لقد كان عزوفنا -منذ البداية- عن العمل السياسي والحزبي اختيارًا فرضناه على أنفسنا، ولم نسمح لأنفسنا قط بتغيير هذا الموقف مهما كانت العروض والمغريات. لقد سنحت فرص كثيرة للحصول على مناصب وممارسة الحكم، وعُرضت علينا مناصب حكومية في فترات مختلفة، لكننا لم نستجب لأي من هذه العروض.
العالم يعرف أبناء الخدمة جيدًا، ويستشف نواياهم من خلال الثمار الطيبة لمدارسهم.
لقد كان لنا غاية واحدة ركزنا عليها ووفرنا كل طاقاتنا في سبيل تحقيقها، وهي تحقيق رضا الله عز وجل من خلال تنشئة مواطنين صالحين متحلين بالفضائل، ونافعين لوطنهم وأمتهم والإنسانية، وبذل الجهود المشتركة في سبيل القضاء على أعدائنا الثلاث وهي الفقر والجهل والنزاع.
ومن أجل تحقيق هذه الغاية لم نسمح لأي وسيلة دنيوية أن تشتت جهودنا، أو أن تشغلنا عن المضيّ قدمًا نحو هذه الغاية، ووقفنا موقفًا صارمًا ضد الطموح الدنيوي أو السياسي لدى أبناء الخدمة.
لقد كان عزوفنا عن العمل السياسي والحزبي اختيارًا فرضناه على أنفسنا.
ونحن في إجراءاتنا العملية وفعالياتنا المختلفة داخل تركيا وخارجها لم يرصد أحد ضدنا أي نوع من هذه الأشياء التي يدَّعونها علينا. لقد كنا نعمل تحت سمع وبصر كل الجهات الرسمية والإدارية في كل بلد، وكانوا يراقبون أعمالنا مراقبة صارمة، ولم يسجلوا ضدنا أي مخالفة منذ التسعينات حتى الآن، بل حصلت المؤسسات التربوية والتعليمية على جوائز وشهادات تقدير لإسهامها في رفع مستوى الطلاب التعليمي، وشجّعونا وعرضوا علينا المساعدة في تسهيل إجراءات فتح مؤسسات جديدة.
وهذا مؤشر واضح على أن العالم يعرف أبناء الخدمة جيدًا، ويستشف نواياهم من خلال الثمار الطيبة لمدارسهم، والأهم من ذلك كله أنه يثق بهم. إننا نؤمن بأن رضا الله تعالى بالنسبة للمؤمن لهو أغلى من الدنيا وما فيها. وإننا نبتغي هذا الرضا من خلال الالتزام بخط كفاحنا هذا.
المصدر: مواقف في زمن المحنة، حوارات إعلامية مع فتح الله كولن، دار النيل للطباعة والنشر