على الربوع الشاسعة أطلت بالحب… متنتقلة كالنحلة الدؤوبة المعطاء بين الرياض المزهرات في كل الأنحاء، على نأي المسافات وتباعد الديار بين الأقطار، بل القارات. إذا كان العسل المصفّى خلاصة رحيق الزهر، فإن شهد “حراء”، ثمرة الحب المتبادل بينها وبين جمهورها الواسع في كل مكان. وحيثما وُجِد جمهور حراء حلّت ملبية، واصلة رحم المعنى ووشائج الفكر.
وعلى هذا كان اللقاء… في أكثر من دولة وقارة ومؤتمر، من مشرق الشمس في أستراليا، وعلى ربوع أرخبيل أندونيسيا، إلى موطن الجمال في البوسنة. واصلة “حراء” ما انقطع من صلات العرفان والحكمة، ومخاطبة جموع المسلمين في تلك البلاد، وغير المسلمين كذلك من أرباب العقول الوثابة للمعرفة، والنفوس المتزنة بالفضل في كل مكان، تحقيقًا لمقصد التعارف بين الناس من شعوب الأرض… أما كانت حراء دوما محضن الرسالة للعالمين؟!
فوق ربوع أستراليا
على مدار الأيام الخمسة بين السابع والحادي عشر من فبراير 2013 كانت “حراء” هناك… في أستراليا، تتابع مسير الركب المنطلق في ربوعها الخضراء الشاسعة، وتتواصل مع الجمهور الأسترالي من خلال مؤتمريها الكبيرين في “سيدني” و”ميلبورن”، المنعقدين ضمن سلسلة “مؤتمرات حراء”.فبالإضافة إلى برنامج لقاءاته وزياراته المتنوع للمؤسسات الإسلامية والتعليمية والثقافية ومراكز الحوار في أستراليا، شارك وفد حراء الذي ترأسه الأستاذ مصطفى أوزجان مستشار المجلة، وضم الأستاذ نوزاد صواش المشرف العام على المجلة، ومجموعة من “علماء حراء” من الأكاديميين، في مؤتمرين علميين موضوعهما “المنهاج النبوي: من الإنسان القدوة إلى المجتمع المثالي”.
مدينة سيدني، الجامعة بين سحر طبيعتها الخلابة، ودفء المشاعر المنبثقة من قلوب أبنائها الجدد ونضارة عزمهم، احتضنت يوم 9 فبراير المؤتمر الأول، المنظم بشراكة بين مجلة حراء ومؤسسة “إسرا” (ISRA) الأكاديمية التي تنشط في مجالات التعريف بالإسلام في أستراليا، حتى صارت مرجعًا في قضاياه لكثير من الجهات العلمية والحكومية، بفضل ما أنتجته من دراسات حول موضوعات الإسلام والاندماج وشؤون المسلمين في البلاد، وما تعقده من دورات تدريب للأساتذة والطلاب من أبناء المسلمين بالبلاد، الذين يعدون بمئات الآلاف (يمثلون 2,2% من مجموع سكان البلاد)… المؤتمر الذي كان محط اهتمام وسائل الإعلام المحلية، واستضافت محطات الإذاعة ضيوفه للحديث معهم عن مضامينه، مثَّل استعادة حية لمفهوم الأمة الواحدة وروحها الجامعة. فهو قد انعقد في أستراليا، الجزء الجديد من “عالم الخدمة”، والمجتمع المتواضع في انفتاحه على الآخر واهتمامهة بالتعرف على كل جديد… ومن هنا تجليه كمجال للفرص الواعدة أمام خطاب الإسلام للإنسان إذا ما أحسن تقديم مضمونه بالحكمة، ونشر دعوته بالتلطف والحسنى.
ثم إن المؤتمر قد تميز بحضور وازن لقيادات البلاد الدينية والعلمية، وبمشاركة أساتذة من مختلف أنحاء العالم الإسلامي؛ حيث حاضر من العالم العربي البروفيسور محمد عبد الله الشرقاوي من مصر، والدكتور محمد بن موسى باباعمي من الجزائر، والدكتور سمير بودينار من المغرب، ومن تركيا الأستاذ مصطفى أوزجان والأستاذ نوزاد صواش. فكأنما هي الأمة الواحدة التي لا تعرف رسالتها حدودًا، تتجلى إشراقاتها في تلك المفاوز النائية.
افتتح المؤتمر بكلمة مفتي القارة الأسترالية فضيلة الدكتور إبراهيم أبو محمد، التي تمحورت حول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم بوصفه سراجًا منيرًا، استنارت البشرية بسناه خلال النصف الثاني من تاريخها، فكان مبعثه إيذانًا بمرحلة جديدة من عمر الإنسانية. بعد ذلك توالت المداخلات العلمية للمؤتمر. الدكتور محمد عبد الله الشرقاوي أستاذ ورئيس قسم الفلسفة الإسلامية ومقارنة الأديان بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، كان موضوع مداخلته هو مقومات بناء مجتمع مثالي من خلال المنهاج النبوي، حيث فصلت مداخلته في الأسس التي عليها قام هذا المجتمع المثالي بالفعل، سواء في نسيجه الذاتي أو في علاقاته بغيره من المجتمعات. أما الأستاذ نوزاد صواش المشرف العام على مجلة حراء، فبيّن من خلال مداخلته التي انسابت متدفقة بلغة أنيقة، معالم المنهاج النبوي في فن كسب القلوب، مستعرضًا مواقف مضيئة من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم في فتح القلوب وكسب معركتها التي تفوق في أهميتها أي معركة سواها، لتختتم الجلسة مع الكلمات الدالة لفضيلة الشيخ يحيى صافي إمام وخطيب جامع لاكمبا بـ”سيدني”.
ثم كانت الجلسة الثانية التي افتتحها الأستاذ مصطفى أوزجان مستشار مجلة حراء، بكلمة جامعة حول معاني المبعث النبوي رحمة للعالمين، ومسؤوليات الإنسان المسلم عن تحقيق مقتضى تلك الرحمة في مجتمعه، مبرزًا أمثلة من فكر الأستاذ فتح الله كولن المبثوثة في كتبه، والمتجلية في “الخدمة” التي يؤديها طلابه عبر العالم. وبدوره حرّك الدكتور محمد باباعمي مدير معهد المناهج بالجزائر المشاعر، بحديثه عن القواعد الكلية لبناء الحضارة من خلال السيرة النبوية، مستعيدًا نموذج الصحب الكرام في تفسير جديد، يجعل كل مسلم في تلك البلاد يتمثل مسؤوليات “الصحبة”. أما الدكتور سمير بودينار مدير مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بالمغرب، فكانت مداخلته عن المنهاج النبوي وعالمية العلاقات الإنسانية، منطلقًا من خاصية الختم في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وعلاقتها بعالمية دعوته.
في مدينة ميلبورن التي انتقل إليها وفد حراء بمعية الأستاذ محمد ياووزلار، انعقد المؤتمر الثاني لحراء بتعاون مع مؤسسة “سيرينيتي” (Serenity Foundation) العاملة في مجال الحوار. فكان لقاءً مع جمهور متنوع أعاد من جديد إلى الأعين بل القلوب، مشهد الأمة الواحدة الملتئمة حول المنهاج النبوي باختلاف مجتمعاتها وتعدد انتماءاتها الجزئية.
أما برنامج زيارات ميلبورن، فقد امتد لسلسلة المدارس “التركية الأسترالية” هنالك، ليقف على النجاحات المتميزة التي أضحت -بفضل الله- تحققها في مجالات التربية والتعليم داخل المجتمع الأسترالي، واستفادة أبنائه من خدماتها ذات المستوى الرفيع بتعدد انتماءاتهم القومية والدينية. وكمثال على ذلك، فإن مدرسة “إشق” (Işık) في ميلبورن، التي صار اسمها ابتداء من هذه السنة “Sirius”، صنفت السنة الماضية في المرتبة الثانية على مستوى ولاية فيكتوريا (عاصمتها ميلبورن) من بين ما يقارب 500 مدرسة أسترالية.
لقد كانت رسالة حراء، امتدادًا لهذه المجموعة المتنوعة من الخدمات التي تقدمها الأجيال الذهبية الجديدة لتلك البلاد بكل الحب. فمراكز الحوار المجتمعي التي تجمع كافة فرقاء الوطن الواحد إلى مائدة اللقاء المشترك، والمدارس التي أصبحت مشاتل لزراعة بذور الوفاق والسلم العالميين، والمؤسسات الأكاديمية والمدنية التي تخدم المسلمين ومجتمعاتهم الجديدة، كلها حلقات متصلة في هذه السلسة الذهبية من “الخدمة” في تلك الربوع الخضراء.
تشييد صرح الروح في أندونيسيا
ومن أستراليا، إلى الضفة الأخرى للمحيط الهادئ، أندونيسا… ذلك الأرخبيل الممتد من آلاف الجزائر، والذي غالبًا ما يُذكر علامة على أقصى نقطة في بلاد المسلمين، فيُسمع عنها أو يُقرأ عند مالك بن نبي وهو يتحدث عن “محور طنجة-جاكرتا”، أو يُذكِّر بأبعاد “مؤتمر باندونغ”.
غير أن الميزة الأهم لتلك البلاد، هي قصة الإسلام فيها، التي لا علاقة لها بالقوة. قصة الإسلام في تلك البلاد هي قصة فاتحي القلوب والأرواح… التجار العرب المسلمين من حضرموت وعمان، ثم من الهند، ومن سبقهم من تجار تلك الجزر الذين قدموا إلى بغداد زمن الخليفة العباسي هارون الرشيد، فعادوا يحملون في قلوبهم بذور الإسلام الأولى، التي أنبتت بعد ذلك على أرض تلك البلاد النائية المترامية الأطراف، أكبر بلد مسلم في العالم اليوم، يعيش فيه قرابة الـ15% منهم.
فليس أعلم منهم بأهمية بناء الروح، تلك التي كانت مناط الهداية للإسلام، وتَشبُّع قلوبهم بمعاني الإيمان بالوحي، وسبب اليقين في صدق رسالته، واصطباغ طبعهم بكريم أخلاقه، وسجايا القدوة من أبنائه، حتى صار لطف معشرهم ولين جانبهم وظاهر تواضعهم ملمحًا من ملامح أبناء أندونيسيا أينما كانوا.
أما المناسبة فمؤتمر دولي عقده في جاكرتا العاصمة الأندونيسية كرسي الأستاذ فتح الله كولن بجامعة شريف هداية الله الإسلامية الحكومية، بمناسبة صدور النسخة الأندونيسية من كتاب الأستاذ “ونحن نقيم صرح الروح” يوم 2/4/2013، واتخذ محورًا لأشغاله موضوع “بناء الذات الحضارية ومستقبل الإنسان”، بمشاركة كوكبة من علماء حراء؛ من مصر، والأردن، والجزائر، والمغرب، وتركيا، فضلاً عن البلد المضيف أندونيسا.
افتتح المؤتمر بكلمة الدكتور علي أونصال مدير كرسي الأستاذ فتح الله كولن بجامعة شريف هداية الله الإسلامية الحكومية، التي تعد من أهم جامعات أندونيسيا، فهي جامعة دولية تضم إحدى عشر كلية، ويتعلم فيها واحد وعشرون ألف طالب، وكلمة مدير الجامعة الدكتور قمر الدين هدايت.
وخلال الجلستين العلميتين للمؤتمر، تناول الدكتور عبد الرحمن النقيب من مصر الحديث عن “الدين الذي لا يموت”، بل ينهض وإن كبت أمته، والشباب الذين هم مادة هذا النهوض، واستعرض التحديات التي تواجهها استعادة إعادة البناء. أما الدكتور عمار جيدل من الجزائر، فانطلقت مداخلته من وصف الأستاذ فتح الله كولن للدائرة المفرغة التي تعيشها أمتنا، مستعرضًا القوانين المتعددة لبناء الذات الحضارية من جديد، مؤصلة من الرؤية القرآنية. ثم تمحورت مداخلة الدكتور عماد الشريفين من الأردن، حول أهمية بناء الإنسان الجديد في الرؤية النبوية، وظهور رواد من المصلحين الذين اضطلعوا بهذه المهمة ومنهم الأستاذ فتح الله كولن، ومرتكزات تربية الإنسان الجديد عنده.
ثم تحدث الدكتور عثمان شهاب الأستاذ بجامعة شريف هداية الله بجاكرتا، في قراءة تحليلية ذات طابع فلسفي لكتاب “ونحن نقيم صرح الروح” باللغة الأندونيسية. وجاءت بعده مداخلة الدكتورة أماني برهان الدين لوبيس وكيل كلية الدراسات العليا لشؤون التطوير بالجامعة التي تحدثت عن تربية الإنسان المسلم المعاصر، مع تركيز على رؤية فتح الله كولن التربوية للمرأة. ثم تناول الكلمة الدكتور سعيد شبار من المغرب، ليتحدث عن البناء الحضاري باعتباره ميلادًا ثانيًا للأمة، مقدمًا رؤيته لمفهوم البناء الحضاري بوصفه أهم أدوار الأمة وشرط إعادة بنائها. أما الدكتور سمير بودينار من المغرب كذلك، فجاءت مداخلته تحليلاً لمعالم الشخصية الريادية في بناء الإنسان كما يطرحها الأستاذ فتح الله كولن خاصة في كتابه “ونحن نقيم صرح الروح”، لتختتم المداخلات بكلمة الأستاذ نوزاد صواش المشرف العام مجلة حراء الذي بين أهم معالم ومميزات فكر الأستاذ فتح الله كولن كما بلوره في مشروع “الخدمة”.
وعلى هذا مضى الركب في تلك الربوع، في لقاءاته وزيارته للمؤسسات. فكانت الزيارة لوكالة الأنباء الأندونيسية “Antara News”، ولقاء مديرها الذي أعرب عن سعادته الغامرة باستقبال الوفد، في مفارقة محيرّة حين قال إن هذه هي أول مرة يزور فيها الوكالةَ وفدٌ من العلماء والمفكرين من العالم العربي. ثم التأم جمع الضيوف مع نخبة من المفكرين والكتاب الأندونيسين على غداء مناقشة وحوار.
وقد كان المشهد في إحدى قاعات جاكرتا بديعًا، في حفل إطلاق النسخة الإندونيسية من كتاب “ونحن نقيم صرح الروح”، سواء في كلمات الافتتاح الرسمية للشخصيات المدعوة من تركيا وأندونيسا، أو في صوت الحناجر الفتية لأبناء وبنات أندونيسيا المغردة بمدح النبي عليه الصلاة والسلام، أو في الندوة الخاصة بتقديم الكتاب، التي توج بها الحفل. وشارك فيها الضيوف القادمون من مختلف البلاد العربية وتركيا، إضافة إلى مفكرين وأكاديميين من أندونيسيا.
وفي مدرسة قاريزما الوطنية (Kharisma Bangasa) بجاكرتا، التقى وفد علماء حراء مع المسؤولين عن هذه المدرسة وأخواتها. حقًّا لقد كان اللقاء مع ثلة جديدة ممن “يقيمون صرح الروح” في تلك البلاد.
في البوسنة.. جمال المعنى والمبنى
يواصل الركب المسير متلمسًا خطى السابقين الرواد ممن وصلو إلى تلك البلاد الجميلة… يصل البوسنة التي ما استطاع القبح أن ينال من شرفها أو ينتهك عذرية جمالها، مهما غلت تضحياتها بأبنائها. بدأت القصة قبل عشرين عامًا، برسالة من أهل البلاد إلى الأستاذ فتح الله كولن. أرسل الأستاذ سبعة من طلبته إلى هناك، وحين لقيهم البوسنيون الكبار في السن، كانو يحتضنونهم بأعين دامعة: “نحن ننتظركم منذ مائة سنة”.
وهكذا بدأ العمل التربوي سنة 1994، وبنيت المدرسة الأولى سنة 1997. أما الآن فمدارس بوسنة سما
(Bosna Sema)، الموجودة في أهم مدن البلاد، تعد في المرتبة الأولى على صعيد البوسنة والهرسك، وجامعة “برج” بسراييفو (International Burch University) التي تأسست عام 2008، نصف من يدرسون بها من البوسنة (بوشناق، وصرب، وكروات)، والنصف الآخر من ٢٢ دولة عبر العالم.
وهكذا بدأ العمل التربوي سنة 1994، وبنيت المدرسة الأولى سنة 1997. أما الآن فمدارس بوسنة سما
(Bosna Sema)، الموجودة في أهم مدن البلاد، تعد في المرتبة الأولى على صعيد البوسنة والهرسك، وجامعة “برج” بسراييفو (International Burch University) التي تأسست عام 2008، نصف من يدرسون بها من البوسنة (بوشناق، وصرب، وكروات)، والنصف الآخر من ٢٢ دولة عبر العالم.
في البوسنة تتجاور قبور شهداء المرحلة العثمانية (من تركيا ومصر والمغرب والشام…) مع مقابر شهداء حرب البوسنة الأخيرة، وهي العاشرة في سلسلة من الحملات على هذه النقطة الأبعد من جغرافيا الإسلام في أروبا، لكنها الأثقل، بحصيلة 250 ألف شهيد منهم ثلاثة آلاف من الصبيان. أما أيقونة الشهادة فكان حظها أحد عشر ألف شهيد. من أبناء سراييفو، التي امتد حصارها 1425 يومًا كاملة، كأطول حصار على مدينة في التاريخ.
وفي قلب مقابر الشهداء، يرقد القائد الذي أحبه أهله فاحتضنوا جثمانه بين بيوتهم، “عبد الله” كما أوصى أن يعرّف على شاهد قبره، علي عزت بيغوفيتش. وعلى ذات الشاهد عَهدُه معهم: “نقسم ألا نكون عبادًا إلا لله”.
وبينما لا زالت الجراح تلتئم ببطء، ينبعث الأمل من أبناء الجيل الجديد. سكن الطلبة الذي يبني جيل العلم والمحبة، “يورت منبع الأمل” تقصَّدوا بناءه في خط التَّماس السابق بين أبناء القوميات الثلاث.
غنيًّا كان برنامج زيارات الركب الزائر، وفد علماء حراء… فمن مقبرة الشهداء، إلى مساجد سراييفو العتيقة، ومن كلية الدراسات الإسلامية إلى المعالم العثمانية بالمدن البوسنية. غير أن بيت القصيد في زيارته لأرض البوسنة كان المؤتمر الذي نظمته كلية العلوم الإسلامية بجامعة سراييفو ومجلة حراء بعنوان: “من إنسان الغاية إلى المجتمع الراشد.. قراءات في الانبعاث الجديد من خلال السيرة النبوية” في سراييفو يومي 13-14 أبريل 2013.
المشاركات العلمية كانت متنوعة؛ فقد افتتح المؤتمر بحفل مشهود في مسرح سراييفو، ضم كلمة فضيلة مفتي البوسنة وبعض كبار الشخصيات، ثم شهد مشاركة كوكبة من علماء البلاد كالدكتور شفيق كورديج أستاذ الحديث في أكاديمية التربية الإسلامية، مدينة زنيتسا، والدكتور فؤاد سديش أستاذ الحديث في أكاديمية التربية الإسلامية، مدينة بيهاج، والدكتور زهديا حسنويش أستاذ الحديث في كلية العلوم الإسلامية، سراييفو، والدكتور كنعان موسيش أستاذ الحديث في كلية العلوم الإسلامية، سراييفو.
أما وفد علماء حراء، فقد ضم إلى جانب الأستاذ مصطفى أوزجان مستشار المجلة، والأستاذ جمال ترك مدير أكاديمية البحوث بإستانبول، والأستاذ نوزاد صواش المشرف العام على المجلة، نخبة من علماء العالم العربي، كالدكتور حسن مكي من السودان، والدكتور إبراهيم بيومي غانم من مصر، والدكتور أحمد قعلول من تونس، والأستاذ شفيق الإدريسي من المغرب، والأستاذ جمال حوشبي من السعودية، والدكتور محمد باباعمي من الجزائر، والدكتور سمير بودينار من المغرب… كلهم قدم أفكارًا حول علاقة منهج التأسي والاتباع في السيرة النبوية بالانبعاث الجديد لأمتنا اليوم.
وعلى هامش المؤتمر، حلّقت الأرواح في حفل النشيد والمديح، وأجوائه البوسنية المعطرة بشذى التاريخ وأخلاق الفاتحين. وحيثما حل ركب حراء إلا وتَجَدَّدَ الإلحاحُ على المضيّ في الطريق… طريق تعميق الأواصر بين أجزاء الأمة في كل مكان، وحمل رسالة المحبة بين بني الإنسان لئلا يتكرر ما حدث ذات يوم في هذه البلاد. لقد كانت أمانة أهلها سلامًا لإخوانهم في كل مكان، ورجاء ألاّ ينسوا إخوانهم في تلك البلاد… بلاد الرباط.
هذا، وكنا نودّ أن نتطرّق إلى تحليقة حراء مع وفد من من علماء تركيا إلى مصر، والتئام شملهم في ندوةٍ بدار العلوم في جامعة القاهرة؛ وكذلك حضور بعض علماء حراء في النهد بمناسبة توزيع جوائز مسابقة كتاب “النور الخالد” التي شارك فيها حوالي 110 آلاف شخص، وكذلك رحلة قبرص وإحياء ذكرى قدوم طلائع الصحب الكرام إلى تكل الديار… لكن ذلك كله يحتاج إلى مقال آخر… والسلام.