في حالة كنت تفكر في البدء في اتباع حمية غذائية تساعدك على تخفيف وزنك، فإنّ أول شيء ستفكر فيه – بشكل منطقي ومفهوم – هو التوقف عن استهلاك الدهنيات، قد تبدأ بتجنب الأكلات السريعة الدسمة، تقليل الزيوت في طعامك، حذف الزبدة والجبن من قائمة مكونات وجبة إفطارك، ومقاومة رغبتك في تناول الفواكه الجافة والحلويات المغطاة بالكريما الشهية؛ وذلك لأنّنا بكل بساطة مقتنعون بشكل لا شك فيه أنّ المشكلة الرئيسية وراء السمنة تكمن في الدهنيات.
إنّ الدهنيات المشبعة مضرة بالفعل، إلّا أنّ المشكلة تكمن في اقتناع الجميع بكون مصطلح “الدهنيات”، وبجميع مكوناته مرتبط بالأمراض والسمنة والصحة والشكل السيئين، وهو أمر خاطئ وخطير أيضًا.
إلّا أنّه قد جاء الوقت لنغير هذه القناعة أخيرًا. ليس لأنّنا نريد ذلك، بل لأنّ العديد من الدراسات التي أجريت مؤخرًا بدأت تذهب في اتجاه إثبات صحة ما إذ كانت الدهنيات فعلًا هي المسببة للسمنة، وبالفعل جاءت النتائج مدهشةً وصادمةً قامت بتبرئة الذنب الذي تم نسبه لهذا العنصر الغذائي لعقود، لتقوم بتحويل التهمة إلى عنصر غذائي آخر، فعن أي عنصر نتحدث؟
الدهنيات … صحية!
في دراسة مهمة تم نشرها في بداية الشهر الحالي، قام فريق كبير من الباحثين بإجراء بحث شمل القارات الخمس عبر ثمانية عشر بلدًا؛ وذلك بهدف التوصل إلى الرابط بين الدهنيات وأمراض القلب، وقد شملت الدراسة ما يفوق مائة وخمسة وثلاثين ألف شخصًا ممن يتبعون حميات غذائية مختلفة حول هذه الدول، وبشكل مفاجِئ كشفت إحدى الدراسات على أنّ الدهنيات مرتبطة بأمراض القلب، لكن ليس بالشكل الذي نظنه، نقصد هنا أنّ الحميات القائمة على تقليل الدهون هي التي ثبت ارتباطها بالتعرض للإصابة بالنوبات القلبية وغير ذلك من المشاكل الصحية المرتبطة بالقلب. ليس هذا فقط، بل وثبت ارتباطها بالتسبب في الوفاة المبكرة أيضًا!
في الحقيقة، وحسب مقال تم نشره على الموقع الرسمي لجامعة هارفرد، فإنّ الدهنيات المشبعة مضرة بالفعل، إلّا أنّ المشكلة تكمن في اقتناع الجميع بكون مصطلح “الدهنيات”، وبجميع مكوناته مرتبط بالأمراض والسمنة والصحة والشكل السيئين، وهو أمر خاطئ وخطير أيضًا؛ لأنّ هذا الاعتقاد يتسبب في لجوء متبعي الحميات إلى حذف الدهون – التي تم وضعها في سلة واحدة – من نظامهم الغذائي، وهو ما قد يتسبب في نتائج معاكسة تمامًا لما كان متوقعًا، بحيث يقوم متبع هذه الحمية بالإضرار بصحته بدل حمايتها والمحافظة عليها؛ وذلك لأنّ الجسم يحتاج هذه الدهنيات، تمامًا كجميع المكونات الغذائية الأساسية الأخرى.
فنجد أنّها ضرورية لبناء أغشية الخلايا والأعصاب، تقوية العضلات، إضافةً إلى كونها تشكل عنصرًا أساسيًا في ما يتعلق بمساعدة الجسم على امتصاص الفيتامينات والمعادن من الأغذية التي نتناولها، إلى غير ذلك من الفوائد الصحية الأخرى التي توفرها الدهون الصحية المتواجدة في عدة أغذية كالأسماك وزيت الزيتون والأفوكادو والفواكه الجافة.
من ناحية أخرى، نجد دراسة أخرى استمرت سبع سنوات، وهمت خمسين ألف سيدة قمن باتباع حمية تقوم على تقليل الدهنيات، بهدف التوصل إلى حقيقة فعالية هذه الحمية فيما يتعلق بالحماية من أمراض السرطان والقلب، وبالفعل فقد كشفت النتائج على أنّ اتباع هذه الحمية لا يحمي بأي شكل من الإصابة بهذه الأمراض، بل ولا يساعد حتى على فقدان الوزن!
ما هو السبب إذن؟
إذا لم تكن الدهنيات هي المسؤولة عن التسبب في السمنة وأمراض القلب والسرطانات وغير ذلك من المشاكل الصحية الشهيرة، فلا بد أن يكون هناك عنصر آخر مسؤول عن ذلك، وهذا العنصر هنا هو: السكريات.
لم تكن الدهنيات هي المسؤولة عن التسبب في السمنة وأمراض القلب والسرطانات وغير ذلك من المشاكل الصحية الشهيرة…
عندما نتحدث عن السكريات فإنّنا نتحدث عن النشويات وجميع العناصر المتفرعة عنها، فنجد أنّه حسب الدراسة الأولى التي ذكرنا أعلاه، تم التوصل إلى أنّ الحميات التي يتم فيها تقليل كمية الكربوهيدرات المستهلكة هي التي ارتبطت بتقليل احتمال الإصابة بأمراض القلب، كما ارتبطت بالتسبب بنقصان الوزن أيضًا.
يكمن السبب بشكل أساسي في الثقافة الشائعة، وذلك لأنّنا نظن أنّ الابتعاد عن الحلويات والمشروبات الغازية المليئة بالسكر هو ما سيحمينا، فعندما نفكر فيما يجب تناوله على وجبة الغذاء، سنحاول تحضير وجبة “صحية” خالية من هذه العناصر، وربما نفكر في تناول سلطة خضار مع القليل من الأرز وقطعة خبز تساعدنا على الشبع، وهنا تكمن المشكلة …
وذلك لأنّ الأرز والخبز هنا سيقومان بالتسبب في النتيجة التي كنا نحاول تجنبها عندما قمنا بحذف التحلية من وجبتنا، إلّا أنّنا – للأسف – لا نملك دراية بذلك، مما يجعلنا نستمر في تناولها ظنًا منا أنّنا نتبع نظامًا غذائيًا سليمًا لا نعلم أنّه يتسبب خفية في زيادة وزننا، خصوصًا أنّه وحسب جريدة نيويورك تايمز، تتسبب هذه الكربوهيدرات في ما يشبه الإدمان وتجعلنا مستمرين في تناولها بكميات أكبر من الطبيعي بشكل يفاقم المشكلة بشكل أكبر، ويلقي بنا في أحضان السمنة والأمراض التي ترافقها، والتي نقوم في النهاية ظلمًا، بإلقاء اللوم على الدهنيات بشأنها.
هل كنت على دراية بهذه المعلومات من قبل؟ وهل غيرت هذه الدراسات رأيك منظورك بشأن الحميات بشكل عام؟ وهل هناك نصائح أخرى تود المشاركة بها؟ شاركونا في التعليقات.
المصدر: www.arageek.com