إن السنة وعاء تربوي، ينهل من معينه -الذي لا ينضب- العلماء والقادة والمربون؛ في إبداع أحسن الوسائل التربوية التي ترشدهم في توجيه المتعلمين إلى أن يكونوا في صفوة الأذكياء وخيرة الأصفياء. ومن بين أبرز الوسائل التعليمية التي استخدمها رسول الله عليه الصلاة والسلام في مجالسه التربوية، هي إلقاء السؤال. وقد مشى فيه عليه الصلاة والسلام على نقل المتعلمين من عالم المادة إلى عالم الروح، ومن الجسد إلى العقل، ومن الاستماع إلى الانتفاع، ومن الإلقاء الشفهي إلى الارتقاء العرفاني. هذه المقاصد كلها رسّخت في نفوس المتعلمين الحكمة في أروع صورها، والسؤال ما جعل مجالس النبي صلى الله عليه وسلم تحفها بركات العلم، وتدفع المتعلمين إلى تسخير كل طاقتهم العقلية، ومواهبهم الفكرية وقدراتهم الوجدانية… في استنباط أصلح الأحكام وأحسن الاختيارات التي تنقلهم في عالم الأكوان من المشاهدة إلى الشهود، ومن الأخذ إلى البذل، ومن الضيق في الفكر إلى السعة في رحاب الوجود. فهذه هي السنة التي صنعت العقول وأنتجت الأفكار، وتربى في مجالسها عظماء النفوس، وأساطين العلوم، الذين اصطفاهم الله أن يكونوا من خير الأمم. والمتأمل في طبيعة الأسئلة التي وُجهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شتى المناسبات، أو ألقاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجالس معينة، سيجدها أنها دونت في السنة النبوية، لتضع بصمات تربوية وهي تعليم الناس فن إلقاء السؤال؛ وهو ما لا يتحقق إلا بشروط منهجية ومقاصد تربوية تفهم من التأمل في مجموعة من الأحاديث النبوية، وهي:
أن يخاطب السؤال أعماق النفس البشرية من الوجدان والقدرات والقيم والمعارف، ويشمل مناحي الإنسان وطاقاته الظاهرة والباطنة: وهذا يميز الأسئلة النبوية الموجهة إلى المخاطبين في قضايا الخلق والوجود، وهي أسئلة تأخذ بلب الإنسان نحو الاستسلام إلى أحكام الله وسننه في الكون، ومثاله في السنة ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، فحدثوني ما هي؟” فوقع الناس في شجر البوادي، قال عبد الله: ووقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: “هي النخلة” (رواه البخاري).
أن يرتبط السؤال بمناسبة، تقتضي من المربي أن يغتنمها لتمرير رسائل الخير في نفوس المتعلمين، حتى يقتنعوا بالعبرة من المشاركة أو الحضور في تلك المناسبة: ومثال ذلك ما جاء في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال: “يا أيها الناس أي يوم هذا؟” قالوا: يوم حرام، قال: “فأي بلد هذا؟” قالوا: بلد حرام، قال: “فأي شهر هذا؟” قالوا: شهر حرام، قال: “فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا”. فأعادها مرارًا، ثم رفع رأسه فقال: “اللهم هل بلّغت، اللهم هل بلّغت؟”، وهذا السؤال فهم منه حبر الأمة عبرًا ودروسًا ثم قال ابن عباس رضي الله عنه : فوالذي نفسي بيده، إنها لوصية إلى أمته صلى الله عليه وسلم : “فليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض”. فانظر إلى المربي كيف أحسن اغتنام فرصة اجتماع الناس في الحج الأكبر، ليرسخ في نفوسهم مقاصد الشريعة التي جاءت من أجل حفظها في الأنام، وهي حفظ النفس والمال والعرض.
أن يكون السؤال يتوخى انتباه المتلقي، ليراجع سلوكاته وتصرفاته الخاطئة ويوجهها التوجيه الصحيح، وينطلق من معرفة السائل لواقع المتلقي، وما يحيط به من أحوال تستوجب من السائل أن يصححها عن طريق السؤال: ومثاله ما جاء في البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : “يا عبد الله، ألمْ أُخبَرْ أنك تصوم النهار وتقوم الليل”، فقلت: بلى يا رسول الله، قال: “فلا تفعلْ، صمْ وأفطِر، وقمْ ونمْ، فإن لجسدك عليك حقًّا، وإن لعينك عليك حقًّا، وإن لزوجك عليك حقًّا، وإن لزورك عليك حقًّا، وإن بحَسْبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها، فإن ذلك صيام الدهر”. فشَدَّدْتُ فشُدِّدَ علَيَّ، قلت: يا رسول الله، إني أجد قوة؟ قال: “فصمْ صيام نبي الله داود عليه السلام ولا تزد عليه”، قلت: وما كان صيام نبي الله داود عليه السلام ؟ قال: “نصف الدهر”. والمتلقي لم يفهم العبرة من السؤال الذي وجهه إليه المربي محمد صلى الله عليه وسلم الذي لا يسأل إلا لعلم وعبرة مقصودة ترسيخها فيه، ولهذا كان عبد الله يقول بعدما كبر: يا ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم .
أن يكون السؤال هادفًا، يحمل في ألفاظه رسائل موجهة للأفكار ومرسخة للقيم ومصححة للمفاهيم: ومثال ذلك ما جاء في البخاري عن أبي واقد الليثي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه، إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد، قال: فوَقَفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهبًا، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه”. ففي هذا الحديث النبوي تنجلي لمسات تربوية مشرقة للمربي محمد صلى الله عليه وسلم في حث الناس على التعلّم والعلم، فاختار صلى الله عليه وسلم السؤال رسالة موجهة للاختيارات التي يختارها الإنسان في التعلم. فقد اغتنم حدثًا طرأ في الحال، وهو قصة النفر الثلاثة، واستنبط منه درسًا في حسن الإقبال على العلم والتعلم بدون أن يطيل على الناس في النصح والإرشاد.
أن ينشئ في نفوس السامعين الرغبة في الاستزادة من تمثل العلم والحلم والاجتهاد في المسائل: ومثاله عن الحارث بن عمرو عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبعث معاذًا إلى اليمن قال: “كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟” قال أقضي بكتاب الله، قال: “فإن لم تجد في كتاب الله؟” قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: “فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في كتاب الله؟” قال: أجتهد رأيي. (رواه الترمذي)
أن يفتح السؤال الباب أمام السامعين للمشاركة جماعة في الإجابة عنه، وحثهم على عدم الاقتصار في التفكير على المتعارف عليه، لأن المطلوب فيه هو الغوص في أعماق الأفكار وبواطن الأشياء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “أتدرون مَن المفلس؟” قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال صلى الله عليه وسلم : “إن المُفْلِس مِن أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار” (رواه مسلم).
أن لا يكون الغرض من السؤال السخرية والتهكم والاستهزاء: ومثاله ما جاء عن عبد الله رضي الله عنه قال: بينا أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في خَرِب المدينة وهو يتوكّأ على عَسيبٍ معه، فمرّ بنفر من اليهود، فقال بعضهم لبعض: سَلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسألوه لا يَجيءُ فيه بشيء تكرهونه، فقال بعضهم: لَنسألنّه، فقام رجل منهم فقال: يا أبا القاسم، ما الروح؟ فسكت، فقلت: إنه يوحى إليه، فقمت، فلما انجلى عنه، فقال: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)(الإسراء:85).
أن يكون السؤال دقيقًا من حيث العبارات والألفاظ والمقاصد، ويكون مختصرًا ما أمكن، تنتفي فيه معاني التعميم والإرسال، ويكون مركزًا يوصل إلى الغرض المطلوب، دون أن يشوبه الاضطراب واللبس: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، مَن أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: “أمك”، قال: ثم مَن؟ قال: “أمك”، قال: ثم من؟ قال: “أمك”، قال: ثم من؟ قال: “ثم أبوك” (رواه البخاري).
أن يكون السؤال يتميز بالوضوح، لأنه كلما كان واضحًا، كان الجواب يسيرًا يبعث على النشاط، ويحد من الملل: ويمثل له بما جاء في البخاري في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن ضِمَام بن ثعلبة سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: نشدتك بربك ورب من قبلك، آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “اللهم ونَعَمْ”، قال: فأنشدتك بالله، آلله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “اللهم ونعَمْ”، قال: فأنشدك بالله، آلله أمرك أن نصوم هذا الشهر في السنة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “اللهم ونعَمْ”، قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتَقْسِمَها على فقرائنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “اللهم ونعَمْ”، فقال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورائي من قومي”.
أن يكون السؤال على أكمل المراتب وأحسن المطالب، يرتقي بالإنسان من الجهل إلى العلم، ومن الدنيا إلى الآخرة، ومن الأرض إلى السماء: ومثاله ما جاء في البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال: “أن تَصدَّق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر، وتأمُلُ الغنى، ولا تُمْهِل حتى إذا بلغتْ الحلقومَ”، قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان”.
أن يكون الجواب عن السؤال يفتح الباب لاختبار النفس، وإخضاعها للتجريب والتحليل والمقارنة: جاء في البخاري عن عائشة رضي الله عنه أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قلن للنبي صلى الله عليه وسلم : أينا أسرع بك لُحوقًا؟ قال: “أطولكنّ يدًا”، فأخذوا قصَبَة يذرعونها، فكانت سَودةُ أطولهنّ يدًا، فعلِمْنا بعدُ أنما كانت طولَ يدها الصدقةُ، وكانت أسرعنا لُحوقًا به، وكانت تحب الصدقة”.
أن لا يخرج السؤال إلى حد الانحراف والتطرف والغلو والتشديد؛ لأن المطلوب في السؤال هو تحصيل التوسط في المآل، والاقتصاد في الغاية. ومراعاة هذا المبدأ تجعل المربي، يراعي الفروق الفردية بين الناس، ويخاطبهم بما لا يخرجهم عن مدارج الحق، ومواطن الصواب. ومثاله ما جاء في البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أُخبِروا كأنهم تَقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم: أمّا أنا فإني أصلّي الليل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله، إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلّي وأَرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني”.
أن يتضمن السؤال الإشارات والعلامات الدالة على الجواب: ومثاله ما جاء في البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله، أرأيت لو نزلتَ واديًا وفيه شجرة قد أُكِل منها، ووجدتَ شجرًا لم يؤكل منها، في أيِّها كنتَ تُرْتِعُ بعيرَك؟ قال: “في التي لم يُرتَعْ منها”، تعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بِكْرًا غيرَها.
أن يتضمن السؤال حسن الظن بالمتلقي، ولا يكون الهدف منه التنقيص منه وإيقاع المتلقي في الوهم والحيرة: ومثاله ما جاء في البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف مِن اثنتين، فقال له ذو اليدين؟ أَقَصُرَتْ الصلاة أم نسيتَ يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “أَصَدَقَ ذو اليدين؟” فقال الناس: نعم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين أُخْريَين، ثم سلّم، ثم كبّر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع ثم كبّر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع وسلّم”.
أن يكون صادرًا من بُعد النظر وعمق الفكر؛ لأنه إذا انعدم النظر، يكون الجواب قاصرًا لا يحيط بالواقع المرغوب في فهمه وتحقيق مناطه. مثاله ما رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال صلى الله عليه وسلم : “وماذا أعددتَ لها؟”، قال: لا شيء، إلا أني أحب الله ورسوله، فقال صلى الله عليه وسلم : “أنت مع من أحببتَ”. قال أنس رضي الله عنه: فما فرِحْنا بشيء فرَحَنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : “أنت مع من أحببتَ”.
أن يكون السؤال واقعيًّا، أي قريب التحقق في الواقع، وتدعو إليه الحاجة والضرورة: عن أم سلمة قالت: جاءت أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : “إذا رأت الماء”، فغطت أم سلمة -تعني وجهها- وقالت: يا رسول الله، وتحتلم المرأة؟ قال: “نعم، تربت يمينك، فبم يشبهها ولدها”.
أن لا يكون السؤال غاية في حد ذاته: ومثاله ما جاء في البخاري عن أبي موسى رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها، فلما أُكثر عليه غضِب، ثم قال للناس: “سلوني عما شئتم”، قال رجل من أبي؟ قال: “أبوك حذافة”، فقام آخر فقال: من أبي يا رسول الله؟ فقال: “أبوك سالم مولى شيبة”. فهذا السؤال لا معنى له، فالسائل يسأل من أجل السؤال، فلو عرف أن السؤال شُرع لغاية لما سأل، ولهذا كره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
أن لا يُخرج السؤال المتلقي من علم إلى آخر، ومن فكرة إلى أخرى، وينقله حتى تنفلت منه كل العلوم والأفكار: ومثاله ما جاء في البخاري عن أبي هريرة قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم، جاءه أعرابي، فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث، فقال بعض القوم: سمِع ما قال فكَرِه ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال: “أين أراه السائلُ عن الساعة؟”.
خاتمة
كان السؤال في السنة النبوية حمّالاً لآمال التغيير في نفوس السامعين، يوجههم إلى الميل نحو الرشد التربوي، والاهتداء إلى أقوم المكارم التي تجعل أمته خير أمة أخرجت للناس. وهو ما جعل الأسئلة النبوية تَقبل التنفيذ والإنجاز من المخاطبين، ولم تكن لغوًا لا يرجى منها نفع ولا خير. وهو ما بث التفاؤل والتحفيز في النفوس للوصول إلى الحقائق، انتهى بهم إلى الاتفاق بينهم على إنجاز مشروع علمي واجتماعي وأخلاقي، وهو مشروع الهدي النبوي في الكون.
(*) كاتب وباحث / المغرب.