المفترقات القدرية

يتواكب هذا العدد مع المفترقات القدرية التي تمر بها الأمة في الوقت الراهن، ففي المقال الرئيس المعنون بـ”الوعي الجمعي” ينبه الأستاذ فتح الله كولن إلى أهمية “الوعي الجمعي” المنبني في أصله على التعقل والتمحيص والتثبت والتروي وملاحظة الحاضر والمستقبل معًا في التقدير والتدبير… في وقاية الجماهير المتحمسة المتدفقة كالسيل الهادر من التردي والانتكاس أو الانزلاق إلى هاوية، إن لم تؤخرها فقد تقود بها إلى نقطة البداية من جديد، وتلك مأساة تكرارها ليس بالقليل. ومن ثم فإن هناك نقاطًا ينبغي الالتفات إليها، لاغتنام ذلك المفترق القدري والوصول إلى مأمولنا في تحقيق تقدم وتطور باهرَين… ومن السياق ذاته يؤكد الدكتور أحمد عبادي في مقاله الموسوم بـ”الوجهة” على ضرورة معرفة القبلة التي ينبغي أن يُسجد نحوها ويُقترب منها، وتحديد الوجهة السليمة نحو القبلة بإبصار العلامات الدالة عليها، مع لزوم الحركة الدائبة والسجود الدائم لضمان السلامة والفوز للحركة الإنسانية على مستوى الفرد والجماعة.
وبالصبر في البحث العلمي وإعادة قراءة القرآن الكريم بطريقة خاصة، سعيًا لاكتشاف النظام القرآني الذي غاب عن الأمة سيكون المستقبل لديننا، بالإضافة إلى ضرورات أخرى أسفر عنها مقال الدكتور محمد بن موسى باباعمي الموسوم بـ”النظام القرآني للحضارة”. ثم دعْ كلمات الأستاذ أديب الدباغ الجزلة وعباراته الرائقة وأفكاره المتدفقة وأسلوبه المرسل تفعل في نفسك فعلها، وتنطق بقول المصطفى :صلى الله عليه وسلم “إن من البيان لسحرًا” في مقاله “على حافات الانكسار الحضاري”. ولا تكاد تشفى من الدباغ حتى تنمحي مع “الأمراني” في تلك الواحة الأدبية الفيحاء.
وهكذا تظل كالطائر تنتقل من غصن إلى غصن، أو كالنحلة ترتشف رحيق المقالات في دوحة حراء اليانعة، حتى يستقر بك المقام طويلاً على زهرة مقال الدكتور الشاهد البوشيخي الموسوم بـ”القول البليغ والأدب الأسمى: القرآن الكريم”، لتتنسم عبير البلاغة في أبهى حللها وتقف على الأس الأساس في إنتاج الأدب الإسلامي أو إنتاج الأدب الحقيقي.
كما تستطيع أن تفقه “هدْي النبي صلى الله عليه وسلم في التعايش مع الآخر” إذا طالعت مقال الأستاذ الدكتور علي جمعة، وهي قضية تشغل بال الكثيرين في الوقت الراهن، وقد جَلَّى فضيلته الغياية في إطار حديثه عن هذا الموضوع. وتستطيع -كذلك- أن تكتسب خبرة تربوية من ضرر “الإدمان الإلكتروني” على عالم الطفولة، وتسمع تسبيح “الغدد الداخلية” وهي تعبر عن قدرة خالقها بلسان حالها، وتتابع تفاصيل وقائع “المؤتمر الدولي الثاني للقرآن الكريم والحقائق العلمية” الذي نظمته “حراء” في الربيع الماضي.
وبقدر ما تسمح به هذه الصفحة نكون قد ألمحنا وأشرنا إلى بعض المقالات، أما الأخرى فنحن طامعون بكرم تفهّم كتابها وتقديرهم، ومن الله تعالى التوفيق والسداد.