الدموع هي إهداء النفس للنفس، وعندما تبكي بدون خجل فقد وصلت إلى قمة النضج النفسي والذهني. فالدموع البشرية تروي النفس وتغذيها، إذ يفرز الإنسان العادي بمعدل ثابت حوالي نصف لتر من الدموع في العام، أي بمقدار 1.5 سم مكعب في اليوم.
ومن هنا يجيء التساؤل عما إذا كانت هناك علاقة بين عدم ذرف الدموع والإصابة بالمرض. والإجابة بالطبع كما يقول العالم الأمريكي “وليم فري”: “فالدموع تعمل على إخراج المواد السامة التي تولدها بعض حالات الانفعال، ولذا فإن حبس الدموع يُعرض الإنسان للإصابة بالتسمم البطيء”.
البكاء بين الرجل والمرأة
أجرى الكيميائي “وليم فري” عدة دراسات وأبحاث مع فريق من زملائه، منها دراسة على 331 متطوعًا من الجنسين تتراوح أعمارهم بين 18-75 سنة، وقد طلب من متطوع تسجيل يومياته عن البكاء لمدة ثلاثين يومًا. وقد أظهرت النتائج أن السيدات سجلن 5.4 حالة بكاء كاستجابة لجهد انفعالي خلال هذه المدة، على حين سجل الرجال متوسط 1.4 حالة. واتضح من الدراسة أن 73% من الرجال و85% من السيدات بصفة عامة، شعروا بارتياح بعد البكاء.
من بين أفراد تلك المجموعة، لم يبك 45% من الرجال و6% من السيدات الذين يتمتعون بصحة جيدة.
أما أسباب البكاء الرئيسية للمرأة فقد تضمنت علاقات مع الناس، وغالبًا لانفصالها عن شخصية محبوبة. وكانت الانفعالات الأساسية هي الحزن بنسبة 49% والفرح بنسبة 21% والغضب 10% وبينما عبرت معظم السيدات عن غضبهن بالدموع، فإن الرجال لم يفعلوا ذلك.
وأكدت تجارب “فري” أن الدموع تخلص الإنسان من مواد سامة يصنعها الجسم كله في حالة توتر. وكشفت الدراسة أن تركيب الدموع يختلف تبعًا لمسبباته وللأشخاص الباكين أيضًا. فقد تبين أن دموع الفرح -مثلاً- تحتوي على نسبة كبيرة من الزلال تزيد بحوالي 25% عن الدموع الأخرى. كما اتضح أن نوبات البكاء تحدث بشكل أساسي بين السابعة والعاشرة مساءً، وأن احتمال البكاء أثناء مشاهدة فيلم مؤثر أكثر في المساء عنه في الصباح.
آخر الدراسات النفسية عن الدموع
خلصت هذه الدراسات إلى بعض الحقائق الهامة التي تهمنا والتي سنورد منها ما يلي:
- يتجدد فيلم الدموع داخل عينيك “13 ألف مرة” في اليوم الواحد، لذلك من لا يبكي أبدًا ولا تتساقط دموعه، فإنه يعاني حقًّا من ظاهرة مرضية غير طبيعية.
- هناك شعوب لا تبكي كثيرًا، حيث أثبتت الدراسات أن نسبة البكاء عند الشعب الفرنسي 8%.
- الذي يبكي، هو الذي يُمزق كل الأقنعة والاعتبارات وكل الأدوار الاجتماعية.
- إذا أحببت هذا النبع الغامض (الدموع)، فإنك تمسح قسوة نفسك على نفسها، وبالتالي على بقية البشر… لذلك دائمًا يقولون: “إن من لا يعرف الدموع لا يعرف الرحمة”. وإن الذي لا يبكي فعندما يتألم فإنه يتألم أكثر، لأنه يشعر بالألم مرتين.
- الانفعالات المؤلمة والعنيفة لابد وأن تظهر من خلال العينين، وهي دائمًا ما تكون أقوى من أي حوار صادق، لأنها عبارة عن عبارات تترجم نبضات القلب تجاه الموقف.
إن نقطة الدموع التي تنساب من العين يوميًّا وبطريقة آلية، ضرورية جدًّا لنظافة العين وتشحيمها… وإن اختلاج الجفون الذي يحدث ما بين عشر مرات إلى خمس عشرة مرة في الدقيقة، يعمل على توزيع الدمعة بالتساوي على قرنية عين الإنسان الطبيعي الذى يبكي حينما يشعر بذلك ولا يحبس الدموع.
ومن المؤكد أن الدموع لم تعد تُوزع كما يجب منذ أن أصيب الإنسان بحالة مرضية سميت بـ”مرض التمساح”، وهو البكاء بغزارة كلما جرى المضغ.
من فوائد الدموع
- تساعد على مرونة حركة الجفون العلوية والسفلية.
- تساعد أيضًا على حمايتها كأداة لتطهيرها بصورة مستمرة.
- تساعد على حمايتها من الإصابة بالجفاف.
- كما تساعد على طرد أي مواد مهيجة للعين، مثل الفلفل والدخان أو مواد صلبه كالأتربة.
- وتقوم عن طريق الغدة الدمعية بإدرار الدموع، وطرد هذه الأجسام الغريبة، لتعود إلى شفافيتها وتنظيفها.
- كما تقوم الدموع على شفافية القرنية وحمايتها عن الجفاف.
- تساعد على وضوح الرؤية وقوة الابصار ودقتها.
- تخلص الجسم من المواد الكيماوية المتعلقة بالضغط النفسي.
فابكِ عزيزي القارئ كما تريد، ابكِ بدون خجل، ففي البكاء شفاء وعلاج لكثير من الأمراض.
ولتكن لنا مع أنفسنا وقفات ووقفات، نتأمل فيها ونبحث عن كوامن وأسرار خلق الله سبحانه وتعالى للإنسان، لنقف خاشعين خاضعين متذللين للخالق جل شأنه، نقر بوحدانيته ونذعن له بالاستسلام والطاعة.
فالله سبحانه لم يخلق أي عضو -في أجسامنا- إلا بإحكام وتقدير، لكي يلائم طبيعة وظيفته. فسبحان المبدع الخالق جل شأنه، وصدق الله العظيم القائل: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ)(الذاريات:21).
المصدر: مجلة حراء العدد:35
الملاحظة: لقراءة المقال كاملا ارجع إلى العدد 35 من مجلة حراء.