لهم منجزاتهم ومساهماتهم الباهرة في تطور الحضارة البشرية. وبصمات اكتشافاتهم، واختراعاتهم، وإبداعاتهم جلية في شتى المجالات العلمية، الفلكية، والطبية، والفلسفية، والرياضيات إلخ. لذا فقد تم تسمية أربعة وعشرون فوهة نيزكية، ومرتفعات صخرية على سطح القمر بأسماء كبار العلماء العرب والمسلمين.
فمن هم هؤلاء الأفذاذ الذين اعترف بعبقريتهم القاصي والداني؟
– أبو الفداء، إسماعيل بن علي بن شاهنشاه (672/1273- 732/1331): مؤرخ وجغرافي موسوعي، وحاكم مدينة حماة، تعلم أصول الدين، والفلسفة، والتاريخ، والطب، وعلم الهيأة. وخَلَفَ اثني عشر كتابًا، طبع منها ما نال شهرة عالمية كبيرة وهو: “كتاب المختصر في أخبار البشر في التاريخ” (تاريخ أبي الفداء)، وكتاب “تقويم البلدان في الجغرافيا” (جغرافيا أبي الفداء). وأما “جبل أبي الفداء” فاسمه على سطح القمر. كما نقش على أحد جدران قاعة محاضرات “الجمعية الجغرافية الفرنسية بباريس” أسماء مشاهير ساهموا في تشييد علم الجغرافيا، واسم “أبي الفداء” ثالث هذه الأسماء.
– أبو الوفاء، محمد بن يحيى بن إسماعيل بن العباس البوزجاني (328 ـ 377هـ) أحد أئمة الرياضيات والجبر والهندسة والفلك. اخترع دالة الظل، وطور مسائل حساب المثلثات الكروية، خاصة القانون العام للجيوب. وأول من أدخل القاطع، ووضع الجداول الرياضية للماس، وأوجد طريقة جديدة لحساب جدول الجيب، وكانت جداوله دقيقة. ووضع عدة كتب منها: “كتاب في عمل المسطرة والبركار والكونيا” ويقصد بالكونيا المثلث القائم الزاوية، وكتاب “ما يحتاج إليه العمال والكتاب من صناعة الحساب” واشتهر باسم “كتاب منازل الحساب”، وكتاب “فيما يحتاج إليه الصناع من أعمال الهندسة”، وكتاب “إقامة البراهين على الدائر من الفلك من قوس النهار”، وكتاب “تفسير كتاب الخوارزمي في الجبر والمقابلة”. وقد أطلق اسمه على منطقة بالقرب من خط الاستواء القمري.
– البكري، أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري الأندلسي (432هـ/ 1040م -487هـ/ 1094م) مؤرخ جغرافي، وعلامة بالأدب، والنبات. وهو أول الجغرافيين المسلمين، وأكبر جغرافي أنجبته الأندلس. ألّف عدة كتب منها كتابين جليلين: “معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع”، و”المسالك والممالك”، وقد طبع منه “البارون دي سلين” قطعة باسم “كتاب المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب”، بالجزائر عام 1857. وله في علم النبات: “كتاب أعيان النبات والشّجريّات الأندلسية”. وفي عام 1949 أطلق اسمه على فوهة من فوهات القمر في الشمال الشرقي له.
– البَيْرُوني ، أبو الريحان محمد بن أحمد البَيْرُوني (362هـ / 973م- 440هـ/ 1048م) من بين أعظم العقول التي عرفتها الثقافة الإسلامية، وأطلق عليه المستشرقون “بطليموس العرب”. كان رحالة وفيلسوفًا وفلكيًا وجغرافيًا وجيولوجيًا ورياضياتيًّا وصيدلانيًا ومؤرخًا ومترجمًا لثقافات الهند. حدد بدقة خطوط الطول وخطوط العرض، وأول من قال وأثبت دوران الأرض حول محورها، وحساب محيطها. وصنف ما يربو على مائة وعشرين كتابًا، ومن أهمها: “الآثار الباقية عن القرون الخالية”، و”تحقيق ما للهند من مقولة مقبولةٍ في العقل أو مرذولة”، و”القانون المسعودي”، و”التفهيم لأوائل صناعة التنجيم”. وقد سميت فوهة بركانية على سطح القمر باسمه.
– الخوارزمي، أبو عبد الله محمد بن موسى (164هـ/ 781م- 232هـ/ 847م) رياضي وفلكي وأحد عباقرة العالم. أدخل الصفر إلى الأعداد، وأسس علم الجبر واللوغاريتمات، وواضع أسس “علم الجبر الحديث”. أول من فصل بين علمي الحساب والجبر، وعالج الجبر والحساب بأسلوب منطقي علمي. وترك آثارًا مهمة في علم الفلك، وغدا “زيجيه” مرجعًا لأرباب هذا العلم. أن نهضة العلم في الرياضيات والفيزياء اعتدت على اسهاماته الجليلة. ترك عددًا من المؤلفات أهمها: الزيج الأول، والزيج الثاني المعروف بالسند هند، وكتاب الرخامة، وكتاب العمل بالإسطرلاب، وكتاب الجبر والمقابلة للمعاملات التي تجري بين الناس.
– المراكشي، الحسن بن علي بن عمر (توفي 660هـ/ 1262م): عالم موسوعي مغربي اشتهر في الفلك، والرياضيات، والجغرافيا، وصناعة الساعات الشمسية. وأدخل تعديلات في حساب المثلثات، ووضع خريطة جديدة للمغرب العربي، وصحح ما ورد من أخطاء الجغرافيين القدامى، ولاسيما الخريطة التي رسمها بطليموس. ثم وضع تقديرًا جديدًا وصحيحًا لطول البحر المتوسط بخلاف ما قدره “بطليموس” وبعض جغرافي العرب، إلى جانب جداول العرض والطول لمائة وخمسة وثلاثين موضعًا جغرافيًّا. وله كتب كثيرة، وأطلق اسمه علي سطح القمر.
– البتاني، محمد بن جابر بن سنان الحراني (توفي 306 هـ/ 918م): عالم رياضيات وفلكي عظيم. له نظريات في علمي الجبر وحساب المثلثات. اشتهر برصد الكواكب وأجرام السماء. وترك مؤلفات في الفلك، والجغرافيا. وله جداوله الفلكية المشهورة التي تعتبر من أصح الجداول التي وصلتنا من العصور الوسطى. وفي عام 1899م طبع بمدينة روما كتاب “الزيح الصابي” للبتاني. ويضم الكتاب أكثر من ستين موضوعًا.
– الفرغاني، أبو العباس أحمد بن محمد بن كثير (توفى بعد عام 247هـ/ 861م) رياضي وفلكي من أوزبكستان، عمل في بيت الحكمة في عهد المأمون، وعهد إليه “المتوكل” ببناء مقياس منسوب مياه نهر النيل في الفسطاط، فأشرف عليه وأنجز بناءه وكتب اسمه عليه. كما حدد قطر الأرض بـ 6500 ميل، وحدد أقطار الكواكب السيارة. ويعرف عالمياً باسم Alfraganus، ومن مؤلفاته كتاب “جوامع علم النجوم والحركات السماوية”، وكتاب في “الاسطرلاب”، وكتاب “الجمع والتفريق”. ومنح اسمه لـمنطقة في المرتفعات الوعرة من القمر.
– أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم (354هـ/965م- 430هـ/1040م) قدم إسهامات كبيرة في البصريات وطب العيون، والرياضيات والفيزياء والفلك والهندسة والفلسفة العلمية بتجاربه التي أجراها مستخدمًا المنهج العلمي. وله العديد من المؤلفات والمكتشفات العلمية التي أكدها العلم الحديث. ركز “أبو علم البصريات” جهوده وتجاربه على فيزياء الضوء، ولامس اكتشاف نظرية العدسات المكبرة، والعلاجية. وكان أول من قدم وصفًا صحيحًا لأجزاء العين، وأعطى تفسيرًا “ثوريًّا” للكيفية التي تُبصر بها الأشياء. ويعد كتابه “المناظر” ثورة علمية أسست لبُنية علم البصريات الحديث Optics.
– أبو إسحاق، نور الدين البطروجي الإشبيلي (توفي 600 هـ/ 1204م) فلكي وفيلسوف مغربي. طوّر نظرية حركة الكواكب، وأشار للحركة البيضاوية لها حول الشمس، وأثبت كروية الأرض ودورانها حول نفسها. من أهم مؤلفاته كتاب الحياة. توجد فوهة بركانية باسمه (ألپتروجيوسAlpetragius)) في الحافة الشرقية لمنطقة ماري نوبيوم للقمر.
– الزرقالي، أبو إسحاق إبراهيم بن يحيى التّجيبيّ النقّاش (1029 ـ 1087) ويعرف في اللاتينية باسم “Arzachel”: فلكي ورياضي من طليطلة. أول من قاس طول البحر المتوسط بشكل صحيح حيث أعطى اثنتين وأربعين درجة وهو رقم قريب جداً من قيم القياسات الحديثة. وأول من أثبت أن رحلة ميل أوج الشمس هي (12,04) ثانية بالنسبة للنجوم الثوابت، والرقم المعاصر هو (11،08). وهو أول من قال بدوران الكواكب في مدارات بيضاوية، وحسّن صناعة الإسطرلاب وابتكر آلات فلكية جديدة. ومنح لقب الزرقالي لفوهة على سطح القمر.
– الشيخ الرئيس “أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا” (370هـ/ 980م- 427هـ/ 1037م): طبيب وفيلسوف من بخارى. ألف كتاب “القانون” في الطب الذي أصبح مرجعًا طبيًّا حتى القرن السابع عشر الميلادي. وقد ألّف 200 كتابًا ورسالة في مواضيع متنوعة وبخاصة الفلسفة والطب وهو أول من كتب عن الطبّ في العالم مُتبعاً نهج أبقراط وجالينوس. وأوَّل من وصف “التهاب السَّحايا الأوَّليِّ” وصفًا صحيحًا، وأسباب اليرقان، وأعراض حصى المثانة، وانتبه إلى أثر المعالجة النفسانية في الشفاء