قبل أشهر من الآن أتتني “دعوة حراء”. دعوة لحضور ندوة في صنعاء حول “حراء” المجلة -أعني- لا حراء الغار.. وأنا أنظر في تلك الدعوة الكريمة.. أقلبُ فيها تملكتني حينها مشاعر لذيذة، أحاسيس رائعة.. شدتني تلك المشاعر والأحاسيس من جميع أقطاري.. نقلتني على جناح الحب من دنياي التي أستقيم عليها.. دنيا الناس والدواب.. إلى دنيا غير الدنيا، إلى عالم غير العالم، من عالم البشر إلى عالم الملائكة انتقلت.
يا الله يا الله ما أُحيلاه ذلكم الانتقال، ذلكم التحليق.. من عالم بائس يائس تعيس مليء بالصراعات بالتناقضات، إلى عالم طاهر شفاف.. بلون الحب يتشكل، و”حراء” -إن كنتم لا تعلمون- مجلة ورقية مصقولة.. وبالألوان حملت هذا الاسم الرائع، وحملت معه شبهاً كبيراً به.. على نحو ما قيل: “لكل امرئ من اسمه نصيب”.
ما إن تصافح عينيك أو تصافحها حتى تلتهمها.. و”من الغلاف للغلاف”.. من الجلدة للجلدة كما تقولون..
المهم.. لبّيتُ “دعوة حراء”.. وبين يدي “حراء” لا تكون إلاّ التلبية والحضور الفوري.. وسمعاً وطاعة يا “حراء”..
وجئت “حراء”.. جئتها روحي قبل جسدي تسبقني، جئتُ وأفكار رأسي تزاحمني.. أيْ “حراء”!! من قلب الصحراء أنتِ، من عمق البادية ولدتِ، من وراء الذكريات والتاريخ تحضرين فتيةً قوية لكأنك ابنة لحظتك.. تجيئين بعد ألف وأربعمائة عام وتزيد من السنين أنيقةً متجددة تجيئين..
ومن أين تجيئين “يا حراء”؟.. من أين تجيئين؟..
من أيّ رحم مبارك تخرجين؟ إنه ذات الرحم المبارك الولود، رحم مكة والمدينة ودمشق وإسطنبول والقاهرة وإسلام أباد… جئتُ أنا “حراء”.. ملبياً دعوتها يحدوني شوق وشوق عارم نحو بلد الإسلام وقلعته الحصينة تركيا.. قطعتُ نحو “حراء” مئات الكيلومترات وكلّي رغبة لمعرفة هذا البلد الحبيب الذي انقطعتْ أو تقطعت به السبل نحو أهله وإخوانه، مثلما كان يحدوني للمجيء ويدفعني رغبتي كرجل فضولي أقصد إعلاميّ هو أن أدس أنفي -المعذرة- (أُريد قلمي) في شأن هذه المجلة الحبيبة إلى قلبي، وأن أجد منها “موطئ قلم” أشارك فيها كاتباً أو مراسلاً.. أو -حتى- محرراً ومن قلب المعركة “تركيا”.. وهو حلمٌ -لو تعلمون- عزيز.. وما ذلك على الله بعزيز..
وفي ندوة “حراء”.. برغم الطقس البارد.. برغم غربة الوجوه وتنائي الديار شعرتُ بدفء عجيب.. بحنان وحب..
“حراء” التي اقتحمت بنا فندق “خمسة نجوم” حولت ذلك الفندق بما فيه بكل ما فيه إلى نجوم لا تعد ولا تُحصى..
ما أُحيلاها تلك الوجوه المؤمنة التي جاءتنا من بلد الإيمان والخير والعطاء من تركيا ومن القاهرة ومن الجزائر..
ما أُحيلاها هذه المجلة تتقدم هذا الموكب الكريم ويقدم أبناؤها حفلة بلغة راقية.. لغة فصيحة تكاد تغيب عن عالمنا العربي القح!!
لكِ الله “حراء”.. لكِ الحاضر وكل المستقبل.. ووعد نقطعه أن نكون مع “حراء”.. نلـبي دعوتها.. ننشر فكرتها.. وهو أقل الواجب.. وأضعف الإيمان..