السلطان سليم.. الخادم الأمين

قبل سفره إلى الشرق زار السلطان سليم الأول (1512-1520) مسجد الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري في إسطنبول… صلى ركعتين ثم دعا ربه راجيًا النصر وجمعَ شمل الأمة… وبعد ذلك ولّى وجهه نحو منطقة أسكدار لقيادة الجيش… تحرك الجيش العثماني في 5 يونيو/حزيران 1516 من

من المستحيل أن تُفتح البلاد بجيش يأكل الحرام ويغتصب أموال الناس

أسكدار… كان يمر من الأراضي الغنية بالحدائق والبساتين، والزاخرة بشتى أنواع الفواكه والثمرات… ولما وصل الجيش إلى منطقة “كَبْزة” -التي تبعد عن إسطنبول بستين (60) كيلومتر تقريبًا- وحط رحاله واستقر، هجس في قلب السلطان سليم هَمٌّ ووقع في خلده أمرٌ… فدعا آغا الإنكشاريين على الفور وأمره بأن يفتش خروجَ وأكياسَ الجنود كافة ليتحقق من أمرٍ هو: هل جنى الجنود فاكهة من هذه البساتين دون إذن أصحابها أم لا!؟ فذهب الآغا على الفور وشرع مع أعوانه بتفتيش الجنود واحدًا واحدًا، ثم بتفتيش الأشجار كذلك واحدة واحدة… ولكنه لم يعثر على شيء قط. وعندما أخبر السلطان بالأمر، افترّ ثغره عن ابتسامة، رفع يديه إلى السماء وراح يدعو قائلاً: “أحمدك اللهم أنْ وهبتني جيشًا يبتغي مرضاتك، لا يأكل الحرام ولا يغتصب الأموال”.

ثم التفت إلى آغا الإنكشاريين وقال: “يا آغا! لو أني وجدتُ جنديًّا واحدًا قام بقطف ثمرة دون رضى صاحبها، لما ترددتُ في العدول عن سفري هذا، ولما تأخَّرتُ لحظة واحدة بالعودة إلى حيث أتيتُ”.

ثم أردف قائلاً: “يا آغا! إنه من المستحيل أن تُفتح البلاد بجيش يأكل الحرام ويغتصب أموال الناس”.