عرفت الهجرة على أنها الحركة الانتقاليّة الجغرافيّة للسُكّان من منطقة ما إلى أُخرى، بغض النظر عن طبيعة العوامل المؤدية لذلك، أو طبيعة المسافة المقطوعة، وتتضمن جميع الحركات الانتقاليّة للسكان عدا الحركات الانتقاليّة ذات الطبيعة اليومية أو الموسمية التي لا تهدف إلى تغيير مكان الإقامة.
وقد عرف التاريخ البشري عدد من الهجرات التاريخية التي لعبت دورًا كبيرًا في التاريخ الإنساني، ومنها على سبيل المثال انتقال الإنسان المصري القديم من الصحراء الغربية إلى وادي النيل، وكان ذلك للبحث عن مقومات الحياة بعد حصول الجفاف وتصحر هذه المناطق، ومن شواهد هذه الهجرة ” كهف السباحين” في الصحراء الغربية بمصر.
لذا يمكن أن نستنتج أن للهجرة ثلاثة أنواع:
أولاً الهجرة الداخلية: تُعرف الهجرة الداخلية على أنّها الانتقال الجغرافي للسكّان بين المُحافظات التابعة للدولة، وتتضمّن أيضًا الهِجرة الريفيّة، ويُقصد بها انتقال السكّان من الريف إلى المدينة. ويَشهد العَالم هجرات داخلية على مستوى أكبر من الهجرات الخارجية وذلك للأسباب الآتية:
– التكلفة المنخفضة للهجرة الداخلية مُقارنةً بالخارجية.
– انعدام مَشاكل الدّخول والخروج من الدول مُقارنةً بما يُواجهه المهاجرون دوليًّا.
– انعدام مَشاكل اللغة الّتي يَتعرّض لها المُهاجرون دوليًّا عند انتقالهم إلى دولةٍ تَختلف في لغتها عن لغتهم الأم.
هناك نوع خاص من أنواع الهجرة وهي”هجرة العقول أو الأفكار”. وهذا النوع من الهجرة لا يكون هجرة بالجسد أو هجرة فسيولوجية وإنما هجرة فكرية ويقصد بها ترك فكر معين أو أيدولوجية معينه واعتناق فكر آخر.
– توافر الاستعداد النفسيّ للهِجرات الداخليّة بشكلٍ أكبر من الهجرات الخارجية.
ثانيًّا الهجرة المؤقتة: تعني الهجرة المؤقّتة انتقال السكّان من مكانٍ إلى آخر لفترةٍ مُعيّنة من الزمن، ثمّ رجوعهم إلى موطنهم الأصليّ، ويندرج تحت هذا النوع من الهجرات هجرة الأيدي العاملة والانتقال الموسميّ لبعض السكّان.
ثالثا الهجرة الخارجية: يُقصَد بها الانتقال الجغرافي للسكّان دوليًّا، أي من دولةٍ إلى أُخرى من خلال الحُدود السياسيّة لها؛ بهدف الاستقرار الدائم أو العمل وبناء الثروات وغيرها من الأهداف، بغضّ النظر عن المسافة المقطوعة سواءً كانت بضعة كيلومترات أو آلاف الكيلومترات؛ إذ لا تُصنّف الهجرة دوليّةً أم لا اعتماداً على طول المسافة المقطوعة.
وهناك نوع خاص من أنواع الهجرة وهي”هجرة العقول او الأفكار”. وهذا النوع من الهجرة لا يكون هجرة بالجسد أو هجرة فسيولوجية وإنما هجرة فكرية ويقصد بها ترك فكر معين أو أيدولوجية معينه واعتناق فكر آخر.
وجدير بالذكر أن الهجرة سلاح ذو حدين بمعنى أن لها إيجابيات وسلبيات:
التأثير الإيجابي: يتجلّى التأثير الإيجابي للهِجرة في تَحسين مُستوى الدّخل المعيشيّ للأفراد، وتكوين نهضةٍ فكريةٍ تنقل مُجتَمعاتهم الأم وتحوّلها إلى مكانٍ أفضل علميًّا ومعيشيًّا؛ حيث تنخفض نسبة الفقر والبطالة، وتزيد نسبة النقد الأجنبيّ فيها بسبب هجرة الأيدي العاملة منها.
التأثير السلبي: يظهر الأثر السلبيّ على شكل هجرة العقول النيّرة خارج مواطنهم، وتَعرّض بعض المهاجرين إلى بعض أشكال التعصّب الفكريّ المُتطرّف في بلاد المهجر، خاصةً إذا كانوا من المُهاجرين غير الشرعيين، كما قد يضطرّون إلى العمل في وظائف شاقّة ولساعات عملٍ طويلة.
الدمج والاندماج:
الدمج والاندماج: معناهما إعادة الإنتاج والتجديد، ومن هنا بدأ استخدام هذه الكلمة مع المهاجرين المسلمين بشكل خاص وغيرهم بشكل عام ويقصد بها محاولة جعل المهاجرين يتأقلمون مع المجتمعات الجديدة التي هاجروا إليها.
وعلى الجانب الآخر فإن بعض الحركات والجماعات الإسلامية تدعم هذا الاندماج وتحفز عليه، فعلى سبيل المثال في ألمانيا انشئت جماعة الخدمة التابعة للشيخ فتح الله جولن مراكز حوار ونقاش كثيرة، منها المركز الموجود في فرانكفورت. هذا المركز وأمثاله من المراكز يساعد ويسرع عملية دمج المسلمين في المجتمعات الغربية.
فكلمة الاندماج تعنى الذوبان ولكن لهذه الكلمة معنى سلبي؛ وهو أن يتخلى المرء عن مبادئه وقيمه ودينه ويذوب مع المجتمع الجديد، وهذا قد نهى عنه الله عز وجل نبيه داود عن إتباع الهوى وإتباع الآراء الضالة.
لذلك نجد رفض أكثر المسلمين للإندماج والذوبان مع المجتمعات الاخرى بحجة أن هذه المجتمعات تحاول زعزعة إسلامهم ومع الزمن سينسلخ هؤلاء المهاجرين من الدين، وإما أن يرتدوا أو يتحولوا إلى الديانات الأخرى السائدة في المجتمع.
ولهذا فإننا نجد بعض الرفض من الطرفين فالطرف المسلم من ناحيته يرى أنه لا إندماج وذوبان في المجتمعات الأوروبية، وأنه يجب على المسلمين الحفاظ على هويتهم، والطرف الأخر ممثلاً في بعض الشخصيات والأحزاب السياسية الأوربية يرى أنه لا مكان للمسلمين في بلادنا وأنهم يجل عليهم العودة إلى ديارهم.
لذا فالحل لهذه المشكلة هو محاولة المسلمين التأقلم مع المجتمعات الجديدة ولكن بمراعات عاداتهم وتقاليديهم ودينهم، ولهذا فلا يمكن ولا يسمح للمسلم أن يتخلى عن جزء من مبادئه مقابل التأقلم والاندماج في المجتمعات الغربية.
ولهذا فواجب على المهاجرين المسلمين وغيرهم من القانطين في أوروبا أن يتأقلموا مع المجتمع الجديد، وأن يراعوا مصالحه ويتعاملوا هناك ويكأنهم جزء لا يتجزأ من الوطن: فمثلاً يجب عليهم أن يشاركوا في الواجب الوطني والانتخابات إلخ.