الألوان عبارة عن ضوء تتأثر به العين، وكل الألوان المرئية أصلها واحد، ولكل لون تردّدٌ معين وموجة معينة ينتشر بها في الآفاق، حيث نرى فقط جزءًا بسيطًا من هاته الترددات والموجات الكهرومغناطيسية، وهو ما يسمى الطيف المرئي (Visible Spectrum) الذي تتراوح موجاته تقريبًا ما بين 400-700 نانومترًا، فعندما يسقط الشعاع الضوئي على جسم ما فيبدو أبيض، يدل ذلك على أن هذا الجسم يعكس كل الألوان ولا يمتص شيئًا منها، وعندما تبدو مادة ما سوداء، فهذا دليل على أنها لا تعكس أي لون ولكنها تمتص كل الألوان. أما رؤية اللون الأخضر -مثلاً- فهذا يعني أن هذه المادة تمتص كل الألوان ولا تعكس إلا الأخضر، وبالتالي نراها بالعين المجردة خضراء.
ويتفق كل الباحثين والمختصين، أن للألوان تأثيرًا نفسيًّا على الإنسان، فكل لون له تردد خاص به مختلف عن الآخر، ومن خلال هاته الترددات والموجات يؤثر اللون على العين وعبرها على خلايا الدماغ بأشكال مختلفة حسب طول الموجة والتردد، حيث تتأثر نفسية الإنسان وراحته إيجابًا أو سلبًا. فمثلاً نجد الباحثين المختصين في الطب وعلم النفس، يؤكدون على أن اللون الأخضر يساعد على التنفس بعمق، ويساعد أيضًا على إعادة التوازن إلى خلايا الجسم، وبالتالي يدخل البهجة والسرور إلى قلب الإنسان، لذلك نجد الأطباء في المستشفيات وفي العمليات الجراحية يرتدون الزيّ الأخضر. وإن اللون الأزرق -حسب الخبراء- يساعد على تخفيض ضغط الدم، وتنشيط الغدة النخامية، ويقوي نخاع العظم، كما يساعد على النوم العميق.
كيف يظهر قوس قزح؟
يظهر قوس قزح -ويسمى أيضًا قوس المطر أو قوس الألوان- بعد سقوط المطر أو خلال سقوطه والشمس مشرقة. ويعتبر قوس قزح ظاهرة لتشتت الضوء (Dispersion) المنبعث من الشمس والمتساقط على قطرات ماء المطر كروية الشكل، بحيث يتم حدوث عملية الانعكاس والانكسار داخل القطرات، وتخرج منها عدة ألوان مختلفة وهي التي يتكون منها الضوء الأبيض. هاته الألوان التي تظهر عند الخروج من داخل القطرات كروية الشكل، هي الظاهرة نفسها التي تحدث عند خروج الأشعة من الموشور، حيث تظهر ألوان الطيف بشكلها البديع، وذلك بعد مرور الأشعة بين وسطين (ماء، زجاج، هواء…) مختلفي معامل الانكسار؛ فالضوء أو اللون الأزرق -مثلاً- ينعكس وفق زاوية تقدر 40.5 درجة مقارنة مع أشعة الشمس المتساقطة، بينما اللون الأحمر ينعكس وفق زاوية قدرها 42 درجة.
إن معامل الانكسار في وسط مادي، يأخذ قيمًا مختلفة حسب طول الموجة المنتشرة في الفضاء، وتبين قاعدة الانكسار أن الأضواء التي تتساقط على وسط يتكون من موجات مختلفة الطول، تنكسر بزوايا مختلفة. إذ الضوء الأبيض، هو مزيج من كل الموجات الكهرومغناطيسية للطيف المرئي، من الأحمر إلى البنفسجي. ولهذا فإن كل لون، ينعكس من خلال زاوية معينة، وهو ما يعطينا ظاهرة “تشتت الضوء” الذي يمكن مشاهدتها عند مرور الضوء الأبيض عبر الموشور؛ حيث ينكسر الضوء إلى ألوان مختلفة بزوايا متعددة أكبرها زاوية البنفسجي، وأصغرها زاوية اللون الأحمر.
من أجل رؤية قوس قزح بوضوح، يجب علينا دائمًا أن نتموقع بين الشمس ومكان تساقط المطر تاركين الشمس في الخلف، وإذا كنا واقفين طبقًا لزاوية معينة، يمكن لأشعة الضوء أن تقوم بانعكاس مزدوج، حيث يظهر لنا قوس قزح ثانوي فوق القوس الأول الرئيسي. كما أن إحدى خصائص القوس الثانوي، هي أن الألوان تظهر معكوسة؛ فيظهر اللون البنفسجي في خارج القوس، بينما يبقى اللون الأحمر داخله.
قوس قزح يظهر في غالب الأحيان على شكل نصف دائري، ويكون طيف الألوان في القوس متدرجًا من اللون الأحمر من الخارج نحو البرتقالي فالأصفر فالأخضر فالأزرق فأزرق غامق (نيلي) فبنفسجي من الداخل. وفوق القوس الرئيسي الأول يوجد قوس ثانوي، حيث ترتب فيه الألوان ترتيبًا عكسيًّا، ويكون هذا القوس معتمًا وأقل إضاءة، لوجود انعكاس مزدوج في قطرات المياه.
ويمكن رؤية الألوان عندما تكون زاوية الانعكاس بين الشمس وقطرة المياه، وخط رؤية من يشاهد هذه الألوان هي 40 و42 درجة. وعندما تكون الشمس منخفضة في السماء، يظهر قوس قزح عاليًا نسبيًّا، وعندما ترتفع الشمس إلى الأعلى، يظهر قوس قزح منخفضًا في السماء، حيث يحتفظ بزاوية 40 إلى 42 درجة. ولكن عندما تكون زاوية الشمس فوق الأفق أكبر من 42 درجة، لا يمكن رؤية قوس قزح، لأن الزاوية المطلوبة تمر فوق رأس المشاهد.
في الحقيقة، إن القطرتين المتتاليتين المتقاربتين هما اللتان تشكلان رؤية قوس قزح، فالأشعة الملونة القادمة من قطرات متباعدة، لا تلمس العين مباشرة ولا تدخل ضمن مجال الرؤية.
ويمكن مشاهدة هذه الظاهرة الفيزيائية البصرية في الطبيعة، عند تواجدك بين الشمس ومنطقة ممطرة، حيث تتم مشاهدة قوس قزح الذي هو عبارة عن انكسار وتحلل لضوء الشمس خلال تساقط قطرات ماء المطر. ويظهر قوس قزح في الواقع على شكل نصفين؛ جزء علوي في السماء، وجزء سفلي في محيط الأرض. وتحدث هذه العملية على الشكل التالي: عندما يسقط ضوء أبيض على قطرة ماء، ينكسر على وجهها الداخلي باختراق القطرة، ثم ينعكس على الجهة الأخرى ويعود منكسرًا مجددًا كي يخرج على الهواء مرة أخرى. وتخرج الألوان المختلفة مكونة زوايا تتراوح بين 40 درجة (اللون البنفسجي) و42 درجة (اللون الأحمر) مقارنة مع خط الضوء الأبيض المتساقط والقادم من الشمس.
وعندما يشاهد شخص ما قوس قزح، فإنه يتلقى من كل قطرة ماء شعاع لون ما، ولكن يرى في المحصلة مجموع ألوان الطيف المرئي، ولهذا يرى على شكل قوس، حيث تكون قطرات نفس اللون على قوس دائري، لأنها ترى من خلال الزاوية نفسها.
وجدير بالإشارة إلى أن قوس قزح يظهر مزدوجًا، لأن هناك مسارًا ثانيًا للأشعة يحدث داخل قطرة الماء بواسطة انعكاسين. وهكذا نشاهد القوس الثاني بزاوتين تتراوحان بين 52 درجة (شعاع اللون الأحمر من داخل القوس) و54 درجة (شعاع اللون البنفسجي من خارج القوس)، لأنه يحدث في واقع الأمر انعكاسان داخل القطرة قبل خروج الأشعة منها. والملاحظ أن ألوان قوس قزح الثاني تبدو للمشاهد معكوسة، وشدة بريقها أقل وأضعف من قوس قزح الرئيسي.
(*) وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني / المغرب.