لا شك أن الإنسان أروع الكائنات وأعظمها، فيه اكتنزتْ العوالم وفيه انطوتْ الدُّنا. إنه “الموضوع الرئيس للعلوم المادية واللامادية، وليس لما سوى ذلك وزن ولا قيمة إلا بمقدار علاقته بالإنسان”.. بهذه الكلمات يستهل الأستاذ “فتح الله كولن” مقاله “السموُّ بالإنسان” المتصدِّر هذا العدد من حراء، مشيرًا إلى رحلة الإنسان المباركة السامية، ومنوِّهًا بالمهمة الواقعة على عاتق كبار المربِّين، وهي تعريف هذا الإنسان بماهيته، وتنميةِ قدراته العقلية، وتقويةِ إرادته، وتصفيةِ عالَم مشاعره؛ حتى يقوم بالاتصال بما وراء الطبيعة، ويشعر بوجود خالقه عز وجل من خلال مرآة وجوده هو، ومن ثم يتمتع بمشاهدة الجمال الفريد.
وإذا كان الأستاذ كولن أكّد على السموّ بالإنسان والاهتمام بتربيته التي ترتقي به إلى مستوى الإنسانية، فقد تناول “عماد عبد الرازق” جانبًا محوريًّا يدعم هذا السمو وهو “المعرفة” التي يستظل تحتها التعايش والحوار، وذلك من خلال مقاله الموسوم بـ”آفاق المعرفة مظلة التعايش والحوار”.
وأما “محمد زغلول عامر” فيحدثنا في مقاله “المدنية الإسلامية في الميزان الاجتماعي” عن أن الحضارة الإسلامية، هي حضارة إنسانية ذات طابع كوني يقوم على استيعاب وتطوير أية فكرة في إطار من التسامح الكامل مع ذلك الذي أسسها، مسلمًا كان أو غير مسلم.
وتستعرض “آسيا رضوان” في مقالها “تكنولوجيا التواصل الحديثة والتغيير المجتمعي”، تقنيات التواصل الحديثة وقوتها التأثيرية التي تعيد هيكلة مجتمعاتنا وبناء تمثلاتنا حول ذواتنا وحول الآخر، وبالتالي تعيد تشكيل منظوماتنا القيمية والأخلاقية وتحكم علاقاتنا الاجتماعية.
أما “صابر عبد الفتاح المشرفي” فيزيح عنا ستارًا سمّاه “ستار الأُلفة” الذي يحجب عنا إبصار الجمال الموجود في كتاب الكون، ويمنعنا من سماع صوت الحق من ألسنة الحوادث والكائنات، قائلاً: “إن النظر إلى الآيات الكونية أو القرآنية من خلال ستار الأُلفة، يحجب عنا رؤية مدى الجمال المعجز في كل آية، ويخفي عنا بعضًا من وجوه الإعجاز التي تتجلى في هذه الآيات”.
ويطلعنا “محمد السقا عيد” من خلال مقاله “الجينوم البشري والتنبؤ بالأمراض” على المفاتيح التركيبة الجينية التي تعطي الفرصة للتحكم أو للتكهن بما قد يصيب الإنسان في مراحل حياته المختلفة، مشيرًا إلى اكتشاف أسرار الجينوم البشري التي فتحت الأبواب أمام البحث العلمي، وأصبح بالإمكان معرفة استعداد الشخص للإصابة بمرض ما.
ويدعو “ناصر أحمد سنه” من خلال مقاله “الميزان وأثره على حياة الكائنات” إلى النظر في نظام الكون المتوازن المتناسق والتأمل فيه، مشيرًا إلى أن “الإنسان سائح، والكون مكتبة زاخرة مطروحة لنظَره وتأمّله وسياحته. ولقد أُرسل هذا السائح إلى هذا العالم ليقرأ هذه الكتب ويزيد في معرفته ومن ثم ينشئ جنَّات كجنَّات عدن”.
هذا وندعو قراءنا الأعزاء إلى الاطلاع على المقالات الأدبية والعلمية والثقافية التي ساهمت في تشكيل الإطار العام لهذا العدد، والله من وراء القصد.