الأدران الأخلاقية، والأحقاد القلبية وكل ما من شأنه إيقاد نار العداوة والبغضاء، وتؤدي إلى نظافة المجتمع من آفات الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق، وأمراض الأثرة والأنانية وحب الذات ولها غير ذلك فوائد كثيرة ينعم بها كل مجتمع هيمنت عليه الوسطية والمرونة، وكانت سمته البارزة في تعامله وفي سلوكه وحياته.
وعلى ما سبق فإن الوسطية ينشدها كل مجتمع في سلوك أبنائه، لينعم بحياة مستقرة بعيدة عن المنغصات التي تنتج عن الغلو والإفراط والتفريط، والتأكيد على دور المدارس والمعاهد والجامعات في ترسيخ قيمة الوسطية والمرونة وذلك بتوافر المعلمين والمعلمات المعتدلين سلوكيًّا وفكريًّا وعقائديًّا، وبتوافر المناهج التي تبعد عن الغلو والتطرف والتعصب، وإتاحة مزيد من الحرية للشباب في التعبير عن أنفسهم، والإجابة عن استفساراتهم في المسائل الفقهية والدينية بتوافر العالم الذي يستطيع تقديم إجابات علمية وافية شافية.
ولا يخفى ختامًا من الأهمية أن يتم تفعيل دور المؤسسات المجتمعية الأخرى، وقد تكون وسائل الإعلام على اختلافها سواء كانت مسموعة أو مرئية ومواقع التواصل الاجتماعي من أهمها نشاطًا ومتابعة في عملية التأثير على الشباب العربي، وقد تكون الأندية الثقافية أو الأدبية، وقد تكون نوادي الشباب ومراكزهم، أو المؤسسات المعنية بالصحة في المجتمع لتوعية الشباب من حيث عدم التفريط في الصحة والاهتمام بالنظافة وعدم الإفراط في الطعام، وكلها تطبيقات للمنهج الإسلامي الوسطي.