عندما أصيبت روح الأمة بالعطب، وغشيتها غاشية من الظلمة، وفقدت توهجها وتألقها؛ تدهورت، وتدهورت معها القيم، ونضب معين الشجاعة، وبدأت تفقد مُثُلها العظمى شيئًا فشيئًا وتتناسى رسالتها، فتراجعت حتى غدت في مؤخرة الأمم وفي ذيلها بعد أن كانت في الصدارة منها. ولا عودة لهذه الأمة إلى سابق عهدها من القوة والمنعة واحترام الأمم، إلا بانبعاث روحي جديد ينتشلها من وهدة التخلف والضياع.. إلى هذه الروح العظيمة يشير الأستاذ فتح الله كولن في مقاله الرئيس لهذا العدد من حراء.
وفي مقال “مجتمع الرحمة” ينبّه “عائض القرني” إلى ملامح الرحمة في المجتمع الإسلامي، “فإن من ينظر إلى مجتمعنا يجد أننا قساة مع بعضنا، إذا خالفَنا شخص أغلظنا عليه وجُرنا في الحكم”، وهذا مما ترفضه القيم الإسلامية التي تجد في الرحمة مفتاحًا علاجيًّا لأخطاء المذنبين أو المخطئين.
ويكتب “ناصر أحمد سنه” عن “تلاميذ مدارس الخدمة وقدراتهم المتميزة”، مؤكدًا على أن هذه المدارس إنما هي صروح علمية وإيمانية تعمل على توكيد الصلة بين عقل الإنسان وعقل الكون. كما يشيد المقال بأهلية الأساتذة العاملين في هذه المدارس وقدراتهم الفائقة ليس على التعليم فحسب، بل وعلى التربية الإيمانية والسلوكية.. وذلك بما يقدمونه من نماذج في السلوك والعلم والتواصل مع التلاميذ، مما يجعلهم يتخذون من معلّميهم قدوة في كل شيء. ومن هنا جاء تميزهم وتفوقهم على أقرانهم في أعرق المدارس العالمية، حيث يحوزون على قصب السبق والأولوية في كل الاختبارات التي تجريها لهم معاهد علمية معتبرة على مستوى العالم.
و”الشاهد البوشيخي” في مقاله “نظرات في مفهوم القوة في الإسلام” يتحدث عن بعض مظاهر القوة التي يمكن الإفادة منها، حتى في العبادات التي يؤديها المسلم في نهاره وليله فيقول: “إن الإسلام يهتم بالمعاني الخارجية، ولكن المعاني الداخلية عنده أهمّ، وإنما تعتبر المعاني الخارجية وسائل ومساعدات لتحصيل تلك المعاني الداخلية”.
وعن “الجمال وسؤال المقصد في القرآن الكريم” يكتب “عبد القادر بوعرفة” فيقول: “نؤمن بأن الجمال حركة تعبيرية ترتبط بسؤال المعنى والمقصد، وأن كل تعبير يتغذى من نظرية المقاصد الاجتماعية، فالعمل الفني ينخرط في تشكيل تصورات الجماعة عن ماضيها وحاضرها ومستقبلها”.
و”فؤاد البنا” يكتب تحت عنوان “القوانين العشرة للتميز النحلاوي” فيقول: “وفي هذه المقالة المقتضبة، سنعرّج على جوانب الاستهداء، وسنركز على استنباط عشرة قوانين للتميز النحلاوي، مسطرين إياها بالعسل، ومرتشفين حلاوتها من الشهد النحلاوي”.
أما “محمد بن إبراهيم السعيدي” فيكتب مقالاً عن “التأصيل الشرعي في حماية الفكر” يقول فيه: “فكما أن النصوص القرآنية أشادت بأرباب العقول، فقد حرصت على حماية هذا النشاط الذهني من الزلل.. وانحصارُ الحق في الإسلام ليس مقتصرًا على الجانب العقدي، بل يشمل الجانب الفقهي أيضًا”.
وبعد، فهذه إشارات مقتضبة إلى بعض مقالات هذا العدد، نأمل أن تعطي القارئ الكريم فكرة أوّلية عنها وعن أخواتها من المقالات الأخرى. هذا، وتخرج حراء مع هذا العدد إلى قرّائها بِلُوجو جديد مع بعض التغييرات الجمالية في التصميم الداخلي، إلى جانب عنوان جديد لموقعها على الإنترنيت الذي أصبح بوّابة شاملة تستوعب مضامين حراء وأنشطتها ومادتها السمعية والبصرية معبِّرة عن أفق حراء من زاوية أوسع، فنرجو أن تتابعونا من بوابة حراء الجديدة.