يَـا مَـنْ تُـوَدِّعُـنِـي، والنَّـفْـسُ تَـرْتَـحِـلُ
تَـركْـتِ في القَلْبِ جُـرحاً كِيْفَ يُحْتَمَلُ
الـحُـزْنُ خِـيَّـمَ فِـي الأَجْـوَاءِ هَـاجِـرتِي،
هَـلْ بَـعْدَ أَوْجَاعِنَا، قَـدْ تُهْـتَـدى الـسُّبُلُ
تَعْـدُو المَـسَـافَـةُ، وَالأَحْـشَـاءَ تَـفْـتُكُهَا،
ولَـمْـحَـةٌ وَضَـعَـتْ أَوْزَارَهَـا الـمُـثُـــلُ
أَعَـدْتِ عَـهْـداً مَـضَـى بِالحُـبِّ يَغْـمُرُنَا،
ولَـمْـسَــــــةً وُلِـدَتْ بِـالـرُّوْحِ تَـبْـتَـهِــلُ
أَتَـذْكُـرِيْـنَ قِـطَـافَ الـوَرْدِ مِنْ جَـسَـــدٍ،
وَالنُّـوْرُ مِنْ نَـظْـرَةِ الإِيْـحَـاءِ يَـشْـتَـعِـلُ
والرَّسْــمُ فِي شَــفَـةٍ مَـاءٌ عَلَى عَـطَـشٍ،
والفَـجْـرُ مِـنْ قَـدِّكِ الـمِـيَّـاسِ يَـنْـهَـمِـلُ
والهَـمْـسُ فِي لَـهْـفَةِ الأضْـلاعِ أُغْـنِـيَةً،
واللِـيْـلُ مِنْ شَـعْرِكِ المُنْـسَـابِ يَنْسَـدِلُ
كِـيْـفَ الحَـيَـاةُ بِـدُوْنِ الـوَصْـلِ نَعْبُرُهَا،
وفِـي فُـرَاقٍ يَـغِـيْـبُ الـوَصْـلُ والنُّـزَلُ
أَتَـذْكُـرِيْـنَ لَـهِـيْـبَ الـشُّــوْقِ فِي لُـجُـجٍ،
فُـرَاتُـهَـا بِـيْـنَ عِـيْـنِـيِّ الـمَـهَـا قُـبَـــــلُ
واللَـحْـنُ مِنْ خَـطْوِها يَشْـدُو خَوَاطِرَنَا،
والضُّـوْءُ مِنْ خَـدِّها قَـدْ جَـاءَ يَـغْـتَـسِلُ
تَخْضَرُّ تَحْتَ الخُطَى الصَّحْرَاءُ فِي فَرَحٍ،
ويَـرْقِـصُ الـطِّـيْـرُ عِـشْـقاً، يُنْشَدُ الأَمَلُ
أَتَذْكُـرِيْـنَ حَدِيْثَ الضَّـمِّ يَـسْــــــحـرُنَا،
ولَـغْـوَةَ الوَجْـدِ فِي الأَحْـضَانِ تُـرْتَجَـلُ
سَــأتْـرْكُ العَـتَـبَ الأُنْـسِـــيَّ يَـجْـرَحُـنَا،
فالنَّـطْـقُ في الضَّعْفِ تَجْرِيْحٌ بِهِ العَذَلُ
يا منْ تغضُّ العيونَ الحورَ عن نظري،
والدَّمْعُ يُحْجبُ، في الأهْـدابِ يُـنْــدَمِــلُ
تَـبُـوْحُ فِي لُـوْعَـتِـي سِـــرّاً مَـلَامِـحَـهَـا،
تَـكَـلَّـمَ الـصَّـمْـتَ مِنْ أَعْـمَـاقِـنَـا جُـمَـلُ
كَـانَـتْ تَـضُـوعُ جِنَانَ المِـسْكِ مِنْ فَمِهَا،
ويَـشْـربُ الخَـمْـرَ مِنْ أَوْرَاكِـهَـا الثَّـمِـلُ
ويُـبْـدِعُ الـشِّـــعْـرَ مَـجْـنُـوْنٌ بِـرَاحِـلَـةٍ،
ويـوْقِـدُ النَّـشْـوَةَ الـسَّـكْـرَى بِهَا الوَجَـلُ
كُـنَّـا صَـغِـيْـرِيْـنِ لِـلـنِّـسْـــــيَـانِ ذَاكِـرَةً
بُـعْـداً يَـصُـوْلُ، ويُـغْـنِـي حُـلْمَنَا الأَزَلُ
مَـرَّتْ عَـلِـيْـنَـا خُـيُـوْطُ الوَعْـدِ فِي مَلَلٍ،
فَـيَـكْـتَـفِـي رَوْعَـةً مِنْ سِــحْـرِنَـا المَلَلُ
ويَحْزَنُ الكونُ إنْ مَـرَّ الصَّـدَى عَجِـلاً،
فَـمُـثْـلُـنَـا فِـي جُـمُـوْدٍ، يُـبْـدَعُ الـفَـشَـــلُ
يَـا مَنْ أُعَـاتِـبُـهَـا، والـدَّمْـعُ مِـحْـبَـرَةٌ،
عَـبَـرْتُ نَـزْفاً، تَـجَـلَّى جُـرْحُهُ الخَضِلُ
هَـاتِـي قَـصَـائِـدَنَـا الغَـرَّاءَ مِنْ مُــــــزَنٍ
مرْقوقةَ الهَتْفِ حارتْ في النُّهى الرُّسُلُ
وارْمِـي الـوِشَــاحَ لِكِي أَغْـتَابَ خَـاتِـمَـةً،
نَـقَـشْـتُ فِي مَـطَـرِ التِّرْحَـالِ مَـا يَـصِـلُ
حَـسْــــــــــبِـي بِـأنَّـكِ مِـيْـعَادٌ بِـلا أَجَــلٍ،
لا يُـغْـمِـدُ النَّـصْـلَ في صُـوْلاتِهِ الأَجَـلُ
إِنِّـي زَرَعْـتُ عَـلَـى الإِيْـمَـاءِ فِـطْـرَتَـــهُ،
هَلْ مَـاتَ قَـبْـلَ يَـقِـيْـنِي خِـفْـيَـةً أَسِـلُ؟!
أَمْ قَـطَّـعَـتْ لَـحْـظَـةَ التَّـمْـزِيْـقِ قِـصَّتَنا،
مَـازَالُ، يَـفْـضَـحُ عُـمْـقاً طَرْفُها الخَجِلُ
تَـمْـضِـي، وعِـيْـنِـي وَرَاءَ الظَّـلِّ لاهِثَةً،
وتَـسْـأَلُ الـقَـدَرَ الـمَـحْـتُـوْمَ مَـا الـعَـمَـلُ
يَـرِدُّ مِـيْــلٌ، وَقَـدْ غَـطَّـــى الـدُّنَا وَجَعاً،
بَـاحَـتْ دُمُـوْعٌ سُـــؤَالاً فِـيْـكَ يُـخْـتَـزَلُ
فِـي وَقْـفَـةٍ صَـارَ كُـلُّ الـكُـوْنِ مَـقْـبَـرَةً،
أَبْـقَـى أَنِـيْـنـاً خَـفِـيّـاً ذَلِـكَ الـشَّـــــــــلَـلُ
فعُدْتُ أَحْـمِـلُ بَعْضَ الصَّبْرِ في جُعَبِي،
وأَمْـضَـغُ الحَـسْـرَةَ العَـمْـيَـاءَ، أَعْـتَـزِلُ.