كيف تساعد طفلك على اختيار أصدقائه؟

للصداقة أثرها العميق في توجيه النفس والعقل، لها نتائجها الهامة فيما يصيب الجماعة كلها من تقدم أو تأخر، ومن قلق أو اطمئنان، وقد عنى الإسلام بهذه الصلة الاجتماعية، التي تربط الإنسان بأشخاص يؤثر فيهم ويتأثرون به، ويقتربون من حياته اقترابًا مؤثرًا لأمد طويل، وإذا كانت الصداقة للكبار مطلبًا اجتماعيًّا مهمًا، فإنها للصغار لا تقل أهمية عن ذلك، فهي تمثل أحد جوانب التكيف الاجتماعي والخلقي والنفسي والحركي للطفل، الذي يقوده للنمو والتطور السليم.

أهمية الصداقة للطفل

وللصداقة أهمية كبيرة للطفل، فهي باب هام من الأبواب التي تفتح الطريق أمام الطفل، ليكون إنسانًا سويًا، في مجتمع يؤثر فيه ويتأثر به، وذلك على النحو التالي:

 يتعلم الطفل من الصداقة معنى التعاون والعمل الجماعي، مع أصدقاء يشاركهم أفراحهم وأتراحهم، يستمع إلى مشكلاتهم، كما يستمعون إلى مشاكله، يمد إليهم يد العون عند الحاجة

  • عن طريق الصداقة يبتعد الطفل عن العزلة والانطوائية، التي تحوله إلى شخصية ضعيفة هشة سلبية، فاقدة الثقة في نفسها، مصابة بأمراض الخجل والجبن والقلق، الذي يقودها إلى الخوف الاجتماعي، بعيدة عن تحقيق أي تواصل وتفاعل إيجابي نحو الآخرين.

– الصداقة تساعد الطفل، على التغلب على مشاكل الكلام، فهو له أصحاب يتحدث إليهم، ويتحدثون إليه، الأمر الذي يساعده على أنتاج تراكيب لغوية جديدة وبشكل تلقائي، مما يساهم في تنمية مهارة اللغة عنده ويساعده على اكتسابها من خلال هذه المواقف الحوارية المختلفة.

– عن طريق الصداقة يفرغ الطفل الشحنات الزائدة من الطاقة عنده، وذلك بالقيام باللعب وممارسة هواياته مع أصدقائه، فإن مثل ذلك يخفف من حدة العنف عنده والرغبة في التدمير، ويساعده على التوازن النفسي السليم مع الآخرين.

– يتعلم الطفل من الصداقة معنى التعاون والعمل الجماعي، مع أصدقاء يشاركهم أفراحهم وأتراحهم، يستمع إلى مشكلاتهم، كما يستمعون إلى مشاكله، يمد إليهم يد العون عند الحاجة، كما يمدون له أيديهم بالمساعدة، فكل ذلك يجعل منه إنسانًا اجتماعيًّا إيجابيًّا، يميل إلى الأخذ والعطاء والتعاون وحب الآخرين.

– تحرره من الأنانية وتعلمه التسامح والمصالحة مع الآخرين، فهو له أصدقاء قد يختلف معهم في الرأي، كما أنهم يختلفون معه، يعتذر لهم عند الخطأ، كما يعتذرون إليه، فإن مثل هذه الأمور تعلى من فضيلة التسامح والصفح في نفسه أتجاه الآخرين.

– يتعلم الطفل منها، كيف يكيف نفسه مع المواقف المختلفة، فإذا اعتدى على غيره اعتدى غيره عليه، وإذا أراد لعبة صديقه، فلأبد أن يتنازل له عن لعبته بالمثل، في مناسبة قريبة، وهكذا يكتسب الطفل الكثير من الخبرات الضرورية، التي تعوده على التحمل والصلابة في الحياة.

يجب على الوالدين بصورة غير مباشرة ، تعريف الطفل الفرق بين الزمالة والصداقة، وغيرهما من العلاقات الإنسانية الأخرى، وأن ترسيخ هذه المواصفات في ذهن ونفس الطفل، لا يكون بمجرد السرد، بل عبر العديد من الوسائل الغير مباشرة

– تنمى روح المنافسة والإيجابية لديه، الأمر الذي يشجعه على التقدم الحسن، الذي يقوى شخصيته ويخلق منه إنسانًا طموحًا، يسعى إلى الرقى والتقدم في حياته.

– كما أن الصداقة، هي أقرب طريق لتعويده الصفات الحميدة، والسلوكيات الحسنة، ذلك لأن الصديق المخلص في صداقته، الصادق في محبته، يكون أثره في بناء الخلق أبلغ وأعظم، لأنه سيكون رقيباً على صديقه، يلاحظ أحواله وأفعاله، فيشجعه على الخير، وينبهه ويحذره من الوقوع في الشر.

كيف تساعد طفلك على اختيار أصدقائه؟

بداية نؤكد على قاعدة أساسية، وهى أن التدخل الشديد في اختيار أصدقاء طفلك، قد يأتي بنتائج عكسية، لأن الطفل خلال هذه المرحلة من حياته لا يدرك معنى الصداقة بمفهومها عند الكبار، وهى وجود شخص نرتاح إليه ونفضى إليه بأخبارنا وأسرارنا، ونتفاعل معه في المواقف المختلفة، فالصداقة بهذا المعنى أكبر من فهم أطفالنا وقدراتهم على استيعاب ذلك، إلا أنه رغم ذلك يشعر الطفل بعظم حاجته إلى تكوين أصدقاء وأصحاب يقضى معهم بعض الوقت، لذا على الوالدين أن يساعداه على ذلك، عبر مجموعة من الوسائل، وبطريقة غير مباشرة، فلسنا مطالبين أن نعثر لأطفالنا على أصدقاء، أو نشترى لهم أصدقاء، فالصديق ليس لعبة نعثر عليها أو نشتريها له، ولكن المطلوب منا هو أن نوجد المجالات والسبل، التي عن طريقها نفتح المجال أمامه، كي يوطد علاقته بزملائه سواءً في المدرسة أو الجيران أو عبر الحى الذى نقطن فيه، أو المسجد وذلك بطرق متعددة نذكر منها.

– أن نبادر مثلاً بإقامة حفل تعارف للطفل، إذا ما نجح في المدرسة، أو تمكن من حفظ أجزاء من القرآن الكريم، أو أي مناسبة سارة حدثت له، ونطلب منه أن يدعوا عددًا من زملائه لهذا الحفل، وربما ندعوا إليه نحن أمهات هؤلاء الأطفال لتحقيق المزيد من التواصل وتوطيد العلاقات الاجتماعية بين الأسر المسلمة، وهكذا نجد أن الأطفال أنفسهم يقتربون من بعضهم البعض، في هذه الزمالة التي قد تتحول إلى صداقة مع مرور الأيام، مع ارتقاء وتعمق فهم الأطفال وإدراكهم لمعنى الصداقة بعد ذلك، ليكون الخيار هو خيارهم، ويكون دورنا نحن هنا أن نعلمهم معايير الاختيار ومهارات الاتصال بطريقة طبيعية، عبر القدوة والمثل من أرض الواقع.

– يجب على الوالدين بصورة غير مباشرة ، تعريف الطفل الفرق بين الزمالة والصداقة، وغيرهما من العلاقات الإنسانية الأخرى، وأن ترسيخ هذه المواصفات في ذهن ونفس الطفل، لا يكون بمجرد السرد، بل عبر العديد من الوسائل الغير مباشرة، التي يمكن لنا التقاطها من تصرفات وسلوكيات أطفال آخرين في محيط الطفل، كالتعليق مثلاً على السلوكيات الحميدة أو الخاصة التي تصدر من أطفال آخرين، كطفل على سبيل المثال يشتم وتصدر منه ألفاظًا غير لائقة، بأن نقول مثلاً أمامه هذا سلوك سيئ ينفر الآخرين منه، أو الإشادة والابتهاج من تصرف طفل أخر يمسك بيد أخيه مثلاً، أو يطعمه من حلواه أو يبتسم لأمه، أو يمد يده بالمساعدة للآخرين، إلى أخر ذلك من هذه الصور، التي تساعد الطفل على تكوين صورة واضحة المعالم تقريبًا على النموذج المناسب والأمثل.

– كما يجب على الوالدين أن يحرصا على أن يكونا الصديقين المفضلين لطفلهما، وذلك بإشعاره أنهما يحبانه ويقدرانه ويحترمانه ويثقان به، فإن هذه الصحبة من الوالدين لها دور كبير في تشجيع الطفل على التعبير عما يجيش داخل نفسه نحو أصحابه، ويمكن عن طريقها أن يسألاه عن الصفات التي يحب أن يجدها في صديقه، والتحدث معه عن أصدقائه سواءً الحاليين أو المتوقعين، والصديق الذى يحتاجه أكثر من غيره ويشاركه أسراره، والذى يأخذ بنصيحته، وإذا كان موفقًا في اختياره فنمدحه على حسن هذا الاختيار، بأن نتحدث بلطف عنه وعن صديقه، المهم أن تكون هذه الجلسات معه في صورة طبيعية، بعيدة عن أسلوب الاستقصاء أو التحقيق، وإذا حدث عكس ذلك عن طريق تصريحه بسلوكيات وأفعال لا نرضى عنها في هذا الصديق، فنحاول أن نغير ما لا نرضاه من سلوكيات مرفوضة، بدعوته مثلاً إلى البيت ومشاهدة سلوكياته وتصرفاته عن قرب، وإذا لم نلمس أي تغير في سلوكيات هذا الصديق، فيجب علينا أن نصارحه بضرورة ترك هذه الصداقة.