الشاعر: محمد بك فهمي الرشيد
أحدُ شعراءِ العصرِ الحديثِ، كان مأمورَ مركزِ أخميم بمحافظة سوهاج المصرية، حَسَنُ الوَضْعِ والأسلوبِ، بعيدٌ عن الركاكةِ والتقليدِ، أكثرُ شعرِهِ في المآثرِ التاريخيةِ والبديعِ.
القصيدة:
(1) قال من البحر الكامل:
شهرُ الصيامِ قد ازدهَتْ أنوارُه | وسُعودُه لاحَتْ بيُمْنِ هلالِهِ |
فَتَهَنَّ بالتوفيقِ في عِزِّ البَقا | والخيرُ والإقبالُ من أَمثالِهِ |
(2) وقال من السريع:
شهرُ الصيامِ فضلُه ظاهِرٌ | والأَجْرُ من خيرٍ يُهَمِّي |
ونورُ صلاحِكَ فيه زاهِرٌ | يا أبا الصلاحِ دُمْتَ لَفَهْمي |
(3) وقال من الخفيف:
لاحَ بدرُ العيدِ السعيدِ يُهَنِّي | بقبولِ الصيامِ والخيرُ شامِلْ |
فتَهَنَّأْ بالفوزِ، واسْمُ وأَرِّخْ | عيدُ حُسْنٍ بضوءِ بَدْرٍ كامِلْ |
(4) وقال من المتقارب:
تَهَنَّأْ بإقبالِ شهرٍ كريمِ | قَبولُ صيامِكَ فيه ارتَسَمْ |
وقد صَحَّ في اليُمْنِ تاريخُه | بإقبالِ شهرِ الصيامِ ابتسِمْ |
(5) وقال من المتقارب أيضًا:
لقد هلَّ باليُمْنِ شهرُ التَّجلِّي | ففيه بحسنِ القبول تَوَسُّمْ |
ودُمْ للتهاني فتاريخُها | بإقبالِ شهرِ الصيامِ تَبَسُّمْ |
(6) وقال من الكامل:
شهر الهنا والفوزِ هلَّ هلالُهُ | يزهو بنور الحقِّ جلَّ جلالُهُ |
فدعِ العوامَ وشأنَهم في صومِهم | ليكونَ في صومِ الخواصِ كَمالُه |
ما الصومُ عن أكل الطعام، وإنما | عن كل أمرٍ لا تليقُ فعالُهُ |
فاكفف مرادَك يا فؤادي عن سوى | مولاك، أولاك الرضا إقبالُهُ |
ومجاريَ الشيطان ضَيِّقْها على | جولانِهِ؛ ليَحيدَ عنك ضلالُهُ |
والنَّفْسَ خالِفْها بعصيانِ الهوى | فالعزُّ في شأنِ الهوى إذلالُهُ |
فاغضضْ عن الآثام طَرْفَكَ؛ إنَّها | في الصومِ إفطارٌ به إخلالُهُ |
واحفظْ لسانَك من تَطَرُّقِ غِيبَةٍ | ونميمةٍ، والهَجْوُ بئسَ خصالُهُ |
والسمعَ صُنْهُ عن الجميعِ؛ فإنه | سببانِ: إصغاءٌ له ومَقالُهُ |
واحفظْ جوارحَكَ الجميعَ من الخَطا | ومن الخَطا فيما يُذَمُّ مَجالُهُ |
واقنعْ بإفطارٍ على حِلٍّ، وَدَعْ | شُبُهاتِ ما لم يَحْلُ فيه حلالُهُ |
واجعلْ صيامَك دائمًا بالله، بل | لله، بل في الله، ذاك جمالُهُ |
واحذَرْ صيامًا ليسَ فيه مَزِيَّةٌ | إلا الخَصاصَةَ والظَّما وهُزالُهُ |
فالقصدُ من شَرْعِ الصيامِ تَشَبُّهٌ | يَحْكي الملائكةَ الشريفةَ حالُهُ |
(7) وقال من البسيط:
للصوم بالصون عند الله تفضيلُ | كما لإجمالِه في الفضلِ تفضيلُ |
فصحةُ الجسم من إحدى فوائده | لأنه لموادِّ السُّقْمِ تحليلُ |
وقاطعٌ شهواتِ النفسِ طاغية | حتى يهذِّبَها بالصبرِ تذليلُ |
وباعثُ الشكرِ للنعماء؛ حيث بدا | به لمقدارِها في الفكرِ تخييلُ |
ومُوجِبٌ لثباتِ الجأشِ عند لقاء | الخطْبِ مهما بدا لليأسِ تهويلُ |
ومُقتضٍ لمساواةِ الأنام فللـ | مكثرِ تَذْكِرَةٌ والغَيْرُ تسهيلُ |
وفيه بِرٌّ مواساةٌ وتزكيةٌ | من ذي اليسارِ لذي الإعسارِ مكفولُ |
وفيه تعظيم أمر الله أَكْمَلُ من | كلِّ العباداتِ للإخلاصِ موكولُ |
وفيه للروحِ ما تَحْيى به مَلَكًا | له إلى العرشِ بالإعدادِ توصيلُ |