كثير ما نسمع في الأمثال من يتحدث عن إحضار لبن العصفور كنوع من التحدي والتعجيز لأنه يُعتقد أنه غير موجود أو خرافي، فمعظم الناس تعتقد أن لبن العصفور ليس له أصل وأنه شئ مستحيل، فهل للعصفور لبن حقا؟
وللإجابة على هذا التساؤل نقول وبالله التوفيق:
لبن العصفور حقيقة وموجود بالفعل فقد ثبت أن للطيور لبن فعلاً وتستخدمه في تغذية صغارها، ولعل أهم هذه الألبان هو لبن الحمام.
ويرجع تكوين هذا اللبن إلى إفراز هرمون البرولاكتين وهو الهرمون المسئول عن إفراز اللبن كما أنه في الطيور يجعلها تحن إلى البيض وترقد عليه حتى يفقس، لذلك يسمى بهرمون الأمومة أو هرمون الحنان أيضًا.
فقد أثبت تقرير علمي صدر مؤخرا أن للعصفور لبناً كما لغيره من الطيور ولا يختلف في تركيبه الكيميائي عن لبن أي حيوان آخر، فهو يحتوي على مادة بروتينية (كازينوجين) ودهن، وسكر اللاكتوز، وهي نفس مكونات اللبن.
ولكن لبن الطيور عامة يختلف عن لبن الحيوانات الأخرى في بعض خواصه الطبيعية لأنه ليس بسائل، ولكنه على هيئة فتات أبيض اللون هش سريع التكسر أشبه ما يكون بفتات الجبن الأبيض، حيث أنه في زمن حضانة البيض يتحور النسيج الداخلي لحويصلة الطائر تحورًا دهنيًّا ويزداد سمك الغشاء المبطن لهذه الحويصلة فيبلغ في الإناث مليمترا ونصف، وفي الذكور ثلاثة ملليمترا، علمًا بأن هذا الغشاء لا يزيد في الأوقات العادية على جزء من عشرة أجزاء من الملليمتر، ويفرز كلاً من الذكر والأنثى اللبن من الحويصلة، لذلك يشترك كلاهما في إطعام الصغار.
ولعلنا جميعا رأينا كيف تضع العصفورة منقارها في فم فراخها معتقدين أنها تطعمهم فقط حبه شعير أو قمح أو…، ولكنها في الواقع تطعمهم لبنًا حقيقيًّا تكون في الحويصلة تقوم باسترجاعه إلى فمها ومن ثم إلى منقارها ومنه إلى فراخها.
لعلك بعد هذه المعلومة علمت –عزيزي القارئ أن عبارة (لبن العصفور) لم تعد تعبر عن المستحيل وأن لبن العصفور موجود وحقيقي.