للأرقام دور في كشف ما غمض من الأمور وإن بدت مخفية أو غير محسوسة، ولولا الأرقام لما عرفنا معنى الحياة، فللأرقام تأثير كبير على مسيرة الحضارة الإنسانية، وذلك عن طريق العلم واستخدام العقل للوصول إلى النتائج وليس رجمًا بالغيب.
وبفضل العلم وتقدم المعرفة ووسائل البحث الحديثة تم إزاحة الستار عن بعض الأسرار العجيبة في جسم الإنسان، لكنها تقف في العمق كدليل كافٍ على وجود إعجاز رباني خارق ومبهر وجليل. لقد كشف العلم الحديث ما يبهر العقول ويدهش النفوس مما خفي أمره ولم يستطع الإنسان أن يعرفه إلا بعد اكتشاف الآلات المكبرة والمجاهر. ومن هذه الأسرار:
المخ البشري
وهو مركز قيادة الجسم الذي يهيمن على سائر أعضائه، وهو عضو معقَّد بامتياز، تملؤه التلافيفُ والتعاريج، يَتكوَّن مِن نِصْفَي كُرَة منفصلَين عن بعضهما البعض، يرتبطان بجسْر عَصَبي، يبلغ عدد الخلايا العصبية 30 مليار خلية عصبية وما بين 50 إلى 300 مليار خلية استنادية تشكل سدًّا ماردًا لحراسة الخلايا العصبية من التأثر بأية مادة. ويحتاج الدماغ يوميًّا إلى ما لا يقل عن 1000 لتر من الدم.
ومن العناية الإلهية لهذا العضو النفيس (الدماغ) أنه سبحانه وضعه داخل جمجمة من العظام تحميه. تتألف هذه الجمجمة من 22 عظمة، 8 منها مترابطة بشكل وثيق وتكون (القحف) وهو العلبة التي تحوي الدماغ وتحميه. أما العظام الأخرى وعددها 14 عظمة فتعرف بالعظام الوجهية وتكون الوجه والفكين.
لقد وصف أحد العلماء الدماغ فقال: “هذا هو عجيبة الدهر الذي في تلافيفه بنيت المختبرات واستنبطت الاختراعات، وبين تعاريجه أسست معاهد العلم وعلى تحاديبه نصبت ميادين الطائرات والسيارات، وداخل تجاويفه سطعت الكهرباء كتلة صغيرة وسعت ما ضاق به الكون الفسيح، هذا هو رافع الإنسان إلى أعلى المراتب، وهذا هو أساس العلم والعمران.” عن كتاب (هذا الإنسان) للدكتور حبيب صادر بتصرف.
أو كما قال العالم الأمريكي (جورسون هويك) عندما أراد أن يصفه في محاضرة له في معهد التاريخ بنيويورك في ديسمبر 1957م فقال: “لو جمعنا كل أجهزة العالم من الرادار والتلغراف والتليفون ثم بدأنا بتصغير ما اجتمع لدينا حتى توصلنا بهذه الكومة الهائلة من الأشرطة والأجهزة المعقدة إلى حجم الدماغ فإنها لا تبلغ في تعقيدها مثل الدماغ”.
كشفت دراسة أميركية حديثة أن الجانب المسؤول عن الذاكرة في العقل البشري أكبر عشر مرات مما كان يظنه العلماء، استنادًا إلى أبحاث سابقة. ويرى الباحثون -بحسب دراسة نشرتها الصحيفة الإلكترونية “إي لايف”- أن العقل البشري يمكنه تخزين ما يفوق مليون جيجابايت من البيانات، وهو ما يقدّر بنحو 4.7 مليار كتاب، أو 670 مليون صفحة ويب.
في المخ ما لا نتصوره بخيالنا، هل تعلم أن مخ الإنسان يولد كهرباء ما بين 10-23 واط، كافية لإضاءة مصباح صغير، كما أن مخ الإنسان يحتوي على أكثر من 160 ألف كيلومتر من الأوعية الدموية، أي إنك ستقطع تقريبا نصف المسافة إلى القمر بهذا الطول، بالإضافة إلى دورانك حول خط استواء الأرض 4 مرات. كذلك فإن مجموع عدد النبضات الكهربائية التي يولدها دماغ بشري واحد فقط أكبر من عدد النبضات الناتج عن كل هواتف العالم مجتمعة.
يزن المخ البشري في المتوسط 350-400 جرام (عند الولادة) و1300-1400 جرام للشخص البالغ، وتبلغ نسبة وزن المخ حوالي 2% من إجمالي وزن الإنسان. لا تمثل الاختلافات بين الأدمغة البشرية مثل الحجم والوزن بالضرورة أفضلية بالنسبة للقدرة العقلية، فوزن دماغ العالم ألبرت أينستاين كان حوالي 1.23 كيلوجرام، وهو أقل من المتوسط (1.4 كيلوجرام). يستخدم المخ البشري حوالي 20% من إجمالي الأوكسجين والدم الموجود بجسم الإنسان. وإذا انقطع الأوكسجين عن المخ لمدة تتراوح من 5 إلى 10 دقائق لتسبب ذلك في دمار دائم للمخ بالكامل أو لأجزاء كبيرة منه. يُشكِّل الماء حوالي 80 % من مكوِّنات المخ، فالمخُّ له طبيعةٌ هُلاميَّة إسفنجيَّة رَخْوَة، قوامُها الماء والأوعية الدَّموية اللَّيِّنة.
نظريًّا في إمكان المخ أن يخزن ما يعادل 1000 موسوعة علمية كاملة، تعتبر مساحة التخزين الخاصة بالمخ البشري “لا نهائية” ولا يمكن أن يمتلئ عن آخره، على عكس أجهزة الحاسوب أو غيرها. ينمو هذا العضو النبيل حتى سن الخامسة عشر، ويبدأ في الضعف من سن الـ 45 سنة، وتعتبر المرحلة ما بين 15 إلى 25 سنة من أنشط المراحل، ويحتوي المخ على ثلاثة أرباع الخلايا العصبية بجسم الإنسان ويبلغ عددها 14 مليار خلية عصبية، مع العلم أننا نفقد حوالي 10 آلاف خلية في اليوم ابتداء من سن العشرين، 50 ألفًا في الأربعين، و100 ألف في التسعين، ومع مرور الزمن يفقد المخ من وزنه ويهزل بحيث يفقد مدى الحياة 300 جرام ليبقى منه في النهاية في المتوسط 1.4 كلجم.
– تنتقل المعلومات عبر الخلايا العصبية بسرعات مختلفة في الدماغ تتراوح بين 0.5 متر/ثانية و120 متر/ثانية (حوالي 268 ميل/الساعة).
– يحدث حوالي 100,000 تفاعل كيميائي داخل المخ البشري في الثانية الواحدة.
– تنتقل الإشارات العصبية داخل المخ بسرعة حوالي 420 كيلومتر/ساعة وهو أسرع من أسرع سيارة في العالم.
– إذا كان المخ البشري جهاز كمبيوتر، فيمكنه معالجة 38 تريليون عملية في الثانية الواحدة وأسرع 500 585 مرة من أسرع سوبر كمبيوتر في العالم.
– في عام 2015، احتاج رابع أقوى سوبر كومبيوتر في العالم لحوالي 40 دقيقة لمحاكاة ثانية واحدة من نشاط المخ البشري.
– يقوم المخ بمعالجة حوالي 50,000 خاطرة أو فكرة خلال اليوم الواحد.
– لا يوجد جزء من دماغ الإنسان بدون وظيفة محددة لذلك فإن المقولة السائدة بأن الجنس البشري لا يستخدم إلا 10% فقط من دماغه هي مقولة خاطئة تمامًا.
– يفقد العقل حوالي 85000 خلية عصبية كل يوم، وهو لا يعتبر رقم كبير إذا ما عرفت أن هذا لا يشكل إلا جزءًا صغيرًا جدًّا من الـ 1% وهو ما يفقده الدماغ من خلاياه العصبية كل 3 سنوات.
وتعتبر خلايا المجموعة العصبية المركزية أشرف خلايا الجسم وأندرها وأنبلها، ويقدر عددها بحوالي 30 مليار خلية عصبية وهي التي تسيطر على نشاط البدن وفعاليته جميعًا، وهي التي يكون فيها النشاط الفكري والتخيل الذهني، ولو صفت صفًّا لبلغ طولها حوالي أضعاف المسافة بين الأرض والقمر. فسبحان من هذا خلقه وسبحان من هذا تكوينه. أين التكنولوجيا الحديثة من هذا المخ ومن تلافيفه ومن تركيبه العجيب ومن أسراره التي لم يطلع عليها أحد. “هَذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ”(لقمان:11).