الحياة البرية في الكويت

لن تستطيع في سطور معدودة  أن تقف على جوانب الحياة البرية في دولة الكويت، وتنوعاتها البيولوجية الثرية. ولن تحصي عدد المحميات الطبيعية التي نُذرت لحماية الكائنات الحيوانية والنباتية الهامة. فضلاً عن ثراء البحث العلمي والتعليمي والتوعوي بالحياة في بر الكويت وأهميتها البيئية.

عديدة ومتنوعة هي أنواع الثدييات، والطيور، والقوارض، والزواحف، والحشرات، والنباتات التي تنتشر في الحياة البرية في دولة الكويت. وهي تعلب دورًا بيئيًّا هامًّا بتوازنها وتفاعلها فيما بينها، بدءًا من أصغرها إلى أكبرها. ففي براري الكويت يعيش “هر الرمال”، وهو من أصغر أنواع الهررة (يزن ما بين 2- 3.5 كيلو جرامًا)، ويتراوح طوله بدون الذيل (45 سم- 57 سم)، ويتميز عن باقي الهررة برأس كبير وعريض، وأذنان كبيرتان. وهو من اللوحم الليلية –الذي يقتنص فرائسه ليلاً- الفردية، المتأقلمة للعيش في الصحراء، والأماكن الرملية. ونراه يتخذ جحورًا يحفرها تحت الشجيرات المعمرة، ويعيش عمرًا يصل إلى 13 عامًا.

أما الثعلب الأحمر (Vulpes vulpes) (الحصني أو أبو الحصن/ الحصين) فشائع جدًّا في الكويت. بينما نظيره الفَنَك (Vulpes zerda) فتم رصده لكن بأعداد نادرة جدًّا، يعيش في دول شمال إفريقيا، وجنوب السودان. وتتواجد الظَّرِبانُ أو كما يسميها الكويتيون الظرمبول، وبخاصة في “منتزه الكويت الوطني على تلال جال الزور شرق المطلاع”. وهي حيوانات لاحمة ليلية، شرسة وحادة الطباع.

كما يتواجد “الخفاش عاري البطن” (Taphozous nudiventris) بكثرة في الكويت. وهو أحد الخفافيش الثلاثة التي تم رصدها، وهي: الخفاش عاري البطن، والخفاش ذو الأنف الورقي، وخفاش كُهل. ويغطي جسم الخفاش عاري البطن شعر قصير بني اللون، وفيه سواد. وأجنحته جلدية يستخدمها للطيران، والخفاش هو الوحيد من الثدييات التي تطير. ويتراوح متوسط طوله مع الذيل 13 سم. وله مخالب في رجليه تساعده علي التعلق بالأسطح الخشنة، وهو مميز كغيره من الخفافيش، باستعماله “الموجات فوق الصوتية” لتحديد الأماكن، والغذاء، والرؤية الليلة. وتعمر الخفافيش لنحو 20 عامًا.

أما اليربوع فمن أجمل قوارض الصحراء، ورُصد منه في الكويت نوعان: اليربوع الصغير (lesser jerboa) ومتواجد بكثرة. والثاني أكبر حجمًا لكنه نادر المشاهدة، ويسمى بالشيرازي (الفراتي) (euphrates jerboa). ولديه خمسة أصابع في قدمه، وأذناه طويلتان. واليربوع من الثدييات، ليلية المعيشة، ويتمتع بسمع حاد. ويحفر جحره باتجاه انحداري ليصل عمقه لنحو مترين. كما يحفر حفرًا جانبية تساعده على سرعة الهروب من أعداءه. ويتكون جحره من شعر الجمل وأغصان النباتات. ومن القنافذ، يوجد في الكويت: القنفذ طويل الأذنين (من أصغر القنافذ العربية)، والقنفذ الأثيوبي.

وتنتشر عدة أنواع من العظايا في الكويت. وتعتبر “العظاية هدبية الأصابع” (السعودة) من أكبرها. وتنتمي إلى فصيلة الضبيات (Lacertidae)، نهارية المعيشة، حيث تخرج نهارًا للصيد، والتزاوج. وتتميز بلونها البرتقالي والبيجي المغطى ببقع بيضاء وبطنها أبيض. ولقد سميت “هدبية الأصابع” لوجود زوائد على أصابع رجليها الخلفيتان تجعلها كالمشط. وتساعدها على الجري بكفاءة على الرمال. أما “العظاية المدرعة” فأصغر قليلاً من السابقة، حيث إن طولها مع الذيل يبلغ 15سم، ولونها قريب منها. لكن تتميز العظاية المدرعة ببقع داكنة اللون، وبطن الأنثى عريض وخطمها أنحف من نظيرتها هدبية الأصابع. وهي كبقية العظايا نهارية المعيشة، حيث تعيش في جحور تحفرها تحت الشجيرات المعمرة كالعرفج والرمث والعوسج، وفي الربيع يكون موسم تزاوجها، ووضع البيض.

وتعتبر الأفعى القرناء  (Cerates cerates) من الحيات السامة الأكثر خطورة بعد الصِّل (الشجاع) الأسود. ليلية المعيشة، تخرج ليلاً للبحث عن فرائسها من الزواحف والقوارض. وتفضل الأفاعي المناطق الرملية والصخرية التي تساعدها على الاختباء. وهي بحركات اهتزازية تدفن نفسها، وتبقى عيناها ظاهرة لمراقبة فرائسها. قصيرة الطول والذيل، عريضة الجسم، دقيقة الرقبة (طول 82 سم، والذيل 7سم، وقطر منتصفها العريض 3 سم). وعلى جانبي الرأس العريض توجد غدد السم التي ساهمت في زيادة حجم الرأس. ولها نابان أماميان متحركان إلى خارج الفم، مما يزيد من خطورتها. وقرنا الأفعى جلديين ناعمين مرنين، يمكن بسهولة ثنيهما، تستطيع بهما إفزاع أعدائها، وقد يكونان لحماية عينيها الكبيرتين من الصدمات.

و”الدساس” حية غير سامة تندس تحت التراب. وتندرج تحت رتبة البُوَادي (Boidae) من فصيلة البُوَا (Boa) التي تلد ولا تبيض. وهي ليلية المعيشة تعيش تحت التراب والصخور في المناطق الرملية. لونها الأساس أصفر يتدرج إلى البرتقالي عليه بقع بنية اللون غير منتظمة التوزيع. أما بطنها فأبيض، وجسمها عريض وقوي وذيلها قصير. ويغطي جسمها قشور صغيرة ناعمة ولامعة جدًّا. وتتواجد عيونها في أعلى الرأس، وفتحات أنفها كذلك، لتستطيع إخراج العيون والأنف لتترصد فرائسها، وهي تعصر فرائسها حتى الموت ثم تبتلعها بادئةً من الرأس. وتعتبر “حية الفئران” (من عائلة الأحناش Colubridae) غير مؤذية وعدد قليل منها سام. لها أنياب خلفية في الفك العلوي لا تحمل سمًّا. وتتغذى نهارًا على الفئران والحشرات والزواحف الصغيرة. وتساعد على ضبط التوازن البيئي فتقلل من التزايد الكبير  لأعداد فرائسها.

المحميات الطبيعية في الكويت

يوجد العديد من المحميات الطبيعية في دولة الكويت. وقد أنشأت من أجل إعادة توطين الكثير من الحيوانات البرية والبحرية، والنباتات ‏المهددة بالانقراض. وللمحافظة على الصفات الطبيعية للبيئة الكويتية، وكمخزون استراتيجي لكائنات حيوانية ونباتية. فمن المحميات البرية: محمية “صباح الأحمد” البرية (منتزه الكويت الوطني سابقًا) وتنقسم إلى عدة ‏مناطق هي تلال  “جال الزور”  ومنخفض  “وادي أم الرمم”، ومنطقة (العوجة)، ومنطقة (شجرة ‏طلحة)، إضافة إلى الساحل‏.

وهذه المحميات تعتبر ملاذًا آمنًا للكثير من الحيوانات، والطيور، والزواحف، والقوارض، والحشرات، والنباتات. ومن هذه الأنواع يوجد القطط الرملية، والثعالب الحمراء (الحصني)، والضربان. وطيور الأشول، والرماني، والقفصي، وحمام البر، والهدهد، والصرد الرمادي الكبير (الحمامي العربي، والبومة)، والعقاب، بالإضافة إلى أنواع عديدة من الطيور المهاجرة. وثعابين أم جنيب، وأم ظهر، والمرزة، وقوارض كالقنافذ، والنمس، والضب، والجرابيع. كذلك الفراش، والعناكب، والخنافس إلخ. كما تنمو فيها شجرة الطلحة (السدر الصحراوي)، وشجيرات القرضي، العضرس، والأرطة، والثن، والعوسج، والنوير، والربلة، والكحيل، والغردق، والرغل، والهرم، والعرفج، والشنان أو التليث، والعنصل أو العنصيل إلخ. كما تعتبر جزر الكويت من الجزر الهامة التي تتكاثر فيها الطيور الساحلية (كالخرشنة وغيرها)، والسلاحف البحرية  بالإضافة إلى الشعب المرجانية الجميلة والهامة في آن معًا.

ومن المعلوم أنه في تاريخنا الراهن نفقت واختفت كثير من الحيوانات، وانقرضت كثير من النباتات. ويقدر علماء البيولوجيا أن الأنواع البيولوجية تتجاوز ثمانين مليون نوعًا. ولم يصنف العلم منها حتى الآن سوى 1.4 مليون صنفًا موزع إلى 750 ألف حشرة، و41 ألفًا من الفقاريات، وربع مليون من النباتات، والباقي موزع بين الفطريات واللافقاريات والطحالب وغيرها. ولقد خضعت أنواع الحيوانات والنباتات لتغيرات ونفوق وانقراض على مر العصور الجيولوجية. وفي تاريخنا الراهن نفقت حيوانات وانقرضت نباتات. إذ إنه منذ 1600 حتى الآن انقرض 724 نوعًا بيولوجيًّا. كما يوجد 3956 نوعًا مهددًا بالخطر، و3647 نوعًا معرضًا للخطر، و7240 نوعًا نادرًا. وهنالك 25% من التنوع البيولوجي معرض لخطر الانقراض خلال عشرين إلى ثلاثين سنة قادمة. ولتلافي الخطر وصلت المناطق المحمية في العالم إلى حوالي عشرة آلاف محمية تغطي ما يقرب من 6% من مساحة الأرض. وهنالك عدة معاهدات عالمية تسعى الدول عبرها إلى تعميق الحفاظ على هذا التنوع البيولوجي الهام لكفاءة الحياة فوق كوكب الأرض.

وخلاصة القول: منذ نحو عقد ونصف.. أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 22 أيار/ مايو من كل عام “يومًا عالميًّا للتنوع الأحيائي/ البيولوجي”. وذلك لكون “التنوع الأحيائي هو الحياة، والتنوع الأحيائي حياتنا”. ودولة الكويت-بحياتها البرية الإحيائية المتنوعة، ومحمياتها الطبيعية- خير شاهد في ذلك المجال.