هل ساءلت نفسك يومًا ما الذي أقدمه لهذا الوطن وكيف أخدم هذه الأمة وكيف أسعى بها إلى الأمام؟ أنا لم أفعل! أنت لم تفعل! هم لم يفعلوا! من إذن سيفعل؟.
هل نرقى لنستحق العيش في وطن يحفظ لنا كرامتنا؟ أو بصيغة أخرى وأصح: هل هذا الوطن مكرم في نفوسنا؟ هل تراه وطنك حقا صورتك، مصيره هو مصيرك؟ أم هو كالبقرة الحلوب ما إن ينفذ عطاؤها حتى نبيعها أو نذبحها!.
أخبروني! لا بل أسائل نفسي وليسائل كل منا نفسه في خفية: هل أخطط لمستقبل هذا الوطن كما أخطط لمستقبلي؟ عندما أمسك هذا القلم وأخطط لليوم والغد، للشهر القادم والأعوام المقبلة؟ هل جلسنا في يوم ما في سنة ما ووضعنا القلم بين الأنامل وغلقنا الأبواب، وأخرسنا الأصوات، وكتبنا بالخط العريض: كيف لي أن أخدم الوطن؟ من موقعي، ما الذي أستطيع تقديمه لخدمة هذا البلد؟ هل سألت وطنك يومًا كما تسأل الغرباء مرات ومرات:وطني هل من خدمة؟ هل تعتقد فعلاً أنك الفرع والوطن هو الأصل؟
مهما يا أعزائي استخفينا أنفسنا واستهزأنا بالواقع فالحقيقة كالصباح لا يحجبها الزجاج، حتى وإن غادرت الوطن، حتى وان لمعت في غيره، أنت لا شيء ما لم تقدم الأفضل والأحسن لهذا الوطن، نحن لا نعدو أن نكون مسخًا في بلاد الغير، لا نعدو أن نكون أشياء في نظر الغير، نحن عقوق فاضح في وطن الغير، هلا صرنا أكثر صلابة فلا الظروف ولا الاغراءات تستطيع أن تفصلنا عن الأصل؟ وتتيه بنا الطرقات وتختلف بنا السبل، وعندما ينطفئ النجم يعود لينام في أحضان الوطن بعد كل العقوق يجد الأحضان، يجد الأحضان تنتظره كما ضمته صغيرًا تضمه كبيرًا من جديد، إلى متى التسويف، لا بل إلى متى التنكر للمسؤولية، أنا وأنت وهم، كلنا مسؤولون بلا استثناء الطالب من مقعده والطبيب من مشفاه والأستاذ من أقسامه والمهندس من مكاتبه والجزار والبناء…
الكل من موقعه مسؤول: على الجميع أن يقدم ليس ما يستطيع، لا بل أن يقدم أفضل ما يستطيع. لنرتب أولوياتنا، لنصدق مع أنفسنا، هذا الوطن بيتنا وعرضنا، سفكت دماء وقطعت أرزاق ليبقى شامخًا، إن كان الآباء لم يسلموه لنا في أجمل حلة، فهل نرضى أن نسلمه لأبنائنا في أبشع صورة؟ أهمسها في أذنك: تستطيع تقديم المستحيل لهذا الوطن، تستطيع فعل المعجزات، فقط تحل بالصدق والعزم ثم تقدم.