تعود الناس على تناقل الكثير من المفاهيم والمعتقدات الخاطئة حول العين والرؤية، ونسج الناس حولها الكثير من الأوهام وأنصاف الحقائق. وإليك بعضا من هذه المعتقدات الشائعة حول العين والرؤية، والوجهة الطبية والعلمية الصحيحة حول ذلك المعتقد:
(1) الجلوس الطويل أمام شاشة الكمبيوتر يضر بالعينين ويتلف البصر:
لقد عمت استخدامات الكمبيوتر كل مكان، وأصبح المشتغلون به يتخوفون من مخاطر الشاشات على أعينهم، ومن المؤكد أن الكثيرين سمعوا أن الجلوس لفترة طويلة أمام الكمبيوتر يتلف النظر، الأمر الذي لا يعتبر صحيحًا بالمرة.
لكننا نستطيع أن ننصح بالاستخدام الصحيح للكمبيوتر وعدم إنهاك العينين بالجلوس أمام الشاشة ساعات طويلة وبتركيز شديد، حيث يحصل نتيجة ذلك الانشغال وقلة رمش العين، وبالتالي عدم توزع الطبقة الدمعية بانتظام، بعدها يحس الشخص بحرارة في عينيه واحمرار طفيف أو دموع ناتجة عن التعب والإرهاق الذي حصل في عينيه.
فعندما ينظر الإنسان نحو شاشة الكمبيوتر يرف جفناه 3 مرات أقل من الإنسان العادي الذي لا ينظر إليها، والذي عادة يحرك جفنيه 16الى 20 مرة خلال الدقيقة، أما خلال النظر إلى نحو الشاشة فيرف جفناه 6 الى7 مرات فقط، الأمر الذي يؤدي إلى الشعور بالجفاف في العينين وإلى تهيجهما، وظهور إشكالات في تركيز الرؤية.
كما تظهر أيضا آلام في الرأس وفي عضلات الرقبة، والإحساس بالتعب والدوار، الأمر الذي يطلق عليه الأطباء مصطلح “أعراض الرؤية الكمبيوترية”. غير أنه لا يتوجب عليكم الخوف ، فلم تسجل أي دراسة بأن متابعة شاشة الكمبيوتر يمكن أن تؤثر تأثيرًا بالغًا.
أكدت دراسة بريطانية نشرت في صحيفة الغارديان أن البريطانيين يمضون 130 ألف ساعة بالمعدل الوسطي أمام شاشات التلفزيون أو أمام شاشات الكمبيوتر، ويمضي الإنسان البالغ أمام الكومبيوتر 35 ساعة أسبوعيا بالمعدل الوسطي. ويشتكي %60 من مستخدمي الكمبيوتر من آلام حادة في الرأس، فيما يشعر 53 % بالتعب في عيونهم.
لذلك فإن استخدام الكمبيوتر بالوضع الصحيح لا يضر بالعينين. كما ينصح بأن تكون شاشة الكمبيوتر على مستوى أقل من مستوى العين بحوالي 60 درجة حتى لا ترهق العين أو عضلات الرقبة.
(2) القراءة في نور خافت تضر بالعينين وتسبب قصر النظر:
دائمًا ما نسمع تلك العبارة مُنذ صغرنا… لا تقرأ هنا فالإضاءة ليست جيدة…. القراءة فى النور الخافت تسبب قصر النظر…الخ، ما صحة هذه المقولات، وما تأثير الإضاءة على العين أثناء القراءة؟
يعتقد بعض الناس أن كثرة القراءة أو قراءة حروف صغيرة باستمرار قد تؤدي لتدهور مستمر في البصر، بالذات لكبار السن أو للأشخاص الذين يعانون من ضعف الإبصار. وهذا ليس صحيحًا أبدًا فقد تعود آباؤنا وأجدادنا علي القراءة في ضوء خافت، وفي ضوء مصباح الزيت والشمعة ونحوها، ولم يكن ذلك ليؤثر على أبصارهم ، لذلك فإن استخدام العين باستمرار سواء كان في القراءة، أو في أي مجهود بصري آخر لا يؤدي إلى ضعف البصر أو إلى حدوث أي أمراض في العين، كل ما هناك أن عضلات العين قد تجهد من القراءة لفترات طويلة، ويحتاج الشخص للراحة بعض الوقت.
قام العالمان راشيل فيرمان واكون كارول في عام 2007 بجمع كل الدراسات التي أجريت في هذا المجال وقارنوا بين نتائجها، وتوصلوا إلى نتيجة مفادها بأن القراءة في ظل ضوء خفيف يستنفذ العيون ويتعبها، غير أن هذا التأثير السلبي يكون مؤقتا ولا يلحق أي نوع من الضرر الدائم بها.
وقد تصاب العيون في ظل الضوء الخافت أيضًا بالجفاف، لأن الإنسان يلقى صعوبات أكبر حين يكون الضوء قليلاً، لهذا يحرك جفنيه بشكل أقل.
وخلاصة هذه النقطة هى أن القراءة في الإضاءة الخافتة ببساطة لا تؤثر على العين في شيء، وإنما تسبب فقط عدم الراحة أثناء القراءة، وذلك لأن العين كحدقة وكعدسة تتأقلم مع كمية الضوء الداخل إلى العين ومدى قرب وبعد المسافة أثناء القراءة، فالقراءة في الظلام تسبب الإجهاد لعضلات العين إلا أنها سرعان ما تعود إلى طبيعتها تدريجيا بعد العودة الى الضوء العادي.
أما عن المعلومة الشائعة بأن القراءة فى الظلام تسبب قصر النظر فهذا لا أساس له، فقصر النظر يعتمد على تقعر قرنية العين بالأساس. وقوة وضعف الإبصار له عدة عوامل متعلقة بالقرنية وعدسة العين والسائل الزجاجي والشبكية وعصب الإبصار ولا علاقة له على الإطلاق بقوة الإضاءة في المكان.
(3) لبس النظارة الطبية والمداومة عليها يضعف النظر تدريجياً:
هذا الاعتقاد ناتج عن ملاحظة أن من يرتدي النظارة لو أبعدها عن عينيه فلن تكون الرؤية كما لو كانت قبل ارتدائها في السابق وذلك بالطبع ناتج عن الأسباب التالية:
- أن من يحتاج إلى النظارة الطبية ويرى بها الأشياء بوضوح وصفاء تام يتعود على ذلك الوضع الجيد من صفاء النظر ووضوحه، بينما تكون الرؤية سيئة عند خلع النظارة وذلك ناتج عن التحسن الكبير في الرؤية.
- أن العين تتأقلم مع النظارة وتحتاج إلى فترة من الزمن حتى تتكيف مع الوضع الجديد بعد إزالتها عنها، ومن ثم يعود نفس النظر السابق قبل لبس النظارة بالكلية، وهذا مايجعل الشخص يحس بأن نظره قد ضعف عما سبق.
(4) الإكثار من أكل الجزر يحسن من قوة الإبصار:
سنكون مخطئين جدًا لو اعتقدنا بأن تناولنا للجزر يمكن أن يخلصنا من النظارة، فالجزر يمكن له أن يجلب لأجسامنا الكثير من الفوائد، غير أنه لا يحسن نظرنا. صحيح أن الجزر يتضمن الكثير من فيتامين A الذي يساعد في تخفيض مخاطر تطور أمراض العين، غير أن بحثًا أجري في عام 2007 أكد أنه يكفي لحماية العيون تناول كمية قليلة من الفيتناميات التي قد لا تكون موجودة بالضرورة في الجزر.
والخلاصة أنه ليس صحيحًا أن أكل الجزر يزيد من قوة البصر بل إن الزيادة في تناول الفيتامينات المركزة قد تضر بالجسم أكثر من أن تنفعه.
(5) الحول عند الأطفال يمكن أن يزول تدريجياً وبدون علاج:
غالبًا ما يكون الحول عند الأطفال ناتجًا عن عيوب انكسارية في العين أي طول النظر الشديد أو قصر النظر الشديد وفي كلتا الحالتين يحتاج الطفل إلى نظارة طبية أو عدسات توضح الرؤية وتساعد العين على التركيز بدقة، عند ذلك تقل درجة الحول، وفي بعض الأحوال يزول الحول كليًا باستعمال النظارة.
وإذا كان بعض الأهل يمنون أنفسهم من خلال الاعتقاد بأن الحول طبيعي عند الأطفال، وأنه سيتلاشى مع كبرهم، فإنهم يكونون قد ارتكبوا خطًأ كبيرًا بحق أطفالهم. فقد أكدت الدراسات المختلفة أن الطفل لا يكون أحول منذ طفولته، إنما يظهر ذلك خلال الشهرين الأوليين من عمره بالصلة مع تطور البصر لديه. وقد ينجم الأمر عند الأطفال حديثي الولادة نتيجة للنمو غير الكافي لعضلات العيون، غير أن الطبيب يجب أن يفحص الأطفال الرضع الذين تبلغ أعمارهم 4 شهور إذا ظهرت علامات الحول لديهم.
يقول رئيس جمعية أطباء العيون بافيل ريزيك: «هناك رأي يسود بين الناس يقول أن الأطفال حتى سن الثالثة من العمر يمكن أن يكون لديهم قليل من الحول، وأن ذلك لا يضر. أما نحن فنكرر للناس بأن هذا الأمر ليس طبيعيًا”.
وأكد أن اكتشاف ذلك في وقت مبكر يجعل الأمل أكبر بإجراء العملية الجراحية بشكل ناجح وإزالة الحول. أما أكثر الأوقات فعالية لإزالة الحول عند الأطفال فهو حتى سن الرابعة، أما بعد سن السابعة فيكون النجاح أقل.
(6) الكشف بالكمبيوتر لعمل النظارات هو أحسن وأدق الطرق لعملها:
أصبح الكمبيوتر يستخدم في الآونة الأخيرة في الكشف عن العيوب الانكسارية في العين، ويقوم بحساب قوة العدسات التي يحتاجها الشخص. وهذه الطريقة وإن كانت سريعة إلا أنها لا تعني الدقة المتناهية في الكشف بل هي في الحقيقة طريقة للكشف المبدئي، ومن ثم يجب أن يتم التأكد من ذلك الكشف عن طبيب العيون لكي يصف مقاس النظارة النهائي والمناسب للعين، ويستحسن عدم الاعتماد الكلي على القياس بالكمبيوتر لعمل النظارة.
(7) الكحل يقوى الإبصار:
عرف الكحل منذ قديم الزمن، وتستخدمه النساء لتظهر العينين بشكل أجمل. ولا يوجد أي دليل علمي على أن الكحل يساعد على قوة الإبصار وإنما يقتصر عمله على منع وهج أشعة الشمس القوية، وذلك يعطي الانطباع بانجلاء البصر، حيث يمنع انعكاس الأشعة المنكسرة على حافة الجفن. ويجب معرفة أن الكحل الموجود حاليًا هو غير الإثمد الذي ورد ذكره في الحديث الشريف.
وقد أثبتت الأبحاث أن معظم أنواع الكحل تحتوى على تركيز عالي من الرصاص وقد حدثت حالات تسمم عند الأطفال من جراء امتصاص نسب عالية من الرصاص المستخدم في الكحل، أدت إلى حالات مرضية خطيرة، بالإضافة إلى أن معظم أنواع الكحل الشعبي ملوثة بكثير من أنواع البكتريا والفطريات التي قد تسبب التهابات لعين الطفل.
(8) هناك حمية خاصة للأكل بعد إجراء العمليات الجراحية للعين:
بعد إجراء أي عملية جراحية للعين لا يجب إتباع أي نظام غذائي معين، فيستطيع الشخص أكل المأكولات التي تعود عليها قبل العملية، إذ لا يوجد أي دليل علمي بأن بعض المأكولات قد تضر بحالة العين بعد الجراحة. عدا الأشخاص المصابون ببعض الأمراض والذين يستوجب عليهم إتباع حمية معينة لذلك المرض مثل مرض السكري، فإن عليهم الاستمرار في الحمية الغذائية حتى لا يتأخر التئام جرح العين.
(9) أشعة الليزر مؤلمة جداً للعين:
تستخدم أشعة الليزر لعلاج العديد من الحالات المرضية للعيون ويستخدم الليزر في شكلين أحدهما حارق ويدعى الارجون Argon أو الكريبتون Krypton أو ديود ليزر. والنوع الآخر ذو قوة قاطعة أي بمعنى أن هناك حزمتين من الإشعاع تلتقيان في نقطة واحدة، وعندما تكون قوتهما كافية فإنه يحصل قطع في النسيج الذي وجهت إليه الأشعة وتدعى هذه الأنواع بالياج ليزرYAG laser وهو ليزر بارد. كما أن هناك أنواعًا أخرى من الليزر مثل الاكسيمر ليزر المستخدم في تصحيح الأخطاء الانكسارية Refractive Errors.
والواقع أن أشعة الليزر المستخدمة في علاج أمراض العيون هي أشعة غير مؤلمة ولا يحتاج الإنسان في أغلب الأحيان إلى أكثر من قطرة مخدرة لسطح العين قبل إجراء عمليات الليزر.